فورين أفيرز: مؤشرات أزمة عالمية تنذر بنهاية الهيمنة الأميركية

2020-06-25

نشرت فورين أفيرز الأميركية تحليلا يقول إن هناك مؤشرات عديدة تشير إلى أزمة في النظام العالمي، تنذر بنهاية هيمنة الغرب بقيادة الولايات المتحدة وصعود قوى أخرى منافسة.

وقالت المجلة -في تحليل بعنوان "كيف تنتهي الهيمنة؟.. تفكك قوة أميركا" للكاتبين ألكسندر كولي ودانييل نيكسون- إن هناك مظاهر عديدة للأزمة التي يشهدها النظام العالمي من ضمنها الاستجابة غير المنسقة لجائحة كورونا والأزمة الاقتصادية الناجمة عن تفشي الوباء، وعودة السياسات القومية، وإغلاق الحدود بين الدول، وكلها مؤشرات على ظهور نظام دولي أقل تعاونا وأكثر هشاشة.

وأشارت إلى أن العديد من المراقبين يرون أن هذه التطورات تؤكد مخاطر السياسة التي ينتهجها رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب والقائمة على شعار "أميركا أولاً" وتخليه عن دور بلاده في قيادة العالم وعن التزامها بتعزيز نظام دولي ليبرالي.

ووفقا للكاتبين فإن بعض المحللين يعتقدون أن الولايات المتحدة لا تزال قادرة على تغيير هذا الوضع، بعد خروج ترامب من البيت الأبيض، وذلك من خلال استعادة الإستراتيجيات التي استطاعت من خلالها بناء نظام دولي ناجح وحافظت عليه منذ نهاية الحرب العالمية الثانية إلى ما بعد الحرب الباردة، وبذلك تكون حقبة ترامب ووباء كورونا مجرد انحراف مؤقت عن المسار بدلاً من أن تكون خطوة على طريق الفوضى الدائمة.

ولكنهما يختلفان مع هذا التحليل، فبالرغم من أن التوقعات بشأن التراجع الأميركي والتحول في النظام الدولي ليست جديدة ولم تكن دقيقة في الماضي، فإنها مختلفة جدا هذه المرة، إذ إن نفس العوامل التي ساهمت في بسط الهيمنة الأميركية من قبل هي التي تقود عملية تفككها اليوم.

عوامل التفكك

وأشار المقال إلى أن عوامل ثلاثة مكنت من تشكيل نظام عالمي بقيادة الولايات المتحدة بعد الحرب الباردة، أولها أن واشنطن لم تواجه أي مشروع أيديولوجي عالمي كبير يمكن أن ينافسها بعد هزيمة الشيوعية، وثانيها أنه مع تفكك الاتحاد السوفياتي والبنية التحتية المصاحبة له من مؤسسات وشراكات، لم يكن هناك بديل أمام الدول الضعيفة تلجأ إليه لتأمين الدعم العسكري والاقتصادي والسياسي غير الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين، أما العامل الثالث فهو وجود الناشطين والحركات التي تنشر القيم التي تعزز النظام الليبرالي.

هذه العوامل نفسها انقلبت اليوم ضد الولايات المتحدة، وحلت محلها حلقة مفرغة تؤدي إلى تآكل قوتها، فمع صعود قوى عظمى كالصين وروسيا، باتت المشاريع الاستبدادية وغير الليبرالية تنافس النظام الدولي الليبرالي بقيادة أميركا.

كما بات بإمكان الدول النامية، والعديد من الدول المتقدمة، أن تبحث عن راع بديل يغنيها عن الاعتماد على الدعم الغربي، وظهرت حركات لا تتبنى الفكر الليبرالي وأغلبها يمينية، وأن تعمل ضد النظام الدولي الليبرالي الذي كان صلبا يوما ما.

وباختصار-بحسب الكاتبين- يمكن القول إن هيمنة الولايات المتحدة على العالم لا تشهد تراجعا فحسب وإنما تعيش حالة من التفكك، وتراجعها ليس حلقة مؤقتة وإنما هو وضع دائم.

عودة القوى العظمى

التحليل المطول حاول استشراف ملامح النظام الجديد بعد انحسار هيمنة واشنطن، وأبرز مجموعة من المعطيات تدل على تغير حقيقي، من أهمها نهاية النظام العالمي ذي القطب الواحد الذي يحتكر فيه الغرب المكون من الولايات المتحدة وحلفائها، النفوذ والهيمنة بعد سقوط الاتحاد السوفياتي.

وأشار الكاتبان إلى عدة عوامل غيرت المشهد الجيوسياسي ومهدت لتغيير النظام العالمي، منها صعود قوى عظمى أخرى تقدم منظورا منافسا للنظام العالمي ذي الهيمنة الغربية، وذات طابع استبدادي أكثر جذبا للدول الضعيفة، إضافة إلى المنظمات الإقليمية الجديدة والشبكات الوطنية غير الليبرالية التي تنافس تأثير الولايات المتحدة، ناهيك عن التحولات بعيدة المدى التي شهدها الاقتصاد العالمي وأهمها صعود الصين.

وخلص المقال إلى أن على الولايات المتحدة، إذا كانت ترغب في أن تحتفظ ببعض التأثير لنموذجها الاقتصادي والسياسي، أن تعمل على ترتيب شؤونها الداخلية، وأن تعيد تنشيط سياستها الخارجية على نحو يضمن قدرتها على ممارسة تأثير كبير على النظام الدولي حتى في غياب هيمنتها العالمية. ولكي تنجح في ذلك، على واشنطن أن تدرك أن العالم لم يعد يشبه حقبة التسعينيات والعقد الأول من هذا القرن، وأن حقبة النظام العالمي ذي القطب الأوحد قد ولت إلى غير رجعة.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي