صور متعددة للحرب والاستنزاف.. هل تنفد ثروتنا من الرمال؟

2020-06-20

كم عدد حبيبات الرمل الموجودة على الأرض بالضبط؟ وهل يمكن أن تنفد الرمال في يوم ما؟ ورغم أن الكثير من الناس ينظرون إلى الرمال كمورد غير قابل للنفاد، فإن الحقيقة قد تكون مغايرة لذلك.

فقد توصلت أبحاث أسترالية جديدة إلى أن الطريقة التي يتم بها تقدير كميات الرمال خاطئة، كما أن هذه الثروة الطبيعية تتعرض للاستنزاف المفرط وتتأثر بالتغير المناخي وارتفاع مستوى البحار والمحيطات.

ونشرت الدراسة -التي قام بها فريق من الباحثين من جامعة سيدني الأسترالية وجامعة شرق المتوسط شمال قبرص- في مجلة "نيتشر ساينتفيك ريبورتس" في 8 يونيو/حزيران الجاري.

نماذج خاطئة

تشرح آنا فيلا كونسيجو، الأستاذة المساعدة بكلية علوم الأرض بجامعة سيدني وأحد مؤلفي الدراسة أسباب التقديرات الخاطئة لكميات الرمال بقولها "رغم أن الرمال ليست كلها متشابهة، فإن نماذج تقييم الرمال وكيفية تحركها تعتمد بشكل أساسي على أحد أنواع الرمال، وهذا يعني أن لدينا صورة غير دقيقة لما يحدث، لا سيما في المناطق الساحلية المعرضة لتغير المناخ".

وتفترض النماذج القياسية أن حبيبات الرمل كروية، وهو ما ينطبق جيدا على أنواع الرمال المكونة من السيليكا وصخور الكوارتز. لكن الأمر يختلف بالنسبة لرمال الكربونات المتشكلة من بقايا الأصداف والشعاب المرجانية والهياكل العظمية للحيوانات.

فحبيباتها تميل إلى أن تكون بيضاوية وأقل كثافة وأكثر ثقوبا وحواف. مع أخذ هذه المعطيات في الاعتبار، قدر الباحثون أن مساحات رمال الكربونات تفوق في الواقع تقديرات النماذج الحالية بحوالي 35%.

كما أظهر الفريق أن النماذج الهندسية القياسية أخطأت كذلك في توصيف حركة رمال الكربونات داخل البحار والمحيطات، فهي تبالغ في تقدير نقل رمال الكربونات في قاع البحر بأكثر من 20%، وتقلل من قيمة النقل المعلق بنسبة 10% على الأقل.

تقول كونسيجو "هذا يعني أننا لا نحسب المساحة بشكل صحيح. ورغم أن هذا له تأثير على البناء والتصنيع، إلا أنه يمكن أن يكون له تأثير كبير على إدارة المناطق الساحلية المتأثرة بتغير المناخ".

 

"الحرب" على الرمال

يستخدم الرمل في مجالات صناعية عديدة من زجاج الهواتف المحمولة إلى الطرق السريعة، ويعتبر الرمل والحصى من أكثر المواد الخام المستخرجة على هذا الكوكب، حتى أنه يتفوق على الوقود الأحفوري.

وتقدر الكميات المستخرجة سنويا من المحاجر والحفر والأنهار والسواحل والبيئة البحرية، حسب تقرير للأمم المتحدة، بما يتراوح بين 40 و50 مليار طن، تستهلك صناعة البناء أكثر من نصف هذا الحجم سنويا (بين 25.9 و29.6 مليار طن) ويمكن أن تستهلك أكثر في المستقبل.

وتوقع التقرير أن يرتفع الطلب العالمي الإجمالي إلى 60 مليار طن سنويا بحلول عام 2030، مدفوعا بزيادة عدد السكان والتحضر والنمو الاقتصادي.

ووصف الباحثون هذا الاستنزاف المفرط للرمال بكونه نوعا من "الحرب" على الرمال خاصة مع انتشار الطرق غير القانونية لاستخراجها.

 رمال الشواطئ والجزر المرجانية عرضة لتأثيرات تغير المناخ 

نماذج رياضية جديدة

ولإعداد نموذج رياضي جديد يقدر بدقة كميات الرمال وكيفية تحركها، قام الباحثون بدراسة رمال الكربونات في جزيرة هيرون، في الحاجز المرجاني العظيم، وملاحظة كيفية استجابتها للظروف الطبيعية.

وبناء على هذه القياسات، طور الباحثون معادلات رياضية جديدة تتنبأ بشكل أفضل بكثير بكيفية تحريك رمال الكربونات. ثم قاموا بمقارنة البيانات الموجودة مع حركة رمال كربونات التي تراكمت على مدى ست سنوات على الساحل الشمالي لأوهايو في هاواي.

وقد مكن النموذج الرياضي الجديد، حسب الباحثين، من رسم صورة أكثر دقة لكيفية تأثير المحيط المتغير على النظم البيئية البحرية حيث تسود رمال الكربونات.

وتوقع الباحثون أن يستخدم النموذج الجديد في تقييم استجابات الشواطئ والجزر المرجانية للديناميكا المائية للمحيطات في المناطق الغنية برمل الكربونات، وبعضها أكثر عرضة لتأثيرات تغير المناخ.

وسيكون النموذج الجديد أداة هامة في إدارة آثار تغير المناخ والتنبؤ بها، كما سيساعد في تطوير إستراتيجيات التخفيف من حدة هذه التغيرات والتكيف معها.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي