"وساوس" أول مسلسل سعودي على نتفلكس.. ريادة نسائية وملل درامي

2020-06-15

آية جودة

"وساوس" هو أول مسلسل خليجي سعودي من أعمال نتفلكس الأصلية، بثته على منصتها بداية من 11 يونيو/حزيران الجاري، وهو يعرض في 190 دولة على مستوى العالم، وترجمته متاحة بثلاثين لغة.

يعدّ هذا المسلسل الإنتاج العربي الثالث لنتفلكس، بعد مسلسل "جن" الأردني ومسلسل "دولار" اللذين لم يكتب لهما النجاح، حيث تعرض مسلسل "جن" للكثير من الانتقادات التي تخص قصة العمل وأحداثه، بينما لم يحظ مسلسل "دولار" بالمشاهدة الكافية رغم الاستعانة بالنجوم عادل كرم وأمل بوشوشة لأداء أدوار البطولة فيه. فهل استطاع مسلسل نتفلكس العربي الجديد "وساوس" أن يحقق ما لم يستطع "جن" و"دولار" تحقيقه؟

المسلسل من بطولة عبد المحسن النمر وشيماء الفضل ونورا العنبر وندى توحيد وميسون الرويلي وإلهام علي، ومن كتابة رولان حسن وسيناريو وحوار وإخراج هناء العمير.

يدور المسلسل في إطار من الغموض والإثارة، حول مقتل رجل أعمال قبل مدة قصيرة من إطلاق شركته تطبيقا ذكيا جديدا يخص أحد البنوك، ويمتد المسلسل إلى 8 حلقات، ولا تزيد مدة الحلقة الواحدة على 45 دقيقة.

أخطاء بلا إثارة أو تشويق

اعتمد سير المسلسل على خطين زمنيين: الأول هو اليومان التاليان لوفاة "حسان"، والثاني يدور في الماضي سواء البعيد أو القريب، بحسب الشخصية، ووزعت الشخصيات القليلة في المسلسل على عدد حلقاته، وفي كل حلقة نشاهد الأحداث بحسب الرؤية الشخصية لكل فرد منهم.

هذه التقنية في السرد والإخراج تتيح للمسلسل أن يكشف للمتفرج عن أسراره واحدا تلو الآخر، حتى يصل إلى لحظة الذروة التي غالبا ما تكون قرب نهاية الأحداث. هذا هو الغرض الأساسي من استخدام هذا الأسلوب في الأعمال الفنية التي تتسم بالإثارة والتشويق والغموض. ولكن للأسف هذا الأمر لم يتحقق في المسلسل، ولم ينقل إلى المشاهدين الشعور بالإثارة أو التشويق، ولكن أثقله بالكثير من الغموض.

الحلقة الأولى التي كان من المفترض أن تكون قوية لتجذب المشاهد وتشجعه على مشاهدة المسلسل، كانت ضعيفة على كل المستويات، بداية من الأحداث إلى الأداء غير المقنع للزوجة "أمل" التي قامت بدورها الممثلة شيماء الفضل، وكانت أكثر الشخصيات تسطيحا في العمل.

كذلك فإن التضارب في التأثير المرجو من الأحداث كان غير منطقيا، ففي لحظة يشير الحوار إلى عالم الماورائيات المخيف بعد أن تسمع الأم صوت تحريك للأثاث من دون أن يكون معها أحد في الغرفة، واتصال زوجها المتوفى بها، ولكن سرعان ما يتحول الأمر إلى عالم الإثارة بعد اكتشاف غياب الهاتف الجوال الخاص بزوجها. إذن، فما المخيف في أن يحصل أحدهم على الجوال بعد مقتل حسان ثم يتصل بهم، أمر مزعج بالتأكيد ولكنه ليس مخيفا.

إعادة تمثيل دون فائدة

ومع مرور الحلقات يتم اكتشاف جزء كبير من الأسرار التي تدور بين حسان وعائلته وأصدقائه، إلا أن مخرجة العمل لم تستطع استغلال الأسلوب الذي لجأت إليه الاستغلال الأمثل، فكانت تعيد تمثيل مشاهد كاملة بعيون الشخصيات المختلفة، ولكن من دون أن تمدنا إعادة التمثيل هذه بأي معلومة جديدة، وكان من الأفضل إعمال مقص المونتاج في هذه المشاهد.

نذكر هنا مشهد فتح "أمل" لحاسوب "حسان" بعد مشاهدة مقطع الفيديو الذي وجدته على الذاكرة التخزينية، فتستشير ابنتهما "وعد" التي تقترح عليها كلمة مرور، وعندما تفشل الأم تحاول "وعد" كتابة كلمة مرور مختلفة، فتفشل مرتين وتنجح في الثالثة. شاهدنا هذا المشهد مرتين، مرة بأعين "أمل" ومرة بأعين "وعد"، وفي المرتين لم يشرح المسلسل كيف استطاعت "وعد" استنتاج كلمة المرور، وهو أمر لا علاقة له بتقنيات الاختراق.

المسلسل مليء بالأخطاء غير المنطقية، ورغم أنه ليس من الغريب أن ينتهي عمل فني نهاية مفتوحة، بطرح سر أو تساؤل جديد، تمهيدا لجزء جديد قادم، ولكن هذا المسلسل انتهى وهو لم يعط أي إجابة على أي تساؤل من التساؤلات الكثيرة التي ظل يطرحها طوال 8 حلقات.

مساحة أكبر للمرأة السعودية

وبالرغم من كل هذه السلبيات، فإنه تجب الإشادة بأن المسلسل حاول الخروج من تقليدية الدراما العربية في الإخراج، وأنه يعدّ من الأعمال الفنية القليلة التي كان للمرأة فيها الدور الأكبر، ليس فقط في صناعة العمل الفني من كتابة وإخراج وتمثيل، بل أيضا الشخصيات الغالبة على الدراما هي شخصيات نسائية معاصرة، قلما يتم تمثيلها على الشاشة.

كما أن الأداء التمثيلي لأغلب المشاركين في العمل جاء مميزا ومقنعا بالرغم من قصور الكتابة، مثل الفنان القدير عبد المحسن النمر وإلهام علي والممثلة الشابة نورا العنبر.

وبالنظر إلى التجربة العامة للدراما الخليجية وأعمال نتفلكس العربية، فإن مسلسل "وساوس" استطاع تفادي فخ التقليدية الذي تتسم به الكثير من الأعمال العربية، ولكنه كذلك استطاع الحفاظ على محلية العمل وخصوصية البيئة السعودية مع نقل واقعها المعاصر، من دون اللجوء إلى المبالغة.

 

 

 







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي