
قالت صحيفة "لابانغوارديا" الإسبانية إن المرتزقة أكبر المستفيدين من الحروب التي تشهدها أفريقيا، إذ بدؤوا يتوجهون إلى مناطق النزاع في القارة السمراء بعدما تراجعت الأسواق المربحة في سوريا والعراق وأفغانستان والعراق وأوكرانيا، مشيرة إلى أن أغلب المرتزقة في أفريقيا -وخاصة في ليبيا- يقاتلون تحت غطاء شركة "فاغنر" الأمنية الروسية.
وأوضحت الصحيفة أن روسيا تتغلغل في الساحة الأفريقية بنفس الأساليب والحجج المستخدمة تاريخيا من قبل جنوب أفريقيا أو البريطانيين أو الأميركيين، لتبرير تدخلها في شؤون الدول الأفريقية.
ويعمل المرتزقة تحت غطاء شركات أمنية، وعادة ما يكونون في خدمة رؤساء يواجهون مشاكل داخلية، حيث يقدمون لهم خدمات أكثر نجاعة وبكلفة أقل من جيوش غير منضبطة إلى حد ما ومن شأنها أن تكون مصدر متاعب لاحقة عندما يفكر أحد عناصرها في تنظيم انقلاب للإطاحة برئيس البلاد.
وتعتبر شركة "فاغنر" -في رأي الصحيفة- رمزا آخر لحكم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ورغم أن موسكو تنفي ذلك، فإن مصادر أميركية وبريطانية تقول إن من يقود تلك الشركة هو يفغيني بريغوزين، وهو مقرب من الكرملين وله علاقة شخصية مباشرة مع الرئيس بوتين.
كما أن بريغوزين يعتبر من رجال الأعمال الذين شملتهم عقوبات وزارة الخزينة الأميركية على خلفية التورط الروسي في مسار الانتخابات الرئاسية الأميركية عام 2016.
وعلى غرار باقي جميع العلامات التجارية الكبيرة للمرتزقة الأنغلوساكسونيين، فإن "فاغنر" توظف ضباطا وجنودا مستعدين للمغامرة من أجل رواتب ومكافآت وعلاوات لا تدفعها الجيوش النظامية.
صورة نشرها ناشطون ليبيون بمواقع التواصل الاجتماعي تظهر عناصر من شركة "فاغنر" الأمنية الروسية في بني وليد
ويعتبر توسع "فاغنر" رديفا للحملة الدبلوماسية التي تقودها روسيا لتعزيز نفوذها في أفريقيا. ففي أكتوبر/تشرين الأول الماضي، نجح الرئيس بوتين في تنظيم قمة روسية أفريقية في مدينة سوتشي، هي الأولى من نوعها وحضرها ما لا يقل عن 43 رئيس دولة أو حكومة. وتعكس تلك القمة مدى اهتمام موسكو المتزايد بالقارة السمراء، إذ تُعتبر روسيا هناك أكبر بائع للأسلحة.
ونقلت الصحيفة عن مصدر دبلوماسي أوروبي قوله إن "فاغنر أفضل طريقة لروسيا للتأثير على الأرض في أفريقيا، لأنها تسمح بحرية العمل وسهولة الحركة، وهو ما تفتقده الجيوش التقليدية".
وأوردت حالة أخرى لتدخل شركة "فاغنز" وهي حالة جمهورية أفريقيا الوسطى، وقالت إن عقودها هناك أكثر تميزا في وقت يعيش فيه ذلك البلد الأفريقي منذ العام 2012 على إيقاع حرب تتورط فيها مليشيات مسيحية ومسلمة وعدد من إقطاعيي البلاد، وهو ما تسبب في نزوح مليون شخص، أي خمس عدد سكان البلاد.
وتوضح الصحيفة أن تركيز "فاغنر" ينصب حاليا على الحرب التي تدور رحاها في ليبيا، حيث نقلت طائرات روسية ما بين 800 و1200 من مرتزقة الشركة إلى ليبيا.
وتشير إلى أن هناك اتفاقية دولية لمناهضة تجنيد المرتزقة واستخدامهم وتمويلهم وتدريبهم دخلت حيز التنفيذ عام 2001 بعد تسع سنوات من المفاوضات، لكن لم توقع عليها أيٌّ من الدول الكبرى.
ونقلت "لابانغوارديا" عن النيجيري كريس كواجا -وهو مقرر الأمم المتحدة الخاص بشأن المرتزقة- قوله إن "فاغنر" لها سمعة سيئة باعتبارها تهديدًا كبيرًا للسلام والاستقرار نظرا لدورها في القارة الأفريقية.
وأضاف كواجا أن لجوء "فاغنر" إلى توظيف المرتزقة يعتبر تحديا متزايدا لأفريقيا بسبب تجربة الأفارقة مع المرتزقة في الماضي، كما حصل في سيراليون وكما يجري الآن في الساحة الليبية.