صندوق النقد: تأخر أرقام الأسعار والإنتاج يؤجل تدابير السياسة النقدية

2020-05-30

في الأوضاع الطبيعية، غالباً ما تجد الجهات البحثية تحديات ومعوقات خلال جمع البيانات، التي يمكن وضعها في الاعتبار للتنبؤ بالأزمات ووضع حلول لها، لكن في ظل استمرار المخاطر وتحول كورونا إلى جائحة عالمية، فإن الأزمة تبدو أكثر عنفاً مع صعوبة جمع البيانات وعدم دقتها مع فشل الحصول على البيانات من أكثر من جهة لتدقيقها.

ويعتقد صندوق النقد الدولي أن البيانات الاقتصادية الأساسية قد تكون مشوهة، وربما أقل دقة نتيجة لوباء "كوفيد-19"، مع رصد ثلاثة تحديات تواجه عملية رصد وجمع المعلومات والبيانات والأرقام. حيث يشير تحليل حديث نشرته مدونة صندوق النقد الدولي، أن البيانات الاقتصادية الدقيقة والصادرة في الوقت المناسب تعتبر مهمة لاتخاذ قرارات السياسة بخاصة في أوقات الأزمات.

لكن وباء كورونا عرقل إصدار العديد من هذه الإحصاءات الرئيسة، وفقاً للمدونة. وكان الفيروس المميت، والمعروف رسمياً باسم "كوفيد-19"، ظهر للمرة الأولى في مدينة ووهان الصينية أواخر العام الماضي، وأصاب منذ ذلك الحين نحو 6 ملايين شخص عالمياً كما أودى بحياة أكثر من 360 ألفاً.

وأوضح صندوق النقد أنه بدون بيانات موثوقة لا يمكن لصناع السياسة تقييم مدى الضرر، الذي ألحقه الوباء بالناس والاقتصاد، ولا يمكنهم مراقبة التعافي بشكل صحيح.

بيانات غير دقيقة تقود إلى قرار غير سليم

يرى المتخصص في تحليل البيانات محمد فرغلي، أن القطاع البحثي يواجه أزمات صعبة في الوقت الحالي بسبب تأثير ومخاطر جائحة كورونا، تتمثل أهمها في عدم قدرة جامعي البيانات على التوصل إلى أرقام وبيانات دقيقة.

وأوضح أن البيانات المغلوطة أو عدم الدقيقة تسهم بشكل مباشر في نتائج مشوهة وقرارات غير سليمة، وبالتالي تتفاقم الأزمات بسبب اعتماد الحكومات في الكثير من قراراتها على نتائج الأبحاث والدراسات، وطالما أن البيانات غير دقيقة، فإن القرار النهائي يكون غير سليم.

وأرجع هذا إلى صعوبة الحركة في الوقت الحالي واتجاه غالبية الحكومات والدول إلى فرض حظر التجول، أسهما في عدم قدرة جامعي البيانات والباحثين من الوصول إلى أماكن عملهم، وعدم تمكنهم من البحث في أكثر من مكان لتدقيق المعلومة أو الأرقام المطلوبة، مطالباً بضرورة الحذر في اتخاذ أي قرار بشكل سريع في ظل الأزمات، خصوصاً ما نشهده حالياً من أزمة كورونا.

3 صعوبات وتحديات إحصائية

التحليل أشار إلى ثلاثة تحديات، وربما صعوبات إحصائية أمام إعلان إحصاءات اقتصادية موثوقة، يأتي في مقدمتها أن العديد من الموظفين في المكاتب الإحصائية يعملون حالياً من منازلهم بسبب عمليات الإغلاق، وغالباً ما يكون لديهم وصول محدود للأدوات والبيانات التي يحتاجونها لإنتاج المؤشرات الاقتصادية.

وأوضح التحليل أنه على سبيل المثال، يتطلب في كثير من الأحيان حساب أسعار البيع بالتجزئة زيارات فعلية للمتاجر، وهو أمر غير ممكن في الوقت الحالي بالعديد من الدول. كما أن استطلاعات الرأي الخاصة بالشركات حول خطط إنتاجها واستثماراتها أمر صعب مع إغلاق العديد منها بشكل مؤقت.

ويعني هذا، أن البيانات ذات الصلة بالأسعار والإنتاج، وهي أمر بالغ الأهمية لاتخاذ تدابير السياسة النقدية والتحفيز المالي، قد تتأخر أو يجب تقديرها بناءً على معلومات جزئية.

عدم دقة آليات تسجيل الحصول على الدعم الحكومي

أما التحدي الثاني الذي رصده تحليل صندوق النقد الدولي، فيكمن في الأساليب غير المتسقة لتسجيل الدعم الحكومي للأفراد والشركات، التي قد تؤدي إلى تعقيد تقييم تأثيرها في الوضع المالي العام.

وأوضح المتخصصون، أنه عندما تقدم الحكومات دعماً مالياً للشركات المتضررة من الوباء على سبيل المثال، فهل تقوم باستثمار مالي أم أنها تقدم إعانات دون أي عائد متوقع؟. وبناءً على الإجابة سيحصل صناع السياسات على صورة مختلفة للعجز المالي والدين العام.

ويتمثل الأمر الثالث في أنه من أجل اتخاذ أفضل القرارات بناءً على معلومات، يحتاج صناع السياسة لقراءة الاقتصاد في الوقت الفعلي. ويشير الصندوق الدولي إلى أن العديد من الإحصاءات الرسمية التقليدية، حتى تلك التي تتكرر بشكل شهري، ليست حديثة بما يكفي لتكون مفيدة في الوقت الحالي.

تجدر الإشارة إلى أن صندوق النقد سلط الضوء كذلك على طرق من أجل التغلب على هذه التحديات، بما في ذلك استخدام المصادر البديلة للمعلومات، مثل استبدال أسعار التجزئة التي يصعب رصدها بسبب إغلاق المتاجر بالأسعار عبر الإنترنت. وبالفعل، بدأت بعض الدول في تنفيذ مثل هذه الجهود، مثل المملكة المتحدة، التي بدأت تصدر نشرات أسبوعية تحتوي على مؤشرات جديدة وتجريبية بما في ذلك الأسعار عبر الإنترنت وبيانات الشحن اليومية لقياس أثر كورونا في التضخم والتجارة، وفقاً للتحليل.

وأكد صندوق النقد أن الاختلالات الكبيرة في البيانات بسبب وباء "كوفيد-19" تتطلب أساليب مبتكرة لجمع البيانات ومصادر البيانات. وأضاف أن المعلومات الأكثر دقة، التي تأتي في الوقت المناسب من شأنها مساعدة الدولة على الاستمرار في الاستجابة بشكل أكثر فعالية للأزمة وبدء التخطيط للتعافي.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي