اكب فان غوخ.. اكتشاف سبعة أنواع من عناكب الطاووس

2020-04-20

رغم ما تظهره من تفاصيل لونية باهرة، لا يتجاوز عناكب الطاووس حجم حبة الأرز (ويكيميديا كومونز)أحمد الديب

 

ذات ليلة نظر فنسنت فان غوخ إلى السماء فرآها كما لم يرها غيره، وبعدما رسم ما رآه صار لسماء الليل ونجومها صورة جديدة تماما في عيون البشر.

يقول فان غوخ "الآن أشعر برغبة أكيدة في رسم سماء مرصعة بالنجوم. كثيرا ما يبدو لي أن الليل أغنى بالألوان من النهار، بأطيافه المفعمة بدرجات البنفسجي والأزرق والأخضر، ونجومه التي تتلألأ -إذا دققت النظر- بالأصفر الليموني وبغيره. أعتقد -دون مزيد من الاستغراق- أن نقاطا بيضاء شاحبة على خلفية سوداء مزرقة لا تكفي أبدا لرسم كل ذلك البهاء الذي تنطق به سماء الليل".

وقد تجاوز تأثير لوحة "ليلة النجوم" (The Starry Night) خيال مبدعها نفسه، فهل كان فان غوخ يحلم -في أقصى رؤاه جموحا- باكتشاف نوع جديد من العناكب في أستراليا ويسمى بوحي من لوحته الأشهر بعد أكثر من 130 عاما مضت على رسمها؟

في دراسة منشورة مؤخرا بدورية زووتاكسا، وصف جوزيف شوبرت خبير العناكب بمتاحف فكتوريا سبعة أنواع جديدة من العناكب القافزة من جنس ماراتوس (Maratus)، أو كما يطلق عليها -ولا يوجد في الحقيقة اسم أكثر ملائمة- عناكب الطاووس.

فمثل الطواويس تماما، تمتاز ذكور عناكب الطاووس وحدها دون الإناث بما تحمله من لوحات بديعة الألوان فوق ظهورها الدقيقة، تلك الظهور التي تنتفش وتنتصب رأسيا أثناء رقصات غزلها -بحركات وإشارات ساحرة خفيفة الظل- لتعرض أمام الإناث تكويناتها اللونية الأخاذة، مما يذكرنا على الفور بما تفعله الطواويس.

شاهد رقصة غزل عناكب الطاووس:

 


سماء ملأى بالنجوم
يقول شوبرت إنه بهذا قد وصف 12 نوعا من الأنواع المعروفة تحت جنس ماراتوس، والبالغ عددها حتى الآن 86 نوعا، وإنه من بين الأنواع السبعة التي اكتشفها مؤخرا، ينظر إلى عنكبوت ماراتوس كونستيلاتوس (Maratus constellatus) باعتباره عنكبوته المفضل.

ويعلق قائلا "من أجل العثور على هذا العنكبوت، انطلقت في رحلة طويلة إلى بلدة كالباري، سبع ساعات تقريبا بالسيارة شمال مدينة برث الأسترالية. وعندما عاينت الألوان على ظهره تذكرت على الفور ليلة النجوم، لوحة فان غوخ الشهيرة، التي منها أتت تسمية العنكبوت، والتي يشير مقطعها اللاتيني الثاني إلى معنى النجوم".

وربما ساهم في تأخر اكتشاف الكثير من أنواع عناكب الطاووس صغر أحجامها اللافت، فرغم ما يظهر في صورها من تفاصيل لونية باهرة، فإن حجم عنكبوت الطاووس لا يكاد يتجاوز في الغالب حجم حبة الأرز.

وهي -مع ذلك- من المفترسات التي تتسلل في غفلة من فرائسها من الحشرات الضئيلة، وتباغتها بوثبة أخيرة قاتلة. وهو ما يجعل شوبرت يصفها بأن لها حضورا يجعله يفكر فيها "كقطط صغيرة ملونة".

شاهد لقاء مع شوبرت وصور الأنواع المكتشفة مؤخرا من عناكب الطاووس:

 

نجوم متناهية الصغر

ومن المفارقات الطريفة أن شوبرت -البالغ من العمر 22 عاما فقط- كان يعاني قبل ذلك من خوف العناكب، قبل أن يقرر استئناس بعضها ليتغلب على خوفه، وهو ما تجاوزه في النهاية إلى الافتتان الحقيقي بها.

لكن شوبرت لا يشعر وحده بهذا الانجذاب العميق إلى تلك المخلوقات الرائعة، فالحقيقة -كما يقول- أن العديد من الأنواع الجديدة المكتشفة قد سميت على أسماء من عثروا عليها ووثقوها بالصور لأول مرة، قبل أن يرسلوا صورهم إلى خبير العناكب الشاب.

والذي أكد بدوره أن ما حملته الأعوام الأخيرة من اكتشافات عديدة لأنواع جديدة من عناكب الطاووس، يجعلنا على يقين أن هناك المزيد من الأنواع التي تتألق في أحضان الطبيعة كنجوم متناهية في الصغر في سماء ليل بلا نهاية، وتنتظر فقط أن ترصدها عيون الساهرين.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي