لا توجد إجابات خاطئة في الفن التشكيلي.. أنت الناقد الوحيد

2020-03-06

ما زال الفن التشكيلي أحد الألغاز بالنسبة للعديد من الأشخاص، الذين يطرحون دائما أسئلة تدور حول كيفية فهم اللوحات، وماذا يعني الفنان بهذا الخط أو ذلك اللون، وما الإجابة الصحيحة لمعنى كل لوحة.

من أهم أسرار الفن أنه لا توجد إجابة خاطئة عندما نتحدث عنه. وفي بعض الأحيان يمكن أن يبدو الفن صعبا أو معقدا على الجماهير، لكن يمكن تلخيص جوهر التعامل مع كل لوحة في سؤال واحد: "هل أعجبتك أم لا؟"

رغم أن المتاحف وقاعات العرض غالبا تكون مجانية، فإن كثيرا من الناس يؤجلون الزيارات خوفا من عدم قدرتهم على فهم الفن أو التواصل معه، أو مخاوف من أن يكون الزوار الآخرون أكثر دراية منهم بمعنى أو مفهوم الفن، لكن هذا ليس صحيحا، لأن الجميع متساوون أمام العمل الفني، ولا توجد إجابات خاطئة.

تحديات فهم الفن

عندما نتحدث عن تحديات الفن يمكن أن نذكر قصة هانز كريستيان أندرسن "ملابس الإمبراطور الجديدة"؛ حيث يعد اثنان من النساجين ملابس شديدة الجمال للإمبراطور، لكنهما يخبرانه أن الملابس لا يمكن رؤيتها إلا من الأشخاص شديدي الذكاء، في حين تبدو غير مرئية للأشخاص الأغبياء، فيخشى الإمبراطور نفسه الاعتراف بأن الملابس غير مرئية بالنسبة له، ولا يجرؤ أحد من بلاطه أو رعاياه على الاعتراف بأن الملابس غير مرئية له حتى لا يوصم بالغباء.

لكن طفلا واحدا صغيرا يقول الحقيقة: إن السلطان لا يرتدي شيئا على الإطلاق، ليعرف الجميع الحقيقة.

بالمثل أمام العمل الفني، يجب أن ينظر الجميع من دون توجيهات من أحد، ويطلق كل شخص العنان لأفكاره وحواسه ليجد طريقته الخاصة في التفاعل مع الفن.

قد يكون التفاعل مع الفن المعاصر تحديدا أصعب من الفن الكلاسيكي، لكن الأمر كله يتمركز حول عدة أسئلة يجب أن يطرحها كل شخص على نفسه: هل يرغب الشخص بالفعل في التعرف على العمل الفني؟ هل يجد اللوحة ملفتة بشكل ما؟ هل يرغب في معرفة المزيد عنها أم لا؟ الأمر بسيط لأن الشخص إذا لم يحب اللوحة فعليه أن يقول ذلك من دون أن يفكر في ما يقوله الآخرون.

أنت الناقد الوحيد

كتب المؤرخ الفني الكبير إرنست غومبريتش في كتبه الفنية ومقالاته عن شيء يسمى "نصيب الناظر"، وكان في اعتقاده أن وجود المشاهد يكمل العمل الفني، والمعنى الخاص عند كل شخص يعد جزءا من المعنى الخاص بالعمل الفني، لذلك لا توجد إجابات خاطئة، لكنها رؤى مختلفة وتأويلات جديدة، ربما حتى لم يدركها الفنان أثناء إنتاجه عمله.

لكن، ما زالت هناك بعض الأشياء التي يمكن للمشاهد القيام بها من أجل فهم وتواصل أكبر مع العمل الفني؛ فعندما ننظر إلى العمل الفني يجب أن نجري ما يشبه تحليلا بصريا للشكل وعناصره، واللون، والملمس واختلافاته، وحجم العمل.

وبعد إلقاء نظرة على العمل، حاوِل التعرف على الألوان المستخدمة؛ هل هي زاهية أم معتمة؟ أي المشاعر تثيرها الألوان داخلك؟ هل تعيدك إلى الطفولة مثلا، أم تذكرك بعوالم الأحلام؟ هل تثير اللوحة مشاعر قوية أم لا؟ لاحظ ضربات الفرشاة، هل تبدو مرئية، أم يبدو السطح ناعما؟ هل اللوحة كبيرة أم صغيرة، هل يوجد بعناصرها شيء يمكن التعرف عليه سواء في التاريخ أو الأحداث الجارية، أو حياتنا الشخصية؟ هل تذكّرك بلوحة أخرى، أو قطعة موسيقية، أو عاطفة ما؟

كل هذه الأسئلة يطرحها الناقد ومؤرخ الفن عندما يواجه عملا فنيا، وبالتأكيد ستكون لكل شخص إجابته الخاصة، ولكن بمجرد الشعور بالراحة ناحية أحد الأعمال الفنية، اترك نفسك لبناء صلة شخصية مع العمل الفني، عن طريق المشاعر أو الأفكار أو الذكريات.

ربما يواجه المتلقي عملا فنيا، ويحبه من دون أن يجد سببا معينا لذلك، وفي الغالب هناك سبب ما في العقل الباطن، لكن المشاهد لم يتمكن بعد من صياغته بالكلمات، وهذا لا يهم.

فمع الوقت وتكرار مشاهدة الفن والتفكير فيه، سيتمكن المشاهد من تكوين ذوقه الخاص، ومعرفة أسباب حبه لكل عمل فني، لكن أهم شيء أن يترك نفسه للتجربة دون قلق أو خوف أو تأثر بآراء المحيطين السلبية أو الإيجابية.

وإذا كان العمل الفني معروضا بقاعة عرض وبجواره نص مكتوب، يفضل أن يقرأ المشاهد النص، لأنه يحتوي على بعض مفاتيح قراءة العمل، والأهم أن يشعر المتلقي أنه المقصود الوحيد بكل لوحة، وأن لرأيه القيمة الأكبر مهما كان.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي