صحافة عربيةصحافة أمريكيةصحافة اسرائيليةصحافة دوليةسوشيل ميدياهاشتاغ #صحافة أوروبيةمواقع وصحف عربيةصحافة فرنسيةصحافة بريطانية

فقدان الصحف المحلية خسارة لا يمكن للمجتمعات تحملها

2020-02-25

لندن - اضطرت صحف محلية عربية كثيرة إلى التوقف عن الصدور بالنسخة الورقية بعد تأزم الظروف السياسية والاقتصادية وانعكاساتها على الدخل الإعلاني والاشتراكات والبيع. وفي لبنان مثلا تسبب الانهيار المالي الذي كان متوقعا منذ فترة طويلة، في محو العائدات التي كانت تبقي صحفا لبنانية على قيد الحياة.

وخلال شهر فبراير الجاري، أوقفت الصحيفة الوحيدة الصادرة باللغة الإنجليزية “ذا دايلي ستار”، إصدار نسختها المطبوعة.

وفي مصر شهدت مؤسسات صحافية مجزرة وظائف. واضطرت بعض الصحف إلى تقليص عدد العاملين إلى النصف.

وفي بعض الدول العربية الأخرى امتنعت عدة من صحف محلية عن دفع رواتب موظفيها أو خفّضتها بنسبة كبيرة.

تواجه الصحف العربية نفس التحديات والضغوط التي تواجهها الصحف في الدول الغربية، ومنها انهيار وسائل الإعلان التقليدية والتخلي عن المنصات القديمة والهجرة إلى مواقع التواصل الاجتماعي التي لا تدفع أموالا، وبات قطاع صناعة الصحافة الورقية برمته يواجه صراعا من أجل البقاء. وكانت الصحف المحلية بمنأى عن هذه التحولات في السنوات الماضية لكن الأمر تغير جذريا.

ولطالما وضعت الصحف المحلية رغم أنها بيئة إعلامية مختلفة تماما عن البيئة التي تهيمن على صناعة الأخبار في العالم في سلة واحدة مع كل أنواع الصحف.

ويشكل هذا النوع 97 في المئة من صناعة الصحف. ويصفه الخبراء بأنه “الأغلبية الصامتة”.

وفي المجتمعات الصغيرة، تعتبر هذه الصحف غالبا المصدر المحلي الوحيد للمعلومات، كما يقول كريستوفر علي الأستاذ المساعد في جامعة فرجينيا. وهي تساوي “غوغل محلي”، تجد بها كل شيء بدءا من أرقام الهواتف إلى آخر الأخبار، حتى أن نصف الموظفين في الصحف المحلية الذين استطلعت آراؤهم كانوا يشعرون بالأمان في وظائفهم وكانوا متفائلين بشأن مستقبل الصحف المحلية. لكن هذا لم يطل طويلا.

خيانة الأمانة

الجودة طريق البقاء
في خضم الحديث عن فايروس كورونا والأحداث السياسية الكبيرة التي تعصف بالعالم، لم يكن من المتوقع أن يثير إفلاس ماكلاتشي، ثاني أكبر سلسلة صحف أميركية، الكثير من الاهتمام. في إشارة جديدة على تعمق أزمة الناشرين المحليين.

وماكلاتشي هو ناشر مجلة ميامي هيرالد، وشارلوت أوبزرفر، وكانساس سيتي ستار، وصحف أخرى في جميع أنحاء الولايات المتحدة. يعود أصل شركة الصحيفة إلى عام 1857 مع بداية ورقة من أربع صفحات في سكرامنتو بكاليفورنيا، والتي أصبحت في نهاية المطاف “ذا سكرامنتو بي”.

ويأتي إشهار إفلاس المجموعة رغم استمرار الصحف الصادرة عنها في تحقيق إنجازات صحافية مهمة، حيث كانت صحيفة ميامي هيرالد وراء تفجير فضيحة تورط ملياردير أميركي في الاستغلال الجنسي للأطفال.

وذكرت المجموعة في بيان أن ماكلاتشي والصحف الثلاثين المحلية التابعة لها ستواصل العمل كالمعتاد أثناء فترة الحماية من الإفلاس.

كسر الأمر القاعدة التي تقول إن صناعة الصحف المحلية لا تزال تكافح.

وتذكر الجميع تنبّؤ المحرر التنفيذي لصحيفة نيويورك تايمز دين باكيت الذي قال إن “معظم الصحف المحلية سوف تموت في السنوات الخمس المقبلة”.

ووفقا لتقرير حديث صادر عن مؤسسة بين أميركا PEN America، تم إغلاق ما يقرب من 20 في المئة من جميع الصحف الأميركية منذ عام 2004.

لا يختلف الأمر عربيا وإن كان بصفة أقل. وتوجهت أصابع الاتهام طبعا إلى الإنترنت.

الأدوات التكنولوجية الجديدة سحبت البساط من تحت أقدام الصحف الورقية

بشكل عام، يُعتقد أن الصحف المحلية كانت أفضل حالا من سوق الصحافة المريضة ككل. قد كان الكثير من الناس يعتقدون أن الصحف المحلية لا تزال تبلو بلاء حسنا. واعتقد 71 في المئة من البالغين في الولايات المتحدة مثلا أن منافذ الأخبار المحلية الخاصة بهم “سليمة” من الناحية المالية، وفقا لاستطلاع أجرته مؤسسة بيو 2018. ولكن أكدت الأبحاث أن 14 في المئة من المستخدمين فقط دفعوا ثمن الولوج إلى خدمة الأخبار في الصحف المحلية على الأنترنت.

والسبب وراء عدم قدرة الصحف المحلية على تحصيل رسوم كافية لاستمرارها هو “خيانة الأمانة”، مثلما يصفها العاملون فيها حيث يكفي أن يشترك شخص واحد في صحيفة محلية حتى يحصل الباقون على الرقم السري لاشتراكه ويدخلون مجانا لتصفح أخبارهم.

ولا يخفي الأمر نجاح صحف محلية كثيرة في توظيف التطور التكنولوجي لإنشاء مواقع إلكترونية تحتوي أزمتها، وتواجه من خلالها احتداد المنافسة.

في المقابل ظلت الصحف العربية تنظر إلى المواقع الإلكترونية باعتبارها “ترفا” زائدا للنسخة الورقية دون أي رؤية استراتيجية. يضاف إلى ذلك طبيعة الواقع السياسي المعقد الذي يعيشه العالم العربي بعد أن فرضت السلطات السياسية حصارا على شبكة الإنترنت يُضاهي الحصار المفروض على بعض الصحف الورقية لسنوات عدة. وكنتيجة لذلك لم تنجح سوى الصحف التي تتلقى تمويلا مباشرا من الأنظمة لنقل وجهة نظرها في البقاء.

آلية البقاء


يثور جدل كبير بشأن التحديات التي تواجهها الصحافة المطبوعة بشكل عام، حيث سحبت الأدوات التكنولوجية الجديدة البساط من تحت أقدام الصحف الورقية، أيا كانت المناطق التي كانت تغطيها.

الصحف المحلية في بعض المجتمعات تعوض غوغل

لكن التحول إلى الأدوات التقنية، ليس العامل الوحيد الذي يؤثر على انتشار ومبيعات الصحف سواء كانت محلية أو إقليمية. وإن كانت للوكالات والصحف الإقليمية ميزة التواصل مع السياسيين وصناع القرار بشكل أكبر، فإن للصحف المحلية ميزة أخرى وهي الالتصاق بالمجتمع والعمل من قلب الحدث، فإذا ما بنت قدرا من الثقة بينها وبين قرائها، فسيكون لها جمهور أكبر.

ويقول أوستن بيوتنرو الرئيس التنفيذي لشركة لوس أنجلس تايمز “إن خفض التكاليف وحده ليس طريقا للبقاء على قيد الحياة في مواجهة الانخفاض المستمر في الإيرادات الطباعة والمنافسة الرقمية الشرسة، يجب تطوير مصادر اخرى للإيرادات”.

ويرى بيوتنرو أن الصحف عليها الإقرار بأن قوتها تكمن في المحتوى عالي الجودة الذي يضعه الصحافيون من الطراز العالمي، “هذا هو مستقبل الصحافة المحلية، صحافة عالية الجودة، تشرك المجتمع، تصل إلى القراء المهتمين في كل مكان”.

ويقول خبراء إنه لا يمكن التنبؤ بمستقبل الصحافة المطبوعة ككتلة واحدة، وكذلك مستقبل الصحف المحلية، لكن الكل أمام نفس التحديات تقريبا.








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي