ميدل إيست آي : هل يطوي السودان صفحة تاريخه المضطرب؟

2020-02-23

قال صحفي بريطاني إن السودان ظل يشهد خلال الأشهر القليلة الماضية تحولا مذهلا في المنطقة.

وعزا بيتر أوبورن العامل الأكبر في حدوث ذلك التحول إلى الثورة التي أطاحت بالرئيس السابق عمر البشير الذي قاد انقلابا عسكريا عام 1989 و"نظاما وحشيا" لثلاثة عقود.

وزعم -في مقال بموقع ميدل إيست آي الإخباري البريطاني- أن شهوة السلطة والثروة بظل نظام البشير أدت إلى دمار البلاد، وأن سنوات حكمه شهدت شن الخرطوم العديد من الحروب الصغيرة ضد مجموعات قبلية تعيش على هامش الدولة، ولعل أسوأها سمعة "مذابح" في دارفور أزهقت أرواح ثلاثمئة ألف شخص.

غير أن الصحفي -الحائز على عدة جوائز عالمية في مضمار الصحافة المكتوبة والإلكترونية- يستدرك قائلا إن من المبكر جدا التيقن من حدوث ذلك التحول، لكن يبدو أن ثمة تغيرا إلى الأفضل قد حدث.

اتفاق سلام

ولتعزيز وجهة نظره، يقول الكاتب إن السودان بدأ يقدم حلولا بدلا من خلق المشاكل، ضاربا مثالا بالوساطة التي قام بها لجمع الفرقاء بدولة جنوب السودان المجاورة، والتي تكللت مؤخرا باتفاق سلام يضع حدا للحرب الدائرة هناك بين الرئيس سلفاكير ميارديت ونائبه السابق رياك مشار.

ولطالما ساهمت الخرطوم طيلة العقود الماضية في غرس بذور الفرقة في تلك الدولة التي انفصلت عنه عام 2011، إذ دعمت مشار في انقلاب عام 1991 ضد زعيم الحركة الشعبية آنذاك جون قرنق، ثم وقفت إلى جانبه عندما انشق عام 2013.

غير أن الخرطوم اضطلعت بدور رئيسي في الآونة الأخيرة لحمل مشار وميارديت على التوصل إلى اتفاق بأن وفرت الحماية الأمنية للأول، ومارست ضغوطا على طرفي الصراع في اللحظات العصيبة عندما أوشكت المحادثات بينهما على الانهيار.

وتزامنت تلك الوساطة مع انخراط السودان في مفاوضات سلام منفصلة مع الفصائل التي تناصبها العداء بالداخل. فقد مهد الطريق لوضع حد لتمرد طال أمده بولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان إثر التوصل إلى اتفاق مبدئي مع مجموعة متمردة.

علاقات بأوروبا

وبحسب المقال، فإن السودان يعكف على بناء علاقات متينة مع قوى أوروبية لمساعدته في وقف تدفق المهاجرين إلى ليبيا.

على أن أكثر ما يلفت الأنظار -على حد تعبير الكاتب- سفر وفود من الحكومة إلى إقليم دارفور مطلع يناير/كانون الثاني الماضي لإظهار دعمها لقبيلة المساليت بعد تعرضها لهجمات من مجموعات عربية.

ومن الأمثلة التي ساقها الكاتب على التحول أن الحكومة الانتقالية الجديدة لمحت مؤخرا إلى استعدادها لتسليم البشير إلى المحكمة الجنائية الدولية "في خطوة من شأنها أن تلعب دورا رمزيا في إنهاء وضع السودان كدولة مارقة".

وأفرد الكاتب فقرات عديدة في مقاله للحديث عن محمد حمدان دقلو الشهير بحميدتي نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي. وأشار إلى أن ثمة أقاويل بالخرطوم عنه -وليس عبد الفتاح البرهان الذي يترأس مجلس السيادة- بأنه صاحب القرار.

ومع أن حميدتي كان أحد قادة مليشيا الجنجويد المسؤولة عن معظم أعمال العنف بدارفور، فإنه ليس ضمن قائمة الزعماء المطلوبين للمحكمة الجنائية بتهم تتعلق بارتكابهم جرائم حرب.

حميدتي والبشير

وقال الكاتب إن مني أركو مناوي -الذي يتزعم إحدى الحركات المتمردة بدارفور- حرص على عدم إلقاء اللوم على حميدتي في أعمال العنف التي تعرض لها مواطنو دارفور. بل إنه أكد لهم عندما كان في جوبا عاصمة جنوب السودان الشهر الماضي أن حميدتي كان "أداة" في يد البشير.

وبرز حميدتي في الآونة الأخيرة كصانع سلام، إذ يقود الآن مفاوضات مع قادة التمرد قد تفضي إلى إنهاء الصراعات التي سبق أن اضطلع فيها بدور "وحشي" على حد وصف مقال ميدل إيست آي.

وكشف أن مشار زعيم التمرد بدولة جنوب السودان، المقيم في الخرطوم، لم يكن يسافر إلى جوبا إلا رفقة حميدتي وأفراد أمنه. ويستطيع المرء أن يعرف بوجود الرجلين في المدينة من الشاحنات العسكرية المكتظة بحرس الرئيس ميارديت عند تمركزها خارج الفندق الذي يقيمان فيه.

لقد ذهب البشير وأصبح السودان في خضم تغييرات جذرية بهياكل السلطة، بيد أن الكاتب يحذر من الإفراط في الثقة لأن عناصر النظام "البائد" ما تزال موجودة، وأن هناك مخاوف من أن انقلابا عسكريا جديدا يجري الإعداد له في الخرطوم.

ويختم مقاله بنبرة متفائلة إذ قول إن 2020 قد يكون أكثر الأعوام تفاؤلا بتاريخ السودان الطويل العامر بالاضطرابات، إذا ما استمرت الأوضاع في التقدم إلى الأمام، مشيرا إلى أن هناك من الأسباب ما يدعو إلى الاعتقاد بأن ذلك سيحدث.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي