صانداي تايمز: مقتل سليماني لا ينطبق عليه القانون الدولي وهذا لا يعني انتشار الحرب

2020-01-05

تحت عنوان “ذهب سليماني وهذا لا يعني انتشار الفوضى بعده”، نشرت صحيفة “صاندي تايمز” افتتاحية قالت فيها إن الطائرة المسيرة الأمريكية التي قتلت أهم قائد عسكري إيراني تجعل العالم بلا شك أفضل بدون القاتل الخطير والشرس. فقد قاد على مدى 20 عاما فيلق القدس التابع للحرس الثوري وكانت مهمته هي تصدير العدوان والإرهاب الإيراني للشرق الأوسط والعالم.

وقالت إن سليماني كان مسؤولا عن مقتل المئات الأمريكيين في حرب التمرد بعد حرب العراق -وربما قتل أعدادا من البريطانيين- من خلال توفير القنابل المزروعة على الشوارع التي قتلتهم. وقام بتسليح الميليشيات الشيعية ودعم بشار الأسد في سوريا حيث سمح للديكتاتور بذبح مئات الآلاف من شعبه وتحقيق نصر لا يستحقه في الحرب الأهلية.

واتهمت الصحيفة سليماني بزرع بذور النزاع في اليمن وخلق ما أسمته الولايات المتحدة أسوأ كارثة إنسانية. وسلح حزب الله لكي يشن غاراته القاتلة ضد إسرائيل. وكان يخطط لهجمات ضد الدبلوماسيين الأمريكيين والجنود في العراق حسبما قالت المخابرات الأمريكية، وهو ما دفع الرئيس دونالد ترامب لإصدار أمر بقتله. وتضيف أن “سليماني يستحق الموت، فهذا لا شك فيه، ولكن السؤال يظل حول الطريقة التي قتل فيها، فأمريكا تواجه خطر مواجهة شاملة”.

وأشارت لما قاله رئيس مجلس العلاقات الخارجية ريتشارد هاس، الذي تساءل إن كان مقتل سليماني هو مثل مقولة شكسبير “اصرخ خرابا ودع كلاب الحرب تخرج”؟ ومن أجل الإجابة على هذا السؤال علينا أن نفهم قرار ترامب الذي يهدف من خلاله إلى تعزيز فرصه بالفوز في الانتخابات الرئاسية هذا العام، فقد سخر من سلفه باراك أوباما على “تويتر” لأنه سعى إلى الحرب من أجل تعزيز فرص إعادة انتخابه. والجواب لا، لأن الرئيس كان بطيئا بالرد على استفزازات إيران بما فيها إسقاط الطائرة الأمريكية المسيرة والهجمات على المنشآت السعودية في أيلول (سبتمبر) وسلسلة من الهجمات على القواعد العسكرية الأمريكية في العراق.

وكما قال الرئيس يوم الجمعة، فقد أمر بالغارة على سليماني لوقف الحرب لا لشن حرب جديدة. وتعلق الصحيفة أن ترامب ربما شعر بالحرج، أو “قرصته” سخريات المرشد الأعلى للثورة الإيرانية آية الله علي خامنئي وأنه عاجز عن فعل أي شيء، أو لأن مقتل المتعهد الأمريكي والزحف إلى السفارة الأمريكية في بغداد كانا عملين تجاوزا الحدود. ولكن فكرة أن يد هذا الرئيس على الزناد يطلق النار على هواه من أجل المصالح السياسية الداخلية لا يمكن قبولها. ويعرف أن آخر شيء يريده الناخب الأمريكي هو تورط أمريكا في حرب متجددة بالشرق الأوسط. وما تعلمه من رئاسة أوباما هو الفشل بالتحرك، خاصة في مقتل السفير الأمريكي ببنغازي، وهو ما أضعف أمريكا في العالم.

  فكرة أن يد هذا الرئيس على الزناد يطلق النار على هواه من أجل المصالح السياسية الداخلية لا يمكن قبولها

وترفض الصحيفة فكرة أن مقتل سليماني لم يكن شرعيا وأنه قتل فوري، وبحسب المقرر الخاص للأمم المتحدة يعتبر قتلا يخرق “القانون الدولي” ولكن يجب وضع القتل بالسياق؛ فمع الذين يمارسون إرهاب دولة مثل سليماني لا مجال للحديث عن حقوق الإنسان، وأن تتوقع من عدوك الالتزام بقواعد النزال هو تفاؤل مفرط. وبعد كل هذا فهناك الكثير من الأسئلة حول ما سيحدث لاحقا. فقد عبر وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو عن انزعاجه من حلفاء أمريكا الأوروبيين بمن فيهم بريطانيا، وأنهم لم يقدموا الدعم الواضح والمباشر لأمريكا في عملها ضد إيران.

وترى الصحيفة أن هذا الكلام غير منصف. فقد قالت ألمانيا إن القتل جاء ردا على استفزازات. وتواجه بريطانيا مهمة صعبة لعقد علاقات قريبة من الاتحاد الأوروبي، خاصة بالمجال الأمني، دونما تعريض شراكتها مع أمريكا للخطر. وكان غياب بوريس جونسون بالعطلة غير مساعد للموقف البريطاني. ودعا الفريق الذي يدير البلاد في غيابه إلى الهدوء وتخفيف التوتر. وكما كتب البروفسور مايكل كلارك فإن أنصار ترامب سيرقصون فرحا لمقتل سليماني، وإن ترامب “جريء ولا أحد يتوقع حركاته”، لكن يجب ألا يعمينا هذا عن أن الولايات المتحدة ليس لديها إستراتيجية متماسكة في الشرق الأوسط.

ولن تكون هناك حرب خليج ثالثة ولكن حرب مهجنة وحروب بالوكالة وعمليات انتقامية مستمرة. ولا تريد أمريكا ولا رئيسها حربا في المنطقة. ويكتشف ترامب أن من السهل التورط في الشرق الأوسط لا الخروج منه. ويجب على بريطانيا لعب دور إيجابي، خاصة أنها تتحرك نحو مرحلة ما بعد البريكسيت. ويجب ألا نعيد النظر في السياسات المحلية فقط بل والخارجية أيضا. ويجب أن نكون أصدقاء أمريكا الإيجابيين والصريحين أيضا في بناء إستراتيجية للشرق الأوسط.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي