تفاؤل إثيوبي بتسوية ملف سد النهضة خلال 2020

2020-01-01

أبدى محللون وخبراء إثيوبيون تفاؤلهم بتسوية مقبولة لمصر وإثيوبيا والسودان بشأن ملف سد النهضة خلال عام 2020، تتجاوز إحالته إلى البند العاشر من اتفاقية إعلان المبادئ، والمتعلق بطلب الوساطة والتسوية السلمية للمنازعات الناشئة عن تفسير أو تطبيق الاتفاق.

ومن المفترض أن تتوصل الدول الثلاث قبل 15 يناير/كانون الثاني 2020 إلى اتفاق أولي على القواعد الفنية لملء السد وتشغيله وتحديد ظروف الجفاف، بناء على مخرجات اجتماع واشنطن الذي عقد يوم 6 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، والذي أعاد عجلة المفاوضات المتعثرة منذ أكثر من خمسة شهور بين الدول الثلاث.

يقول الكاتب الإثيوبي محمد العروسي إن "موعد 15 يناير/كانون الثاني لا يمثل الفرصة الأخيرة لكنه محطة أساسية مهمة من أجل مواصلة المفاوضات، سعيا للتوصل إلى توافق تاريخي كامل بين الدول الثلاث يحسم ملف سد النهضة".

ويرى العروسي أن إثيوبيا "أبدت مرونة في التعاطي مع قضية سد النهضة ساهمت في تجاوز النقاط الخلافية"، مضيفا أنها قبلت في 2013 تنفيذ كافة مخرجات اللجنة الثلاثية للخبراء بشأن إجراء التعديلات في جسم السد الأساسي والإضافي والبوابات المائية، وهو ما كلفها وقتذاك أكثر من 300 مليون دولار.

وتابع أن "إثيوبيا قبلت بتمديد فترة ملء الخزان إلى سبع سنوات، وأن يكون حجز المياه فقط في شهري يوليو/تموز وأغسطس/آب رغم أن موسم الأمطار يستمر أربعة أشهر، كما واقفت على إشراك قادة الأجهزة الأمنية في المفاوضات رغم اقتناعها بأن الملف فني، وهذه مؤشرات تدل على أن إثيوبيا لا تريد الإضرار بقدر ما تريد تحقيق المصلحة للجميع، والمؤمل أن يلتزم الآخرون بهذه الروح".

وكانت إثيوبيا قد وافقت العام الماضي على إشراك قادة الأجهزة الأمنية في المفاوضات إلى جانب وزراء الخارجية والمياه، وهو ما عرف لاحقا بالاجتماع التساعي، وشهدت الخرطوم في مايو/أيار 2018 أول اجتماع من هذا النوع، كانت أبرز مخرجاته تأسيس لجنة وطنية بحثية فنية مستقلة مكونة من 15 خبيرا وعالما من الدول الثلاث لبحث قواعد التشغيل والملء الأولي للسد.

المزايدات السياسية

من جهته قال المحلل الإثيوبي أندوا ألم إن ملف سد النهضة "سيحرز تقدما ملحوظا إذا أوكلت المهمة للفنيين فقط وليس للسياسيين، فالاستغلال السياسي للملف طغى على النقاش العلمي، حيث برزت روايات عن مؤامرات عن تعطيش مصر وأطماع إسرائيل في النيل، الأمر الذي بات يضر بسير المفاوضات، ويجعل كل طرف يتشدد في مواقفه، ويحول دون الوصول إلى توافق عادل يمنح كل طرف حق الاستغلال المتساوي للإمكانيات المشتركة التي توفرها موارد النيل".

وأضاف "لا بد من قراءة ملف السد بشكل فني وفي إطار مبدأ العيش المشترك، وإذا كانت النخب الحاكمة في مصر تبحث عن إنجاز شعبي بهدف التعبئة الداخلية، فإثيوبيا أيضا لديها من الأوضاع الاقتصادية الصعبة ما يجعل استكمال السد وإنتاج الكهرباء وبيعه قضية مصيرية، والعقلاء ينادون بعدم تصوير الخلاف على أنه صراع وجودي، بل فرصة لتأسيس شراكة لتقاسم الموارد، وأنه لا حلول غير الحوار والعمل على إجراءات إعادة بناء الثقة".

وفيما يتعلق بإحالة الملف لبند الوساطة في حالة فشل المفاوضات، قال "مبادرة حوض النيل هي المنبر الأنسب للعب دور الوساطة، فهي الجهة المؤهلة لإجراء الأبحاث وتحديد سيناريوهات استخدامات المياه والتحديات التي تواجهها، مما يمهد لاتفاق شامل عابر للحدود يحقق التوازن بين احتياجات جميع الدول ويوفر إطارا قانونيا لتلافي الصراعات".

المسار

أما أستاذ السياسات المائية بجامعة أديس أبابا يعقوب أرسانو فيرى أن إثيوبيا "قامت بجهود كبيرة لبحث الجوانب الهيدرولوجية والبيئة والآثار السلبية للسد عن طريق لجان خبراء من الدول الثلاث ومستقلين، وهذه الأبحاث لم تخرج بأي أدلة دامغة عن وجود تأثير سلبي للسد على دول المصب، كما أن هواجس الآخرين تم أخذها على محمل الجد، فالسد مبني على أسس ودراسات علمية ولن يكون مضرا لأحد".

وأوضح إرسانو -وهو عضو اللجنة الوطنية البحثية الفنية المستقلة لسد النهضة- أن مسألة إنتاج الكهرباء "مهمة جدا لإثيوبيا، حيث إن الكهرباء تصل إلى 30% فقط من سكان إثيوبيا البالغ عددهم 105 ملايين نسمة، وهناك قطاعات صناعية تنمو بشكل سريع، وبالتالي الكهرباء مهمة جدا لنا ولدول الجوار الذين سوف يستوردونها بثمن منخفض".

وعن انخفاض تدفق المياه عند عمل السد، قال "هذا لن يحدث، فالسد لن يغير مسار المياه إلى مجرى آخر، بل سوف تعبر من توربينات السد وتستمر في التدفق، والقليل من الماء سوف يحتفظ به أثناء فترة الملء، وهي شهران فقط في كل سنة، وهذا سيكون أثناء الشهور المطيرة وفترة الفيضانات، وهي مياه زائدة عن متوسط التدفق الطبيعي، كما أن فترة ملء الخزان سوف تستغرق سبع سنوات، وكل هذه الخطوات مبنية على دراسات وأبحاث لضمان عدم تأثر دول المصب".

وذكر الأكاديمي الإثيوبي أن القطاع الزراعي في مصر "يستنزف الكثير من المياه، ومن الضروري تنفيذ إصلاحات شاملة لتحسين استخدامات المياه واستبدال طرق الري التقليدية بأخرى أكثر توفيرا للمياه، والإصلاحات في نظام الري ستقلل من هدر المياه، وبالتالي من أي مخاوف مصرية من نقص المياه، وكل دول حوض النيل مدعوة لخلق نظام للتعاون المشترك، لترشيد استخدام الموارد المائية بما يعود بالنفع على الجميع".







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي