الجارديان:

تغيُّر المناخ يهدد الحج أيضًا.. كيف؟

2019-12-03


نشرت صحيفة «الجارديان» تقريرًا للكاتبة البريطانية «ريمونا علي» تستعرض فيه الحاجة لاتخاذ إجراء بعدما كشف علماء في دراسة حديثة، أن تغير المناخ، متمثلًا في ارتفاع درجات الحرارة العالمية، قد يُعرِّض الحجاج للخطر في الصيف المقبل.

صحة الحجاج في خطر!

وتقول الكاتبة إن صحة الحجاج قد تتعرض للخطر، بحسب دراسة نشرها علماء أمريكيون، خلصوا إلى أن أيام الصيف في مكة المكرمة العام المقبل يمكن أن تتجاوز فيها درجات الحرارة الحد الأقصى «الخطر الشديد» لمقياس الإجهاد الحراري، ونُشرت الدراسة بعد أسابيع قليلة من أداء أكثر من مليوني شخص لشعيرتهم المقدسة، مضيفة أن التهديد البيئي للحج هو مسألة مثيرة لذعر للمسلمين البريطانيين.

وتشير الكاتبة إلى أنها ما زالت لم تؤد فريضة الحج التي تعد أحد أركان الإسلام الخمسة، وسيصبح التحمل البدني المطلوب أكثر ضراوة في العقود القادمة؛ إذ يتوقع العلماء أن تتجاوز مستويات الحرارة والرطوبة في أثناء الحج عتبة الخطر القصوى 20% في الفترة بين عامي 2045 و2053، و42% في الفترة بين عامي 2079 و2086.

الإسلام صديق للبيئة بطبيعته، لكن الحداثة دفعتنا جميعًا إلى الابتعاد عن الطبيعة.


وتلفت الكاتبة إلى أن الدعوة إلى حماية البيئة قد تكون من الأمور التي يدعو لها دينها – إذ ينص القرآن على أن الله جعل البشر «خلفاء الأرض» وأن النبي محمد أمر بزراعة الأشجار ورعايتها – لكن هذا لم يحشد المسلمين على نطاق واسع لما يحتاجه العالم الآن: جهاد عالمي لأجل البيئة.

وتشير الكاتبة إلى أن فضلون خالد، مؤسس المؤسسة الإسلامية للإيكولوجي والعلوم البيئية، ومؤلف كتاب «إشارات على الأرض: الإسلام والحداثة وأزمة المناخ»، كرس جهده لحماية البيئة لأكثر من 35 عامًا، لكن التحدي الأكبر الذي يواجهه هو تحفيز المسلمين، ويقول خالد: «الإسلام صديق للبيئة بطبيعته، لكن الحداثة دفعتنا جميعًا إلى الابتعاد عن الطبيعة، والسبب الذي يجعلني لا أستسلم هو أحفادي؛ أي نوع من الكوكب سيرثونه؟ كيف يؤدون فريضة الحج في ظل هذه الظروف؟»

وتنوه الكاتبة إلى أن خالدًا جمع سابقًا فريقًا من العلماء والأكاديميين، الذين صاغوا الإعلان الإسلامي حول تغير المناخ، الذي جرى تبنيه في الندوة الإسلامية المعنية بتغير المناخ في إسطنبول في عام 2015 (وهو حدث شارك في رعايته مؤسسة الإغاثة الإسلامية، وهي مؤسسة خيرية عالمية تدعو المسلمين مرة أخرى إلى اتخاذ إجراء الآن، إذا كانوا يريدون حماية الحج من أجل الأجيال القادمة).

وقالت ماريا ظفر من منظمة الإغاثة الإسلامية في المملكة المتحدة: «يتطلب الحج تأدية مناسك بدنية في الهواء الطلق، وهو ما يمكن أن يصبح خطرًا على الحجاج، والأمر لا يتعلق بمكة فقط، فالمواقع المقدسة الأخرى ستكون معرضة للخطر أيضًا، مثل المواقع الدينية في القدس، والمعبد الذهبي في الهند، وسيؤثر هذا على أماكن عزيزة على قلوبنا، نعتقد أن تغير المناخ بعيد عنا، ولكن لن يوجد مجال في الحياة لن يطاله».


الحج أثمن من النفط

وتتابع الكاتبة: إذا كنا حقًّا نواجه كارثة ضخمة مثل أزمة المناخ؛ فعلينا أن نجعلها مسألة ذات اهتمام شخصي، فبدون مصلحة شخصية؛ سيبقى الاهتمام محدودًا، لذلك إذا كان المال هو الشكل الوحيد للاستثمار العاطفي بالنسبة للبعض، وإذا كان الاقتصاد يتمتع بقوة أكبر من الإرادة لإنقاذ كوكبنا، فيجب علينا استخدامه، وبما أن المملكة العربية السعودية سوف تستضيف قمة مجموعة العشرين العام المقبل؛ لذلك دعونا نضغط عليها للنظر في التهديد المالي حال فقدان السياحة الدينية، إذ إن الحج مربح: يقول خبراء اقتصاديون إن عائدات الحج والعمرة سوف تتجاوز 150 مليار دولار بحلول عام 2022.

القضاء على اللجوء

«بالنسبة للسعوديين، فإن الحج أثمن قيمة من النفط»، بحسب الدكتورة حسنة أحمد، الرئيس التنفيذي لمؤسسة جلوبال وان، والتي تعمل الآن على إنجاز تطبيق «الحج الأخضر»، الذي تعتزم إطلاقه في العام المقبل إذا جرى تأمين التمويل.

حوالي 100 مليون زجاجة بلاستيكية من مخلفات موسم الحج كل عام.

وتضيف الكاتبة: مع وجود مخلفات تصل حوالي 100 مليون زجاجة بلاستيكية كل عام بعد انتهاء موسم الحج، فمن الواضح أن هناك حاجة ماسة لاتخاذ إجراء، وقد بدأت السلطات السعودية ببطء في تنفيذ حج أكثر صداقة للبيئة من خلال تركيب نقاط إعادة التدوير حول الأماكن المقدسة، وتهدف إلى خفض حجم النفايات بمقدار الثلثين بحلول عام 2030، ولم يكن الضغط من أجل التغيير مسألة هينة في المملكة، لكن اللامبالاة مشكلة أكبر؛ فهي مرتبطة بالعوز الاجتماعي والاقتصادي، وغالبًا ما يُنظر إلى «إنقاذ الكوكب» على أنه أمر يتعلق بالأثرياء، مجموعة من قبيل النخبة المهتمة بالبيئة.

وتضيف حسنة: «يبدو الأمر الآن في المملكة المتحدة كأن نساء الطبقة الوسطى البيض هن الوحيدات اللائي يحملن اللواء، نحن نعلم أن تغير المناخ بدأ بالثورة الصناعية الأوروبية، وأن الفقر يرتبط ارتباطًا وثيقًا بذلك».

وتقول: «لا يمكنك إلقاء اللوم على من يكافحون من أجل لقمة العيش، إذا كان تغير المناخ ليس من أولوياتهم، هذا هو السبب في أن تحقيق أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة يحتل مكانة عالية في أجندة بلدي».

وترى الكاتبة أن أزمة المناخ لا يمكن التعامل معها بمعزل عن غيرها، وبينما يجب على المؤسسات الكبيرة أن تعمل على تبني ممارسات صديقة للبيئة في مؤسساتها وشركاتها، ويحتاج النشطاء على المستوى الشعبي إلى بناء علاقات أفضل مع الهيئات الحاكمة، ويحتاج المزيد من المسلمين إلى الانخراط في النقاش الأوسع، ويجب علينا جميعًا إعادة التفكير في أساليب حياتنا؛ خفض استهلاك اللحوم، واستخدام كميات أقل من التغليف غير القابل لإعادة الاستخدام، والحد من النزعة الاستهلاكية.

وتقول الكاتبة في الختام: لدينا جميعًا دور للقيام به، مؤسسيًّا، واجتماعيًّا، وأخلاقيًّا، واقتصاديًّا، ودينيًّا، سواء كان ذلك من خلال منظور ضميرنا، أو عقيدتنا، أو أموالنا، ومن الضروري إيجاد محفز لنا لاتخاذ خطوة، وإذا كان التهديد الذي يتعرض له الحجاج يمكن أن يحفز المسلمين، فعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خير لكم.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي