قبل عام من انتخابات 2020.. ترامب وخصومه الديمقراطيون.. لمن الغلبة؟

2019-11-03

ترامب يتحدث في تجمع بغرينفيل في كارولينا الشمالية (رويترز)محمد المنشاوي-واشنطن - قبل أربع سنوات شهد الحزب الجمهوري تنافس 17 مرشحا على بطاقة الحزب للانتخابات الرئاسية، ومثل المرشحون كل ألوان الطيف السياسي الجمهوري، إلا أن دونالد ترامب المرشح القادم من خارج مؤسسات الحزب استطاع أن يكسر كل القواعد والفوز ليس فقط ببطاقة الحزب الجمهوري، بل بالانتخابات الرئاسية، متغلبا في الجولة النهائية على هيلاري كلينتون ضاربا عرض الحائط بكل استطلاعات الرأي وتوقعات خبراء السياسة الأميركية.

واليوم وقبل عام على إجراء الانتخابات في الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني 2020 تنعكس الصورة ويتبارى أكثر من عشرين مرشحا ديمقراطيا في صراع محتدم على بطاقة الحزب من أجل مواجهة الرئيس ترامب في الجولة النهائية والحاسمة.

توتر واضطراب

لم تشهد سنوات حكم ترامب إلا التوتر والاضطراب، سواء في طريقة تعامله مع القضايا الأساسية أو علاقته بالكونغرس أو بوزرائه أو حتى باختياراته للمحكمة الدستورية العليا، هذا من ناحية.

ومن ناحية أخرى، كانت هناك تحقيقات روبرت مولر لما يقارب عامين كاملين بشأن التدخل الروسي في الانتخابات الأميركية الرئاسية، وبمجرد انتهاء هذه التحقيقات بما اعتبره البعض تبرئة للرئيس الأميركي بدأت إجراءات فتح التحقيق بهدف إزاحة ترامب عن الحكم على خلفية مكالمة هاتفية أجراها برئيس أوكرانيا حاول فيها -بحسب الديمقراطيين- ربط حصول أوكرانيا على مساعدات عسكرية أميركية بفتحها تحقيقا بشأن أنشطة هانتر ابن جو بايدن نائب الرئيس الأميركي السابق والمرشح لرئاسيات 2020 في تعاملاته داخل أوكرانيا.

وغاب الاستقرار عن محيط دائرة ترامب المكونة من كبار مساعديه، وتوالى خلال سنوات حكمه أربعة مستشارين للأمن القومي بدأت مع الجنرال مايكل فلين وخلفه الجنرال أتش آر ماكماستر، ثم جون بولتون، وأخيرا روبرت أوبراين.

ويعد منصب مستشار الأمن القومي هو الأقرب للرئيس، ويدل معدل تغير المستشارين -وهو الأعلى في التاريخ الأميركي- على حالة من عدم الاستقرار داخل البيت الأبيض.

تحقيقات روبرت مولر انتهت بما يشبه تبرئة ترامب بحسب الجمهوريين (الفرنسية)

ولم يقتصر الأمر على البيت الأبيض، فقد شهدت وزارة الدفاع تغير وزيرها ثلاث مرات حتى الآن، إذ استقال الجنرال جيمس ماتيس في ديسمبر/كانون الأول الماضي على خلفية خلاف بشأن سحب القوات من أفغانستان وسوريا، وأعقبه باتريك شانهان، وأخيرا مارك أسبر.

وعلى الرغم من ذلك كله فإن لدى الرئيس ترامب آمالا في أن يتم انتخابه لفترة ثانية يمتد معها حكمه حتى بدايات عام 2025.


ملفات تدفع نحو ترامب

يأتي الوضع الاقتصادي الجيد الذي تتمتع به الولايات المتحدة حاليا على رأس الملفات الداعمة لإعادة انتخاب ترامب، وانخفضت نسبة البطالة هذا الصيف لتبلغ 3.5%، وهي النسبة الأقل خلال نصف القرن الأخير، وارتفعت إلى مستويات غير مسبوقة إنتاجية العامل الأميركي.

وساهمت سياسات ترامب الضريبية -التي تخفض الضرائب على الأغنياء وقطاع العمال- في تحسن الاقتصاد كما يرى المعسكر المؤيد له.

وتظهر استطلاعات الرأي على مدار الأعوام الثلاثة الماضية زيادة نسبة الرضا عن سياسات ترامب الاقتصادية بصفة عامة.

كذلك يعد موضوع التشدد في موضوع الهجرة وما يرتبط به من بناء حاجز موازٍ للحدود الجنوبية مع المكسيك عنصرا جذابا لأولئك الذين صوتوا لترامب في انتخابات 2016.

من ناحية أخرى، يعد موضوع الفشل في توجيه أي تهم إلى الرئيس على خلفية التحقيقات التي أجراها المحقق روبرت مولر لعامين كاملين عنصرا مهما دافعا لمعسكر ترامب.

وسيستغل ترامب -بما يعتبره الجمهوريون تبرئة له في هذا الملف- في مؤتمراته الانتخابية لإظهار قوته في مواجهة ما يطلق عليها "مؤامرات الديمقراطيين".

ومن المتوقع أن تلعب قضية تحقيقات مجلس النواب لبدء إجراءات عزل الرئيس ترامب دورا رئيسيا في انتخابات 2020، وإذا انتهت التحقيقات بالفشل في عزله أو توجيه اتهامات مباشرة له -وهذا ما يتوقعه الجمهوريون- فسيعطي ذلك دفعة قوية لإعادة انتخابه، إذ ستؤكد ما يدعيه ترامب من استخدام الديمقراطيين كل الوسائل لإبعاده عن البيت الأبيض.

من ناحية أخرى، سيدفع ترامب بقضايا السياسة الخارجية ليظهر لقواعده الانتخابية ما يعدها "إنجازات كبيرة"، وسيدفع بلقاءاته مع زعيم كوريا الشمالية كيم جون أونغ وإنهاء التوتر في شبه الجزيرة الكورية ووقف بيونغ يانغ تجاربها الصاروخية كإنجاز يحسب له.

وسيدفع ترامب أيضا بوفائه بوعده الانتخابي المتعلق بالانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني وعدم التورط في صراع مسلح مع طهران كإنجاز.

ويأتي الإعلان عن القضاء على زعيم تنظيم الدولة الإسلامية أبو بكر البغدادي كملف إيجابي يمكن لترامب الاستفادة منه انتخابيا.

أخيرا يمثل غياب البديل القوي لترامب داخل المعسكر الديمقراطي نقطة داعمة لحظوظه بحسب المعسكر الداعم لاتهامات بالفساد وبالعجز تنال المرشح جو بايدن، في حين يرى الكثير من الخبراء أن الأجندة التقدمية التي يتبناها المرشحان بيرني ساندز وإليزابيث وارين ليبرالية جدا ولا تجذب أصوات المستقلين، وقد يقلل عدم إجماع الديمقراطيين حتى الآن على مرشح وسطي حظوظهم في منافسة ترامب.


ملفات تدفع بعيدا عن ترامب

يشير عدد من المحللين الاقتصاديين إلى وجود مؤشرات على بداية كساد اقتصادي تسبب فيه الرئيس ترامب بمعاركه التجارية ضد الشركاء التجاريين الرئيسيين، وعلى رأسهم الصين.

ودفعت سياسات ترامب الحمائية إلى شعور الناخبين في ولايات زراعية دعمت الجمهوريين في انتخابات 2016 بالقلق الشديد.

وتمثل ولايات مثل كانساس وأيداهو وأيوا نماذج لولايات تضررت بالفعل جراء فرض عقوبات وتعريفات جمركية على البضائع الصينية، وهو ما دفع الصين لاتخاذ سياسات انتقامية ضد صادرات هذه الولايات، وسيحمل احتمال تغيير ولاء مواطني هذه الولايات خبرا سيئا لحملة الرئيس ترامب.

من ناحية أخرى، سيتحكم مصير التحقيقات التي يجريها الديمقراطيون بهدف عزل ترامب في الدفع بعيدا عن انتخابه إذا تم الكشف عن مخالفات لا يمكن معها للجمهوريين الاستمرار في دعم الرئيس الأميركي.

جو بايدن اتهم ترامب بخيانة بلده (الفرنسية)

ويعتبر بعض الخبراء أن نتائج انتخابات التجديد النصفي للكونغرس -التي أجريت قبل عام وأدت إلى انتزاع الديمقراطيين السيطرة على مجلس النواب- هزيمة للرئيس ترامب، ومثلت استفتاء مبكرا على شعبية ترامب تترك معها كل الاحتمالات مفتوحة لانتخابات 2020.

استفتاء وليست انتخابات

تشير استطلاعات الرأي إلى نتائج متناقضة طبقا لهوية الجهة التي تجريها، فقد أوضح استطلاع حديث أجرته مؤسسة هاريس وموقع هيل أن شعبية ترامب تصل إلى 54% بين الناخبين، في حين أشار استطلاع للرأي أجرته "سي أن أن" إلى انخفاض هذه النسبة ووصولها إلى 42% فقط.

وعلى الرغم من صعوبة الحكم على مواقف المرشحين قبل عام كامل من الانتخابات فإنه ومع استمرار الانقسام والاستقطاب السياسي غير المسبوق في الولايات المتحدة أصبحت انتخابات 2020 لا تتعلق بالحكم على سياسات وبرامج متنافسة للمرشحين، بل ستكون استفتاء على شخص وسلوك ترامب.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي