التايمز: نجاحات بوتين الدولية سببها التشوش الغربي خاصة سوريا

الامة برس
2019-10-23

علقت صحيفة “التايمز” البريطانية على ما سمتها “غزوات بوتين العالمية” قائلة إن انتصاراته راجعة إلى التشتت في الدبلوماسية الغربية.

وقالت إن قرار الرئيس دونالد ترامب قبل أسبوعين سحب القوات الأمريكية من شمال- شرق سوريا أدى لنزع الحماية الأمريكية عن الأكراد وفتح المجال أمام التوغل التركي في سوريا، ولم يترك قرار ترامب للأكراد أي خيار سوى البحث عن حام جديد لهم وهو روسيا وقوات بشار الأسد.

ولهذا السبب وصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يوم الثلاثاء إلى منتجع سوتشي على البحر الأسود واتفق الزعيمان على خطوة مهمة.

وربما كانت قمة سوتشي نهاية للتوغل التركي إلا أن الثمن الذي ستدفعه المنطقة والعالم سيكون باهظا. وهو كما تقول الصحيفة “تقوية الأسد وتأكيد عودة روسيا كقوة عالمية دبلوماسية وعسكرية”.

ولم يفت سوى خمسة أعوام عندما وصف الرئيس باراك أوباما روسيا كقوة إقليمية. وكان حديثه في معرض قرار موسكو ضم شبه جزيرة القرم وحربها في شرق أوكرانيا.

ومنذ ذلك الحين زادت قوة روسيا وتركت آثارا مضرة على الأمن الغربي، فقد تدخل الكرملين في انتخابات الرئاسة الأمريكية عام 2016، وقام لاحقا بالتواطؤ وربما استخدم غاز الأعصاب في بريطانيا.

كما وسعت روسيا حربها ضد أوكرانيا باستهداف قارب عسكري، ونشرت الأكاذيب ضد أدواتها الإعلامية “روسيا اليوم” و”سبونتيك”. وسعت لتوسيع تأثيرها في دول أمريكا اللاتينية وأفريقيا.

 

مزاعم النصر والغضب

وتزامنت زيارة أردوغان إلى سوتشي مع أول قمة روسية- أفريقية والتي حضرها أكثر من 50 رئيس دولة في أفريقيا. إلا أن الضرر الأكبر الناجم عن غزوات روسيا العالمية كان تدخلها في سوريا عام 2015. فقد دخلت إلى نزاع كارثي تسبب بمقتل مئات الآلاف من المدنيين وترحيل الملايين وكل ذلك بذريعة هزيمة تنظيم الدولة، مع أن الهدف الحقيقي كان هو دعم نظام بشار الأسد. ومن هنا أدى تخلي ترامب عن الأكراد لمنح بوتين الفرصة التي كان ينتظرها لتقوية موقف الأسد وتقديم نفسه كوسيط نزيه. وربما كان توقع نهاية الحرب حتى بشروط بوتين أملا إنسانيا لكن نهايتها تعني استهداف قوات الأسد آخر معقل للمعارضة في إدلب، وهذا يعني وحشية وضحايا كثر، مما يعني أزمة لجوء جديدة تنتشر قريبا من الحدود التركية. ويأمل أردوغان بعد تفريقه الأكراد بإعادة تأهيل 3.6 مليون لاجئ سوري في بلاده.

  التغطية للغزو التركي لسوريا ركزت أولاً على السياسة الأمريكية وإن كان الرئيس ترامب قد دمر مستقبل أمريكا في الشرق الأوسط بالإضافة لمصير الأكراد

وترى الصحيفة أن وقف الكارثة السورية هي موضوع سائد في سياسة الشرق الأوسط ولكن القوى الغربية فشلت بشكل صارخ في المهمة الدبلوماسية، في وقت سمحت فيه لبوتين لعب ورقة نفوذه على تركيا وبيعها النظام الصاروخي أس- 400 وبناء أول مفاعل للطاقة النووية.

وفي ضوء حالة التشتت التي تعاني منها الدبلوماسية الغربية بات حلفاء أمريكا التقليديون مثل إسرائيل والسعودية، ولا ننس حليفة روسيا الإقليمية إيران، تبحث عن علاقات مع بوتين الذي يعمل على جعل بلاده قوة عالمية.

وتدافع الصحيفة عن ترامب وموقفه من الحلفاء وضرورة الإنفاق للدفاع عن أنفسهم، لكنه مخطئ كما تقول في تعامله مع التحالفات باعتبارها عقودا تجارية. ومن خلال الفراغ الذي خلقه الغرب أدخل بوتين قوة بلاده العسكرية ومعتقداتها الأيديولوجية. ومع أنه سيكتشف لاحقا أن توسعه لا يتناسب مع اقتصاده الضعيف، ولكن الضرر قد حدث.

ويرى محرر شؤون الشرق الأوسط ريتشارد سبنسر أنه في الموضوع السوري علينا النظر أبعد من الغضب ومزاعم النصر لكي نعرف ماذا يجري حقيقة في المنطقة.

وقال إن التغطية للغزو التركي ركزت أولا على السياسة الأمريكية وإن كان الرئيس ترامب قد دمر مستقبل أمريكا في الشرق الأوسط بالإضافة لمصير الأكراد. ونظر للرئيس أردوغان على أنه حقق انتصارا كبيرا فيما بدا شجب بوتين الزائف للتوغل عبر ابتسامته الواسعة وهو يستقبل أردوغان في سوتشي. إلا أن النتيجة ليست بهذه الصورة لأن الشخص الوحيد الذي لم يذكر كان بشار الأسد الذي كان النصر له بمثابة الهدية التي لم يتوقعها. ففي الخامس من تشرين الأول (أكتوبر) كان ثلث أراضي سوريا بأيد معادية، قوة انفصالية تدعمها الولايات المتحدة، ولم يتجرأ أحد على مواجهتها وقال جنرالاتها إنهم موجودون ليبقوا. وفي 6 تشرين الأول (أكتوبر) غير الرئيس ترامب كل هذا بمكالمة هاتفية.

 

عودة النظام باتت قريبة

وبعده بساعات كانت القيادة الكردية لقوات سوريا الديمقراطية على الهاتف مع بوتين الذي طلبت منه ترتيب لقاء لها مع بشار الأسد. ووعد هذا باستعادة أرضه في أيام لو دخلت القوات التركية.

وفي غضون أسبوع دخلت قوات الأسد مناطق الأكراد. واليوم تسيطر على كل الحدود السورية مع تركيا باستثناء 70 كيلو مترا التي دخلتها تركيا. صحيح، قال الأسد إنه يعارض الاحتلال التركي للتراب السوري، لكن أنقرة لا تعد تهديدا لحكم عائلته. وكما أظهر العراق، فمنطقة حكم كردية شبه مستقلة بدعم أمريكي يمكن أن تظل مشكلة ونقطة انطلاق للتدخلات المستقبلية.

وهناك الكثير الواجب الاتفاق عليه، مثل طبيعة الحكم الذاتي المسموح به للأكراد. ولا تزال المناطق غير الكردية في شرق سوريا من الرقة إلى الحدود العراقية تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، وليس من الواضح ماذا سيقرر الأمريكيون، الرحيل أم البقاء، إلا أن عودتها للنظام باتت قريبة. قبل خمسة أعوام كان الكلام يدور حول نجاة الأسد من الثورة ضده، لكنه لن يستطيع استعادة سوريا ما قبل عام 2011، ولم يوحدها بعد لكنه قد ينجح.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي