فايننشال تايمز: ما يوحد الشباب العربي هو سخطه على غياب الفرص والإصلاحات الحقيقية

الامة برس
2019-10-22

نشرت صحيفة “فايننشال تايمز” تقريرا قالت فيه إن الشباب العربي يصب جام غضبه بسبب الوعود الاقتصادية الكاذبة.

وقال مراسل الصحيفة أندرو إنغلاند إن معدلات البطالة وغياب الإصلاح هي ما تدفع بالاحتجاجات في الشرق الاوسط وشمال إفريقيا.

وأضاف أنه عندما فرض لبنان رسوما على مكالمات واتساب لدعم خزينة الدولة، قدم مثالا آخر عن الطريقة التي أساء فيها الساسة العرب قراءة المزاج العام، فبعد ساعات من إعلانه خرج مئات الآلاف من اللبنانيين إلى الشوارع مظهرين خيبتهم من قادتهم في تظاهرات جماهيرية حاشدة ببيروت وغيرها من المدن اللبنانية، وكان آخر مثال عن الغضب الذي يغلي في كل أنحاء العالم العربي ضد النخب الحاكمة التي تدير أنظمة سياسية عفنة فشلت في تقديم الحاجيات الأساسية للسكان.

وفي الشهر الماضي شهد العراق احتجاجات أشعلها عزل قائد في قوة لمكافحة الإرهاب، وكانت أسوأ ما شهدته العاصمة بغداد منذ سنين.

وقبل ذلك استطاع مقاول غير معروف غاضب من الجيش، الذي منحه تعهدات ورفض أن يدفع له مقابل أتعابه، دفع مئات من المتظاهرين للخروج مطالبين برحيل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. وزاد من حنق السكان ما ورد في أشرطة المقاول محمد علي التي وضعها على صفحته في فيسبوك من اتهامات بالفساد وبناء القصور الرئاسية من المال العام.

ويرى إنغلاند أن محفزات الغضب مختلفة وكل بلد لديه ديناميته إلا أن جذور التذمر الشعبي هي نفسها التي أشعلت انتفاضات عام 2011 وهي عدم قدرة القادة على الوفاء بتوقعات سكانهم الشباب. وطالما حذر الخبراء من هشاشة ما يطلق عليه الوضع القائم في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وهي منطقة تشهد اضطهادا سياسيا وبطالة مستشرية بين الشباب. ففي مصر والعراق ولبنان هتف المحتجون بنفس الشعارات وهي رحيل النظام. وفي الأردن أجبر المحتجون في العام الماضي رئيس الوزراء على الرحيل.

وفي نيسان/إبريل أطاحت تظاهرات شعبية في كل من السودان والجزائر بحاكمين ديكتاتوريين ظلا في الحكم لعقود طويلة، ولا تزال التظاهرات مستمرة في الجزائر.

وكما تقول داليا غانم يزبك من مركز كارنيغي في بيروت: “طالما ظلت هناك عدم مساواة وتهميش وفساد اقتصادي وسياسي ومحسوبية ورعاية فلن يتوقف الناس عن التظاهر”، وأضافت: “لقد وصل الصبر مداه ويريدون التغيير”، ومع تزايد الغضب يتصاعد الضغط الاجتماعي، فنسبة 60% من سكان المنطقة هم تحت سن الثلاثين.

ويقدر صندوق النقد الدولي أن هناك 27 مليون شاب دخل سوق العمل في الخمسة أعوام الماضية.

وتقول الصحيفة إن مستوى النمو في المنطقة منذ عام 2009 كان أبطأ بنسبة الثلث عن السنوات الثماني الماضية، كما أن نصيب الفرد ظل كما هو في ظل تزايد في نسب البطالة كما جاء في تقدير صندوق النقد الدولي. وتظل الدولة هي المصدر الأساسي للوظائف. إلا أن الباحثين عن الوظائف يشتكون من شبكة الرعاية كعقبة، في وقت بدأت فيه الحكومات بالدفع نحو سياسات التقشف لتضييق العجز في الميزانية والحد من قيمة الدين العام. وكان هذا يعني قطع الدعم عن الطعام والوقود والطاقة مما أدى للضغط على ميزانية السكان اليومية، في وقت تتمتع فيه النخبة الحاكمة والمقربين منها بالقصور الباذخة وبدون خوف من المحاسبة. فالسيسي بنى القصور والمشاريع لإرضاء غروره، أما رئيس الوزراء اللبناني فقد كشفت صحيفة أمريكية عن دفعه 16 مليون دولار لعارضة أزياء من جنوب إفريقيا. وفي العراق ظلت شكاوى السكان متواصلة من الفساد المستشري، في الوقت الذي فشلت فيه الحكومة بتوفير الحاجيات الأساسية.

وفي العادة يتم سحق التظاهرات بالقوة. ففي مصر تم اعتقال 3500 شخص منذ أيلول/سبتمبر. وقتل في العراق أكثر من 100 شخص. أما في لبنان فقد أجبرت الحكومة على التخلي عن قرارها رفع الضريبة على واتساب، ولا يزال الاحتجاج مستمرا وليس لدى الحكومة أي خيار فهي تعاني من دين عام بنسبة 150% ومن تراجع الاستثمار الأجنبي. وفي غياب المحاسبة السياسية والإصلاح الاقتصادي سيظل القادة العرب يثيرون غضب الشعب ويدفعونه للخروج إلى الشارع.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي