هل وصلت العلاقة التركية الأوروبية إلى مفترق طرق؟

الامة برس
2019-10-17

ما أن بدأت تركيا بعملية "نبع السلام"، حتى سارعت العديد من الدول الأوروبية إلى الدعوة بوقف هذه العملية، وعلق بعض منها تصدير السلاح إلى تركيا.

واتفقت حكومات الاتحاد الأوروبي على وضع قائمة بعقوبات اقتصادية وحثت الحكومة التركية على إنهاء العمليات العسكرية شمالي سوريا، في الوقت الذي أعرب فيه وزراء خارجية حلف الناتو عن تخوفهم على أمن الحلف بأكمله بسبب هذه العملية.

 

العلاقات الأوروبية التركية

عن مدى تدهور العلاقات التركية الأوروبية في الفترة الأخيرة، وفرض عقوبات على تركيا، تحدث المحلل السياسي التركي فراس أوغلو لـ"سبوتنيك" وقلل من أثر العقوبات وخصوصا في مجال وقف تصدير السلاح، ويقول: العلاقات التركية مع الاتحاد الأوروبي هي في مسارين، ثنائي مع كل دولة لوحدها ومسار مرتبط مع الاتحاد الأوروبي بشكل عام، والعقوبات من الاتحاد الأوروبي على تركيا لا تأثير لها على أرض الواقع، لأن مجمل العلاقات الاقتصادية التجارية وما شابه هي علاقات ثنائية، ومن الصعب أن يتخذ الاتحاد الأوروبي قرار يجمع عليه كل الدول، لأن هناك مصالح تجارية متضاربة بين الفرقاء.

ويكمل أوغلو: بالنسبة لمسألة التسليح، تركيا لا تحتاج إلى سلاح من أوروبا بشكل عام، وهناك تبادل فقط في بعض النقاط أو القطع العسكرية الحربية، ولإبقاء العلاقات بين الطرفين، لكن بشكل عام لا تحتاج تركيا أي سلاح، والاحتياج التركي معروف وهو فقط في التكنولوجية الفائقة وأنظمة الدفاع الجوي مثل "إس400" وهذا سيكون خط آخر باتجاه روسيا.

  الشامي: على الدول المتوسطة الحجم كتركيا أن تختار بين حلفاء لم تعد قادرة على التوفيق بينهم خصوصا أنهم في حقبة صراع وإعادة تموضع ولديهم مشاريع متضاربة

فيما يرى منسق العلاقات العربية الأوروبية في البرلمان الألماني عبد المسيح الشامي أن العلاقات التركية الأوروبية وصلت إلى أسوأ مستوى لها، ويتابع: أعتقد أن العلاقات يمكن أن تصل إلى حد قطع العلاقات، ووقف ليس تصدير السلاح فقط بل حتى التعامل التجاري.

ويكمل: منذ حوالي شهر كان هناك وقف للتمويل والكثير من المشاريع، منها مشاريع معنية بالصناديق السيادية، والتي كانت من أهم عوامل نهضة الاقتصاد التركي في العقد الماضي.

ويضيف الشامي: أعتقد أن الأمور تسوء فعلا، خصوصا أن هناك جبهة كبيرة من الخلافات ليس فقط بما يتعلق بالملف الكردي، بل فيما يتعلق أيضا بقبرص والنفط، إضافة إلى ملفات كثيرة لا زالت متوترة مثل قضية اللاجئين والإرهاب وغيرها.

 

الضرر المتبادل

وعن الضرر الذي قد يلحق بالاقتصاد التركي أو الأوروبي نتيجة الضرر في العلاقات والعقوبات الأوروبية، يقول فراس أوغلو: طبعا إذا كان هناك اهتزاز في العلاقات الاقتصادية سيكون هناك تأثير سلبي على الاقتصاد التركي، ولكن إلى أي مدى، وتحديدا مع الاتحاد الأوروبي لا أعتقد أن هناك أي أثر سلبي على تركيا من الناحية الاقتصادية.

ويتابع المحلل التركي: سيكون هناك نتائج أيضا في الاتحاد الأوروبي لأن العلاقة متوازنة جدا بين الطرفين، فالعقوبات الأمريكية على تركيا قد لا تؤثر على الولايات المتحدة بشكل مباشر، لكنها ستؤثر على الاتحاد الأوروبي نفسه، لأن هناك ارتباط عضوي كبير بين الاستثمارات التركية والأوروبية.

ويضيف: هذا سيؤدي إلى خلاف كما حدث بين ألمانيا والولايات المتحدة، فالوضع الاقتصادي متشابك جدا مع الاتحاد الأوروبي.

ويؤيد عبد المسيح الشامي كلام أوغلو بأن الضرر سيكون موجود ومتبادل على الطرفين، ويقول: أعتقد أن هناك ضرر على الاتحاد الأوروبي، فتركيا تعتبر من أهم الشركاء بالنسبة للاتحاد الأوروبي، وحجم التبادل والتسيق كبير جدا، وكانت أوروبا تستفيد من الدور التركي في الناتو أيضا بشكل أو بآخر، من خلال فرض نفوذها في المنطقة ومن خلال سوق تجاري كبير بالاتجاهين.

  اغلو: مجلس الدول الناطقة باللغة التركية كأذربيجان وكازخستان وتركمانستان وكلها الآن تقف صف واحد وأستطيع تشبيهها بالجامعة العربية

ويتابع: أعتقد أن هذه العقوبات بلا شك تنعكس سلبا على الاتحاد الأوروبي، لكن يبدو أن تركيا لا تهتم ولديها بدائل أخرى، وأن العلاقة مع روسيا باتت أهم بكثير من الاتحاد الأوروبي، لذلك أعتقد أن العالم قد دخل في حقبة جديدة متعددة الأقطاب.

ويضيف: أعتقد أن على الدول المتوسطة الحجم كتركيا أن تختار بين حلفاء لم تعد قادرة على التوفيق بينهم، خصوصا أنهم في حقبة صراع وإعادة تموضع ولديهم مشاريع متضاربة، والخيار واضح جدا بالنسبة لتركيا، وهو روسيا والصين والاتجاه إلى آسيا، وهذا ما عبر عنه الأتراك بشكل واضح في الفترة الماضية.

 

الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي

وحول إمكانية تركيا إلى الاتحاد الأوروبي بعد التوتر بين الطرفين، يرى أوغلو أن الأمر طالما كان صعبا، ويوضح: منذ البداية كان انضمام تركيا الإتحاد الأوروبي صعبا، لأن لا رغبة للطرف الثاني، والآن أعتقد أن الأمور أصبحت أسوأ، ولا أعتقد أن ذلك فقط بسبب سوريا.

  فيري: من المستحيل انضمام تركيا ولم يكن هناك إمكانية فعلا لأسباب ليس كما تروج تركيا بأنها عقائدية أو طائفية

ويكمل: هناك مسألة الغاز في شرق المتوسط، والعلاقات مع روسيا واختلاف التوجه التركي في السياسات الخارجية، وابتعاده عن الاتحاد الأوروبي نوعا ما، وهناك نواحي متعددة عسكرية وغيرها، ولكن مع كل هذا يبقى الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي هدف استراتيجي، ولا يمكن القول أن تركيا تخلت عن هذا الهدف.
أما منسق العلاقات في البرلمان الألماني فيرى أن الأمر دائما كان مستحيلا، ويشرح: من خلال معرفتي بكواليس الاتحاد الأوروبي بشكل مقرب، أعتقد أنه على الدوام كان من المستحيل انضمام تركيا، ولم يكن هناك إمكانية فعلا لأسباب ليس كما تروج تركيا بأنها عقائدية أو طائفية.

ويواصل الشامي: القضية أن بنية النظام والمجتمع في تركيا والطبيعة الثقافية والسياسية تمنع حدوث هذا الأمر، وهناك تخوف كبير جدا من انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي لأسباب كثيرة، وهذا أجل انضمام تركيا كل هذه السنين.

ويكمل: أعتقد أن أردوغان نسف هذه الإمكانية من جذورها، ولا أعتقد حتى بإمكانية مجرد التفكير بإعادة وضع هذا الملف على طاولة المفاوضات، وأعتقد أنه على الصعيد الشعبي والسياسي انتهى، وبالتالي هذا الأمر أصبح من الماضي.

 

الخروج من حلف الناتو

وعن التهديدات والمطالبات بإخراج تركيا من حلف الناتو يعتقد المحلل السياسي فراس أوغلو أن هذا الأمر صعب، ويبين: ستختلف المعادلة الدولية من ناحية القوى في حال طلبت الولايات المتحدة من تركيا أن تغادر الناتو، فتركيا كقوة عسكرية يمكن القول أنها ربع قوة الناتو، لذلك هذه القوة الكبيرة ستتجه أتوماتيكيا نحو تحالفات أخرى.

ويتابع: هناك الآن مجلس الدول الناطقة باللغة التركية كأذربيجان وكازخستان وتركمانستان، وكلها الآن تقف صف واحد وأستطيع تشبيهها بالجامعة العربية، وقد تتجه نحو روسيا والصين، والكثير من الملفت ستختلف.

ويضيف أوغلو: أعتقد أنه سيكون قرار غير صائب من الناتو، ولا أعتقد أنه قد يصل إلى هذا الحد، وهم لن يفعلوا ذلك من أجل الحزب الكردستاني، فالولايات المتحدة لن تتخلى عن هذه القوة في الناتو من أجل حزب أو من أجل سوريا، فهم بالأصل لا يهتمون لا بالنظام ولا بالمعارضة، ولكنهم يستغلون هذا الأمر لجعل تركيا ترضخ لكثير من الأمور وهنا مكمن القضية.

بدوره أشار الشامي إلى إمكانية حدوث هذا الأمر، ويقول: بحكم عملي في البرلمان الألماني، هناك الكثير من الأراء داخل الاتحاد الأوروبي، ويوم أمس كان هناك أوراق طرحت من قبل عدة أحزاب منها حزب البديل وحزب ميركل، والتي قالت بشكل واضح أن وجود تركيا في الناتو يشكل خطرا كبيرا جدا، وأنها تستخدم النيتو في قتل المدنيين من أكراد وغيرهم.

ويتخم عبد المسيح قوله: عندم نرى حزب ميركل شخصيا يقول ذلك، فهذا يعكس جوا عاما رافضا لبقاء تركيا في الناتو، وأعتقد أن التخوف من إمكانية استعمال تركيا لقوة الناتو في مشاريع خاصة لا تتناسب مع مصلحة أوروبا، لذلك أعتقد أن هذا مؤشر لإمكانية الوصول إلى فصل تركيا من الناتو.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي