لا أفق للوساطة الباكستانية بين السعودية وإيران

2019-10-17

الرياض - نقل رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان رسائل مكررة من إيران سبقتها بعض التصريحات الدبلوماسية من الرئيس الإيراني حسن روحاني بشأن استعداد بلاده لإنهاء الاختلافات السياسية مع السعودية، إلا أن الرياض مازالت تنتظر إجابة إيرانية وتعهد لم تف به طهران عن تدخلها في شؤون دول الجوار ودعم الميليشيات والتحريض الطائفي.

والتقى عمران خان في الرياض الثلاثاء الماضي 13-10-2019 العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، في زيارة تأتي بعد يومين من إجرائه محادثات في إيران في إطار “وساطة” يقوم بها بين القوتين الإقليميتين لنزع فتيل التوتر في الخليج.

وكان خان أجرى الأحد محادثات في إيران في زيارة قال إنّ “سببها هو أننا لا نرغب في نزاع بين السعودية وإيران”.

ويرى مراقبون أن طهران تمارس التضليل الاستراتيجي بدعواتها المتكررة إلى الحوار تزامنا مع مواصلة دعمها للميليشيات في المنطقة، إذ يعزو هؤلاء الاندفاع الإيراني تجاه الوساطة الباكستانية وقبلها العراقية إلى العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها التي يبدو أنها بلغت قوة تأثيرها إلى أكثر من قدرة البلاد على تحملها.

وبالنظر إلى مستوى الخلافات بين الرياض وطهران بشأن القضايا والملفات الإقليمية والآراء المختلفة للجانبين حول نظام الأمن الإقليمي، لا يتوقع متابعون أن تفضي الوساطة الباكستانية إلى نتائج ملموسة ما لم تغير إيران سياستها في المنطقة.

ويرى هؤلاء أن الملف اليمني عنصر مهم في نجاح أو فشل الوساطة الباكستانية، إذ أن الرياض لا يمكن أن تقبل حوارا مع أطراف تهدد أمنها القومي وعمقها الاستراتيجي وهو ما أكده وزير الشؤون الخارجية للسعودية عادل الجبير حيث استبعد أن تبحث بلاده مع إيران الأزمة في اليمن.

ومهدت الرياض لرفضها الوساطات التي تبعث بها طهران عبر تصريحات سابقة للجبير قال فيها “المملكة لم ولن تتحدث عن اليمن مع النظام الإيراني، فاليمن شأن اليمنيين بكافة مكوناتهم وسبب أزمة اليمن هو الدور الإيراني”.

ووصف وزير الدولة للشؤون الخارجية السعودية النظام في إيران بأنه “مارق”، مشيرا إلى أن “آخر ما يريده هذا النظام في إيران هو التهدئة والسلام في اليمن”.

وأكد أن النظام الإيراني “يزود أتباعه بالأسلحة والصواريخ التي تستهدف أبناء اليمن وأمن المملكة ودول المنطقة”، متسائلا عن سبب عدم تقديم طهران مساعدات لليمن بدلا من جلب أسلحة لبلاده. ويواصل النظام الإيراني التسويق لدعوات السلام في المنطقة، فيما العالم مستمر بعزله أكثر فأكثر، حيث يتوقع محللون استراتيجيون أخطاء إيرانية أكبر في المستقبل القريب، واصطفافا دوليا أكبر تجاهها.
وإلى جانب الملف اليمني، تتزاحم الملفات بين طهران والرياض، ووصل التوتر في منطقة الخليج المتصاعد منذ شهور ذروته إثر اتهام إيران بضرب منشآت أرامكو النفطية، الأمر الذي هدد سلامة خمس إمدادات الطاقة العالمية.

واتهمت السعودية والولايات المتحدة ثمّ ألمانيا والمملكة المتحدة وفرنسا، طهران بالوقوف خلف ضربات جوية استهدفت المنشأة الاستراتيجية في شرق السعودية، ما أدى إلى ارتفاع أسعار النفط الخام بنسبة 20 بالمئة.

ونفت طهران كعادتها أي تورّط لها في الهجمات التي تبنّاها المتمردون الحوثيون في اليمن المدعومون من إيران والذين يقاتلهم تحالف عسكري تقوده الرياض.

وكان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أعرب عن أمله في أن يؤدي وقف إطلاق النار، الذي أعلنه الحوثيون من جانبهم، إلى حوار سياسي وإنهاء الحرب في اليمن، لكنه طالب أولا بأن توقف إيران دعمها للحوثيين.

وعما إذا كان مستعدا للتفاوض على إنهاء الحرب في اليمن، قال الأمير محمد بن سلمان “نحن نقوم بذلك كل يوم، لكن نحاول أن ينعكس هذا النقاش إلى تطبيق فعلي على الأرض”.

ولدى السعودية ستة مطالب عاجلة للبدء في حوار مع إيران، إذ أن المملكة تدفع باتجاه حل سياسي للأزمة اليمنية يقوضه في كل مرة التدخل الإيراني هناك.

وتتلخص مطالب الرياض القابلة للتحقيق على أرض الواقع إن كانت لدى الطرف المقابل جدية واستعداد لتحقيق السلام في المنطقة ونزع فتيل التوتر فيها، في وقف طهران دعمها للإرهاب وسياسات الفوضى والتدمير والتدخل في شؤون الدول العربية الداخلية.

وإلى جانب الوساطة الباكستانية تواصل الحكومة العراقية محاولات التوسط بين إيران والسعودية على الرغم من فشلها في وساطات سابقة لتهدئة التوتر.

وقال رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي في تصريحات صحافية الأحد إن بلاده “تلعب دورا إيجابيا في تهدئة التوترات بالمنطقة وأن السعودية وإيران والولايات المتحدة تبحث عن التهدئة وحلحلة الأمور”.

وتساءلت دوائر سياسية عمّا يمكن أن يتيح للعراق النجاح في مهمّة الوساطة الصعبة بين الرياض وطهران، والتي فشلت فيها أطراف كانت مؤهّلة أكثر من العراق للقيام بهذا الدور مثل سلطنة عُمان الأكثر قربا من إيران.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي