بوزارتين و3 وزراء.. هل تكبح العقوبات الأميركية دبابات أنقرة في سوريا؟

الامة برس
2019-10-16

مع بدء واشنطن فرض عقوبات على أنقرة، شريكتها في حلف شمال الأطلسي، للضغط عليها لوقف عملياتها العسكرية في الشمال السوري، تمسكت تركيا بموقفها، إذ أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن الهجوم لن يتوقف حتى "تتحقق أهدافنا".

وعلى الرغم من وصول العقوبات الأميركية لوزارات وقيادات مهمة في تركيا شملت حتى الآن وزارتين وثلاثة وزراء، يرى البعض أنها أقل من المطلوب للضغط على أنقرة لوقف عملياتها، وهو ما انعكس اليوم الثلاثاء على الأرض، حيث دارت معارك شرسة دافعت خلالها قوات سوريا الديموقراطية بشراسة عن بلدة رأس العين الحدودية بعد أسبوع من هجوم تركي تسبّب في موجة نزوح ضخمة وأجبر منظمات إغاثة دولية على تعليق عملها.

 

بداية العقوبات الأميركية

مساء أمس الاثنين، أعلنت وزارة الخزانة الأميركية أنّ الرئيس دونالد ترمب فرض عقوبات على تركيا تشمل حتى الآن وزارتين وثلاثة وزراء، بهدف إرغام أنقرة على أن "تنهي فوراً هجومها" العسكري على الفصائل الكردية في شمال شرقي سوريا.

وقالت الوزارة، في بيان، إنّ العقوبات شملت وزارتي الدفاع والطاقة ووزراء الطاقة والدفاع والداخلية الذين باتوا ممنوعين من دخول الولايات المتحدة ومن إجراء أي معاملة مالية دولية بالدولار الأميركي، كما باتت أموالهم في الولايات المتحدة، إن وجدت، مجمّدة.

 

شملت "الدفاع" و"الطاقة" و"الداخلية".. و"التجارة" تنتظر دورها.. وترمب يهدد بالمزيد

وقبيل بيان وزارة الخزانة، أعلن ترمب أنه سيصدر قريباً أمراً تنفيذياً بفرض عقوبات على مسؤولين أتراك حاليين وسابقين، على أن توقف وزارة التجارة الأميركية مباحثات بشأن اتفاق تجاري مع تركيا تبلغ قيمته 100 مليار دولار، وتزيد الرسوم على صادرات الصلب التركية إلى 50%. معلناً استعداده  تدمير اقتصاد أنقرة إذا واصل قادتها سلوك هذا الطريق الخطر، مشيراً إلى أن القوات الأميركية المنسحبة من سوريا سيُعاد نشرها وستظل في المنطقة لمراقبة الوضع.

وقال وزير الخزانة الأميركي ستيفن مينوتشن لشبكة "اي بي سي" الأميركية أن العقوبات قد تبدأ صغيرة، لكنها قد تصل إلى مستويات الضغط الأقصى لاحقاً، لكنّه أوضح في تصريحات أخرى الجمعة الماضية، أنّ الولايات المتحدة لن تعيد تفعيل العقوبات التي نصّ عليها الأمر التنفيذي للرئيس ترمب عام 2018، إلاّ أنّ وزارة الخزانة لديها القدرة على إصابة الاقتصاد التركي بالشلل.

 

المعارك تشتد على الأرض

وفيما بدا أنه تحدٍ من الجانب التركي تجاه العقوبات الجديدة التي أعلنتها الولايات المتحدة، اشتدت المعارك على الأرض اليوم الثلاثاء حيث مضت القوات التركية في هجومها علي مدينة رأس العين، في حين دخل الجيش السوري المدعوم من روسيا إحدى أكثر المدن المتنازع عليها "منبج" ليشغل فراغا خلفه تراجع مفاجئ للقوات الأميركية.

ومدينة منبج، واحدة من النقاط الساخنة، وتقع غربي نهر الفرات وتوعدت تركيا بالسيطرة عليها. وشهدت المنطقة دوريات أميركية تركية مشتركة بموجب اتفاق كان يهدف إلى إقناع تركيا بعدم شن هجوم.

وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، دافعت قوات سوريا الديموقراطية الثلاثاء بشراسة عن بلدة رأس العين الحدودية بعد أسبوع من هجوم تركي واسع غيّر خريطة التحالفات في سوريا. وشنّت قوات سوريا الديموقراطية، وعمودها الفقري المقاتلين الأكراد، هجوماً مضاداً ضد القوات التركية والفصائل السورية الموالية لها في منطقة رأس العين الحدودية.

وأوضح مدير المرصد رامي عبد الرحمن أن "صمود قوات سوريا الديموقراطية في رأس العين ناتج عن التحصينات والأنفاق فيها، فضلاً عن التعزيزات التي لم تتوقف عن الوصول إليها".

وتمكنت تركيا ومقاتلون سوريون موالون لها، إثر هجوم بدأته قبل أسبوع، من السيطرة على منطقة حدودية بنحو 120 كيلومترا، تمتد من محيط بلدة رأس العين (شمال الحسكة) وصولاً إلى مدينة تل أبيض (شمال الرقة)، وبعمق 32 كيلومتراً.

وواصلت قوات النظام السوري لليوم الثاني على التوالي انتشارها في مناطق قريبة من الحدود مع تركيا، بموجب اتفاق أعلن الأكراد التوصل إليه الأحد.

ورفع جنود سوريون الثلاثاء، وفق المرصد، العلم السوري داخل مدينة منبج في شمال محافظة حلب، غداة دخولهم إليها ليلاً، رغم حشد تركيا لقواتها في قرية تقع غربها.

  لم يجد الأكراد بعد تخلي واشنطن عنهم خياراً أمامهم سوى دمشق ولم توضح الإدارة الذاتية تفاصيل الاتفاق الذي توصلت إليه

وباتت قوات النظام موجودة بشكل رئيس في مدينتي منبج وعين عيسى (الرقة)، وتنتشر في مناطق أخرى أبرزها قرب بلدة تل تمر (الحسكة)، وفق المرصد.

ويعد هذا الانتشار الأكبر من نوعه لقوات النظام في مناطق سيطرة الأكراد منذ انسحابها تدريجياً منها بدءاً من عام 2012، محتفظة بمقار حكومية وإدارية وبعض القوات، لا سيما في مدينتي الحسكة والقامشلي.

ولم يجد الأكراد بعد تخلي واشنطن عنهم خياراً أمامهم سوى دمشق. ولم توضح الإدارة الذاتية تفاصيل الاتفاق الذي توصلت إليه، لكنها قالت إنه اتفاق "عسكري" ولن يؤثر على عمل الإدارات التابعة لها.

وأوردت صحيفة الوطن السورية المقربة من دمشق أن الاتفاق يشمل دخول الجيش السوري إلى منبج وعين العرب (كوباني)، المدينتين اللتين لطالما لوّحت أنقرة بالسيطرة عليهما في هجومها.

ويشكّل الاتفاق تحولاً جديداً في مسار النزاع، بعدما اصطدمت مفاوضات سابقة بين الأكراد ودمشق بحائط مسدود. ولطالما أصرّت دمشق على إعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل اندلاع النزاع عام 2011، بينما تمسّك الأكراد بإدارتهم الذاتية والمؤسسات المدنية والعسكرية التي بنوها بعد عقود من التهميش على يد الحكومات السورية المتعاقبة.

 

هل يتوقف الهجوم التركي؟

على الرغم من العقوبات الأميركية الأخيرة، والتلويح الأوروبي بمزيد من العقوبات بعدما اتسعت قائمة الدول التي علقت شحنات التسليح لأنقرة لتشمل كلا من بريطانيا وفرنسا وألمانيا وهولندا والنرويج، لا تزال تركيا تمضي في عملياتها العسكرية، ما اعتبره مراقبون أن ما حدث من عقوبات لا يزال غير كافٍ لردع أنقرة وإرغامها على وقف خطوتها في الشمال السوري.

وتقول إليزابيث دنت، من "معهد الشرق الأوسط" للدراسات، "هناك بالطبع خطر كبير بعودة تنظيم داعش إلى الظهور بفرار إرهابيين خطيرين" في وقت ينصرف المقاتلون الأكراد الذين كانوا يحرسونهم إلى مقاومة الهجوم التركي. منتقدة الانسحاب الأميركي، حيث رأت، إنه كان بإمكان إدارة ترمب "إبداء مزيد من التصميم لتفادي توغل تركي"، وحتى لو لم يكن ذلك ممكنا "كان بمقدور الولايات المتحدة التحضير لانسحاب أكثر انتظاما بقليل، كان يمكن التصرف بحيث يوضع هؤلاء المعتقلون في مكان آمن".

من جانبها، تقول صحيفة "التايمز" البريطانية، إن العملية التركية في سوريا تمثل مشكلة حرجة للغرب، إذ تنشر الفوضى والقلق في تحالف غربي يشهد بالفعل انقسامات واسعة.

وبحسب الصحيفة، في افتتاحيتها امس الثلاثاء، إنه من غير المرجح أن تستجيب أنقرة للمطلب الغربي بالوقف الفوري للقتال، ومن ثم فهناك حاجة لمزيد من الضغط عليها لمنع خطر إعادة إحياء تنظيم داعش في المنطقة مجدداً.








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي