الزكاة وأهميتها في تحقيق العدالة الاجتماعية والصحية والإيمانية والأمن والاستقرار ووحدة المجتمع

خدمة شبكة الأمة برس الإخبارية
2013-08-04

 صنعاء - عـلـي الـخـيـل - نبه علماء الإسلام إلى المخاطر والآثام العظيمة التي قد تلحق بالمال و بمن يمنع أو يتحايل على دفع الزكاة إلى مصارفها الحقيقية التي خصها الله تعالى في القرأن الكريم.

 
وبين العلماء أن الله خصص الزكاة لتأخذ من الأغنياء وتعطى للفقراء من اجل تحقيق نوع من التوازن والمساواة والعدالة الاجتماعية في المجتمع ومن خلال توزيعها حسب المصارف الثمانية التي حددها الله عزوجل في كتابه العزيز بقوله تعالى" إنما الصدقات للفقراء والمساكين، والعاملين عليها، والمؤلفة قلوبهم، وذو الرقاب، والغارمين، وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله ".
 
وأكد العلماء أن الزكاة دليل على صحة إيمان المزكي وعلامة على تصديقه بأحكام الله ,لقوله صلى الله عليه وسلم"والزكاة برهان " أي دليل على صحة إيمان العبد، كما تُزكي صاحبها من دنس الأخلاق كالبخل والشح، وسبب لرفعة الدرجات ومحو السيئات، وقضاء الحوائج وتفريج الكربات، "وسبب للحصول على طعم الأيمان , لقوله صلى الله عليه وسلم " ثلاث من فعلهن فقد ذاق طعم الأيمان : من عبد الله وحده وأنه لا إله إلا هو, وأعطى زكاة ماله طيبة بها نفسه وافدة عليه كل عام " كما أن الصدقة تطفي غضب الرب وتدفع ميتة السوء وتعمل على سد حاجة الفقراء والمساكين وتحفظهم من ذُلَّ السؤال.
 
وبين العلماء عدد من الفوائد الإيمانية والصحية والاجتماعية للزكاة و ودورها في تحقيق الأمن والاستقرار و العدالة الاجتماعية ووحدة الأمة وترابطها وتماسكها، وحماية المجتمع من الهزات الاقتصادية، والاجتماعية وإشاعة روح التكافل والتآخي والتعاون بين أفراد المجتمع، وسبب في الشفاء من الأمراض المختلفة لقولة صلى الله عليه وسلم " داووا مرضاكم بالصدقة.
 
الزكاة وأهميتها الإيمانية و الاجتماعية:
 
حيث أكد إمام وخطيب جامع غزوة بدر الكبرى والمرشد الديني بوزارة الأوقاف الشيخ جبري إبراهيم حسن :" أن الزكاة مبنية على حماية الإسلام وحماية الإنسان وقد فرضت من أجل مصلحة البشرية جمعا.. موضحاً أن الزكاة فرضت لتحقيق العدالة الاجتماعية وحماية المجتمع من الهزات الاقتصادية، والاجتماعية وإشاعة التكافل بين أفراد المجتمع، ونشر روح المحبة والإخاء بين الأغنياء والفقراء لأن الغني إذا لم يعطي الفقير تكون بذلك حقداً ويجعل المجتمع يفكر في الاعتداءات والانتقامات.
 
وبين الشيخ جبري فوائد الزكاة الإيمانية والاجتماعية منها حفظ الموارد الكثيرة التي لا يستهان بها والتي حددها الشرع في مصارف الزكاة الثمانية كما أمر الله، و أن الزكاة إذا أُديت لمصارفها الحقيقية فأنها ستنفع وتشمل أكثر من ثلث المجتمع، مشيراً إلى ثمارها الدينية المتمثلة بحفظ المال وتنميته لقوله صلى الله عليه وسلم "مانقص مال من صدقة بل تزد بل تزد بل تزد " و لقوله تعالى " قد افلح من زكاها وقد خاب من دساها "وكذا قوله تعالى " خذ من أموالهم صدقة تطهرهم".
 
ولفت جبري إلى أن الإيمان اعتبر مانع الزكاة مشرك بالله لقوله تعالى " الذين لا يؤتون الزكاة من المشركين "، كما توعد الله عز و جل مانع الزكاة بالعذاب الشديد حيث قال " والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم"، و لنتأمل كلام الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يقول " من آتاه الله مالا فلم يؤد زكاته مثل له ماله يوم القيامة شجاعا أقرع له زبيبتان يطوقه, ثم يأخذ بهلزمتيه، يعني شدقيه, ثم يقول أنا مالك أنا كنزك ".
 
وأشار جبري إلى ان دفع الزكاة لمصارفها والى الجهة المخولة شرعاً الدولة يساهم في إعانة الدولة في تنفيذ مشاريعها وتخفيف الفقر وتوزيعها للضمان الاجتماعي.
 
الزكاة ودورها في تحقيق العدل والمساواة :
 
فيما أشار إمام وخطيب جامع بلال بصنعاء الشيخ الدكتور عبد الرقيب عباد إلى أهمية الزكاة ودورها في تحقيق العدالة الاجتماعية والتي جعلها الله سبحان وتعالى في مصارف محدودة بقوله تعالى" إنما الصدقات للفقراء والمساكين، والعاملين عليها، والمؤلفة قلوبهم، وذو الرقاب، والغارمين، وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله " هذا التقسيم الثماني الذي قسمها الله عز وجل على ثمانية أصناف يضمن للإسلام أن ينشر الخير والسعادة، ويسود في المجتمع أمن و استقرار ورخاء في كل أرجاء البلدان إذا صرفت الزكاة في مواردها ومصارفها الشرعية المحددة.
 
وأكد عباد أن أهم فوائد وثمار الزكاة تحقيق الأمن والاستقرار بالمجتمع، من خلال أن الغني يطهر أمواله لقوله تعالى" خذ من أموالهم صدقة تطهرهم و تزكيهم " فهي مطهرة وحصن للمال، وكذا أن الفقير لا يشعر بالحرمان عندما يجد أن الغني يعطي من ماله الحق الذي فرضه الله عليه للفقير فيحس بالاطمئنان، وزرع الرحمة في نفوس الفقراء، ويسود المجتمع بالتوافق والتكافل الاجتماعي والتعاضد، والتراحم والتلاحم.
 
أما إذا استأثر هذا الغني ولم يعط هذا الواجب، فأن الفقير ينظر إليه نظرة حقد، الذي بدوره يزرع الحقد والكراهية والبغضاء في أوساط المجتمع وينتج عنه آثار وسلبيات كثيرة في المجتمع، كما أنها تمنع الجرائم والسرقات؛ لأن الفقراء إذا لم يجدوا ما يأتيهم و يسد حاجتهم, فسوف يتجهون إلى أي طريق لكي يسدوا حاجتهم، و تمنع من حر النار يوم القيامة كما في الحديث ( كل امرئ في ظل صدقته يوم القيامة).
 
وقال عباد:" إنه لما بعث النبي صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل إلى أهل اليمن أخبره النبي صلى الله عليه وسلم أنك لتهدي قوماً أهل كتاب، وأرشده إلى عمل يعمله في أهل اليمن وهو أن يدعوهم إلى التوحيد شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله وهذا الأمر يضبط العلاقة بين العبد وربه، فضبطت العلاقة، والصلاة، وبقيت العلاقة بين العبد والعبد الأخر، الإنسان والإنسان الأخر المسلم، وأخوه المسلم.
 
وأضاف " لذلك أرشد وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل أن يخبر أهل اليمن أن الله عز و جل افترض عليهم زكاة في أموالهم، تأخذ من الأغنياء، وترد للفقراء، كونها احد الأركان الهامة في الإسلام، وهذا أمر كتبه الله عز و جل للبشرية جمعا .. مشيراً إلى أن الإسلام استطاع أن يقضي على ظاهرة طغيان الأغنياء وعدم إعطائهم للفقراء شيء بالزكاة، فالزكاة ليست منة يمن بها الغني على الخلق، بل هذا واجب عليه يخرجها من ماله.
 
الزكاة ودورها في تحقيق الأمن و الاستقرار:
 
وأوضح الدكتور عباد " أنه لكي نستطيع أن نحقق الأمن والاستقرار الاجتماعي والاقتصادي والأمني في المجتمع لابد من كل غني او مؤسسة تجارية ملك النصاب وحال عليه الحول أن يؤدي الزكاة والحق المفروض طواعية من نفسه، ومن دون منة، ممتثلاً لأمر الله عزوجل الذي امر بإعطاء الزكاة وردها في المصارف المشروعة والمحددة الثمانية.
 
وقال " إن بعض الناس ،والتجار، والشركات والمؤسسات والبيوت والبنوك التجارية اليوم أصبحوا يتحايلوا على الزكاة ولا يخرجوا المقدار المحدد للزكاة وهو 2.5 بالمائة بالضبط يخادعون الله و هو خادعهم، مؤكداً انه لو كان كل الأغنياء والتجار اخرجوا نصاب الزكاة المحددة أثنين ونصف بالمائة لما تبقى في اليمن فقيراً واحداً.
 
منبهاً أن أي مؤسسة أو تاجر أو غني يمنع ويتحايل عن الصدقة والزكاة فأن الله سيحبط عمله و أن الله لا يبارك له ولا ينمي أمواله بل يمحقها .
 
الزكاة ودرها في توحيد الأمة:
 
بدوره اشار المرشد الديني بوزارة الأوقاف شرف القليصي إلى أهمية الزكاة كونها الركن الثالث في الإسلام وهي تطهير للأموال كما قال تعالى " خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم " وكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أن الزكاة قرينة الصلاة، وماذكرت الصلاة في القران إلا وذكرت الزكاة لأهميتها ولدورها بالمجتمع، كقوله " أقيموا الصلاة وأتوا الزكاة.
 
و لفت القليصي إلى أن الزكاة فرضت لترسيخ وحدة الأمة، وتراحمها وتعاطفها ولزرع الأخوة والتحالف والمحبة، وإشاعة روح التسامح بين أوساط المجتمع، وكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضوا تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى"، ولقوله تعالى ( إنما المؤمنون أخوة ).
 
مذكراً بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم:" ما آمن من بات شبعان وجاره جائع " و أيضا قوله "داووا مرضاكم بالصدقة وحصنوا أموالكم بالزكاة "، وهنا دلالة واضحة وإشارة قوية لمعنى وقيمة الزكاة لمن يغفل عنها أو يقصر في أدائها.. مؤكداً أنه لابد من دفع الزكاة لجهة واحدة مخولة شرعاً لصرف الزكاة وهي الدولة باعتبارها هي الجهة الوحيدة التي تقوم على صرفها على مستحقيها ودفع الضمان الاجتماعي.
 
وبين القليصي أن الإنسان مستخلف في مال الله عز وجل والخلق يتعاقبون في الأرزاق فمنهم الغني القادر، ومنهم الفقير المعدم وذوي الحاجة، والزكاة تغرس في نفوس أصحابها المودة والمحبة والإخاء والتآلف والرحمة مع الآخرين، وتنمي خُلق السخاء والكرم والعطاء بين أفراد المجتمع، وذلك عندما يحس الغني بمعاناة غيره من الفقراء والمعسرين والمحتاجين وذي الدخل الحدود، وعندما يعش الغني مأساة إخوانه ومعاناتهم يعرف ويفهم الغاية من فرض الزكاة، ولماذا فرض الله الزكاة وذلك حتى لا تنفك عرى المجتمع وينفرط عقد الإخوة، وحتى لا تمتلي قلوب الأغنياء قسوة وقلوب الضعفاء المساكين حقداً وحسدا ويحاولون الانتقام من الأخر.
 






كاريكاتير

إستطلاعات الرأي