مأساة الحرب تسرق الأجواء الرمضانية من السوريين

خدمة شبكة الأمة برس الإخبارية
2013-07-22

 تطغى في هذا العام أجواء الحرب التي يعيشها السوريون وما تحمله من حزن ومآس على جميع مظاهر الاحتفال والفرح التي اعتاد السوريون عليها حين يقترب موعد شهر رمضان المبارك. رمضان هذا العام يأتي في ظل ظروف معيشية هي الأسوأ منذ اندلاع الاحتجاجات. إنه العام الثالث على التوالي الذي تستقبل فيه مدينة دمشق خاصة وسوريا عامة هذا الشهر وقد أزالت وشاح الفرح والسرور التي اعتادت ارتداءه كل عام. هذه المدينة التي لطالما كان لها عادات مميزة وطقوس ساحرة تجسد خصوصيتها المكتسبة عبر التاريخ، فقد تحولت هذه الطقوس في هذا العام إلى رمز للألم والحرمان من أدنى مقومات الحياة.


طقوس رمضان تتحول إلى عادات يومية

epa03331708 A Syrian vendor stands at his nuts shop during the Muslims_ holy month of Ramadan old city of Damascus, syria, 01 August 2012. Syrian President Bashar Assad, in an address to the Syrian army on 01 August said that his county is subject to a foreign plan that aims to undermine its security and stability. EPA/YOUSSEF BADAWI صورة من الارشيف عن استعداد الأسواق الدمشقية لاستقبال شهر رمضان قبل الحرب


فبعد أن كان الدمشقيون ينتظرون من العام إلى العام سماع صوت مدفع إثبات حلول الشهر الكريم، تحول هذا الصوت إلى طقس يومي تستيقظ عليه مدينة دمشق، وبل يمنعها من النوم في أحيانا كثيرة وهي تستمع إلى أصوات المدافع والقذائف التي تنهال على القسم الجنوبي من المدينة وعلى أريافها. أما فوانيس رمضان التي طالما زينت حارات دمشق القديمة تعبيرا عن قدسية هذا الشهر واحتفالا به، أصبحت هذه الفوانيس لا تنطفئ وهي تنير حارت دمشق المظلمة ليلا بسبب انقطاع التيار الكهربائي المتكرر عن أحياء المدينة.
دلال تنتظر شهر رمضان هذا العام "بحذر وترقب"، قائلة  "منذ بدء الثورة تتصاعد العمليات العسكرية بشكل جنوني، من قبل قوات النظام، مع بداية رمضان وأخشى أن يتكرر الأمر في هذا العام، وفي حال حصل ذلك لن تسلم مدينة دمشق من هذا التصعيد".


أسواق دمشق كئيبة وخاوية
لم تكن أسواق دمشق كئيبة وحزينة كما هي عليه اليوم. تلك هي السمة العامة التي لاحظتها أثناء تجولها في هذه الأسواق التاريخية، وهي تبحث عبثا عن أي مظهر من مظاهر الفرح مع حلول الشهر الكريم. فالأسعار التي جاوزت بارتفاعها لهيب حرارة شمس تموز جعلت السكان يقفون مكتوفي الأيدي أمام ثمن السلع،الأمر الذي بات يحرمهم من تبضع المواد الأساسية حتى من خضار وفواكه ومواد غذائية. وفي هذا الإطار تقول أم مصطفى: "نحن نُحارب بقوت يومنا، فالأسعار أصبحت لا تطاق وبالكاد نؤمن كفاف يومنا، أما مونة رمضان فقد أصبحت من المنسيات".

ARCHIV - Eine syrische Frau und ihr Sohn tragen Kartons mit Lebensmitteln am 19.02.2013 in Aleppo. Nach mehr als zwei Jahren Konflikt in Syrien fehlt es der Bevölkerung an allem. Hilfsorganisationen schlagen Alarm EPA/BRUNO GALLARDO (zu dpa «Syrien in Not - Lebensmittel immer knapper, heftige Kämpfe» vom 15.05.2013) +++(c) dpa - Bildfunk+++
عائلة سورية تحاول تأمين بعض المواد الغذائية

فيما يتحسر التاجر أبو فادي على محله الذي كانت تزينه البضائع المتنوعة في مثل هذا الوقت من العام في السنوات السابقة، ويبرر ارتفاع الأسعار بقوله "عوامل كثيرة ساهمت في ذلك، أولها الانخفاض الكبير لقيمة الليرة السورية أمام الدولار، وقرارات الحكومة بمنع الاستيراد إلا بموافقتها، ومنع الحواجز المنتشرة على مداخل المدينة من إدخال السيارات التي تحمل البضائع، وسوء الوضع الأمني في الأرياف؛ كل هذه الأمور أوصلتنا إلى هذا الحال". هكذا ينهي أبو فادي كلامه وهو يشير بيده إلى رفوف محله الفارغة، فالبضائع مفقودة على الرغم من غلائها.
من رحم الألم يولد الأم

 

لم يمنعها اختلافها معهم في الدين من مساعدتهم بل كانت هي إحدى مؤسسي مشروع مطبخ رمضان، "فالوضع الإنساني على وشك الانهيار ولابد من أن نتضامن جميعا لمساعدة المسلمين على تأمين وجبة إفطار رمضان". بهذه الكلمات عبرت الشابة المسيحية لمى عن الأسباب التي دفعتها لتأسيس مشروع مطبخ رمضان في إحدى أحياء دمشق والتي فضلت عدم ذكر اسم الحي بحجة "الخوف من معرفة الحكومة بالأمر وبالتالي يعتقل المشروع مع مؤسسيه قبل أن يولد". هذا الحي الذي يتعرض لحصار خانق منذ أشهر طويلة، ما أدى إلى حرمان سكانه من إدخال المواد الغذائية إليه بحجة الخوف من أن تصل تلك المواد إلى المعارضة المسلحة.

لمى أطلقت دعوات كثيرة بين الناشطين لإطلاق هذا المشروع والذي يتكفل بتقديم وجبة إفطار لمائة أسرة مسلمة في هذا الحي طيلة الشهر الكريم. وتتحدث الشابة لمى عن المشروع لـ  "في السنوات السابقة كنا نقوم بتقديم وجبات جاهزة للأسر، أما الآن مع اشتداد الخناق على الحي فإننا نتعاون مع المعارضة المسلحة التي تؤمن لنا مواد الطبخ الأساسية وأدوات المطبخ في إحدى الأقبية المؤمنة تقريبا. وبذلك لم يعد يتوجب علينا إدخال الطعام والخوف من مصادرته من قبل الحواجز المتمركزة على مدخل الحي وإنما سنقوم بطهي الطعام داخل الحي وتوزيعه".

ويرى الشاب محمد الذي يعمل مع لمى في مشروع المطبخ أن المشروع وعلى الرغم من خطورته وصعوبة تطبيقه إلا انه "لقي قبولا كبيرا من قبل الناشطين".  فالجميع يتعاون لإنجاحه، حسب كلام محمد. وهو يعتبر فرصة كبيرة "لتجاوز الطائفية البغيضة التي يحاول النظام زرعها بين أبناء المجتمع السوري والتعاون للجلوس على مائدة موحدة وهي مائدة شهر رمضان الكريم"، .







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي