عامان من الحرب في غزة وبدعم 1,3 مليون نازح : لايف للإغاثة والتنمية تكثف جهودها الميدانية لإعادة نبض الحياة في غزة

الأمة برس
2025-11-19

 مشاريع الإغاثية والتنموية التي قدمتها لايف استهدفت مئات الآلاف من النازحين المتضررين ( الأمة برس)كتبت : تسنيم الريدي

 

مع إعلان الهدنة في غزة أصبح على عاتق المؤسسات الدولية دور كبير وتحديات أكثر لتلبية الاحتياجات الإغاثية العاجلة في جميع أنحاء القطاع، حيث أسفرت الحرب المتواصلة عن 180 ألف مصاب يحتاجون إلى 400 ألف عملية جراحية، ودمار شامل للبنية التحتية، في حين بلغ انعدام الأمن الغذائي نسبة 91%، بالإضافة إلى 53 ألف مريض بأمراض مزمنة في حاجة للعلاج، وأكثر من مليون و500 ألف نازح بحاجة للماء، والغذاء، والدواء، والمأوى.

المجاعة ... وصمة عار في تاريخ الإنسانية
هذه الأرقام تعكس بوضوح حجم التحديات حيث يقول الدكتور هاني صقر المدير التنفيذي لمؤسسة لايف للإغاثة والتنمية Life For Relief and Development والتي تعمل في فلسطين منذ عام 2002: " نحن الآن في مرحلة توفير المساعدات المنقذة للحياة! حيث مرت قوافلنا في بداية الهدنة عبر معابر كيسوفيم وكرم أبو سالم، ومعبر زيكيم، وحالياً نستخدم معبر رفح لزيادة تدفق المساعدات، فمعاناة النازحين خاصة مع قدوم فصل الشتاء هي وصمة عار في سجل الإنسانية، ونسعى بكامل طاقاتنا وجهودنا لتكثيف عملنا في جميع أنحاء قطاع غزة، خاصة المناطق التي لا تصل إليها المؤسسات الإغاثية، حيث عملنا خلال هذه الأسابيع الماضية على إدخال السلال الغذائية والمعلبات، وأدوات النظافة الشخصية وطرود الكرامة الخاصة بالفتيات والنساء، إلى جانب توفير الخضراوات الطازجة والتي يقوم عليها فريقنا في الداخل، والمياه النظيفة والصالحة للشرب، والطحين والوجبات الغذائية، إلى جانب مشروعات مخيمات الإيواء. فمهمتنا تتجاوز مجرد الإغاثة الطارئة، بل هي إعادة الأمل، حتى يتمكن النازحون من بدء رحلة التعافي وإعادة تأهيل البلاد بيوتهم وحياتهم من جديد".

الموت قصفاً ... أم من برد الشتاء؟!
من جانبها تقول فيكي رووب مدير قسم البرامج التنفيذية بمؤسسة لايف:" نعمل الآن على تكثيف إدخال خيام الإيواء، والتي كانت جاهزة وتم تصنيعها وفقا للمعايير المطلوبة، حيث عملنا الاستعداد المسبق للمساهمة في تدفق المساعدات العاجلة من الإيواء والغذاء والماء والأدوية والاحتياجات الشخصية للقطاع، وفريقنا في غزة بدأ فعلياً في تنفيذ مشروعنا الجديد لمخيمات "لايف" على الأرض بعد وصول الخيام إلى القطاع وبدء تثبيتها، حيث نعمل الان على تسكين 15,000 أسرة نازحة جديدة ما زالت في العراء.
وهي خيام عازلة للماء والبرد والرطوبة، مصنوعة من مادة PVC والتي حمت أكثر من 45 ألف أسرة من الاحتراق خلال القصف ليلاً خلال الحرب، لكن الآن الاحتياج يفوق هذا العدد بآلاف المرات مع دخول فصل الشتاء، لأنه إذا لم يمت النازحون من القصف، فسيموتون من البرد القارس.

خيام تحمي النازحين النيام من نيران القصف
وعن تفاصيل مشروعات مخيمات "لايف" النظامية للإيواء تضيف قائلة: "خلال العامين الماضيين قمنا ببناء تسع مخيمات شمال ووسط وجنوب القطاع، وقد أٌسست فيها خيام قوية قمنا بتصنيعها بمواصفات خاصة في تركيا وفقاً للمعايير المطلوبة، والتي كانت سهلة الفك والتركيب لتناسب النزوح المتكرر، ومضادة للنار حيث حافظت فعلاً على أرواح المدنيين وهم نيام خاصة النساء والأطفال، وقد تضمنت كل خيمة مستلزماتها من الفرش والأغطية وغيرها، بالإضافة لصيدلية طبية في كل مخيم، و23 دورة مياه.
وخلال فصل الشتاء القارس الذي مر على أهل غزة في العراء والمطر، تم توفير 5.100 من الأغطية والبطاطين السميكة لينعم النازحين في الشوارع وعلى أرضية المستشفيات بالنوم وبعض الدفء، والملابس الشتوية الثقيلة لـ 4025 أسرة معظمهم من النساء والأطفال والشيوخ، كما تم توفير ألف خيمة فردية، و17 ألف شادر مقاوم للماء.
كما تضمنت المخيمات خيام تعليمية للأطفال في المرحلتين الابتدائية والإعدادية، وتم تأسيس أكاديمية تعليمية لـ 1,600 طالب، ومركز تعليمي يخدم 900 طالب.
ومع انقطاع الكهرباء المستمر، ونفاذ الوقود وفرت المؤسسة الواح طاقة شمسية تخدم أكثر من 7,000 عائلة في مخيمات الإيواء.

الخيام التعليمية ... تتهافت عليها قلوب صغيرة!
وعن المشاريع الإغاثية والتنموية التي استهدفت مئات الآلاف من النازحين المتضررين يضيف "أبو صهيب" منسق فريق لايف في غزة قائلاً: " في إطار جهود منظمة لايف الإغاثية والإنسانية في قطاع غزة خلال الحرب الأخيرة تم توزيع 142 ألف وجبة ساخنة، و5 آلاف سلة طعام جاهز (RTE)، إضافة إلى 3 آلاف رغيف خبز، والخضروات لـ 51 ألف عائلة، و361 ألف كيس دقيق.
كما استفاد 378 ألف شخص من سلال "لايف" غذائية والتي تكفي لأكثر من شهرين، وتم إنشاء منشأة أفران طينية لخدمة 3,500 عائلة، إلى جانب توزيع 338 ألف حصة من لحوم الأضاحي و27 ألف كيس أرز الأطفال الدعم بالفيتامينات.
كما تم توزيع 7,200 عبوة مياه وتوفير ما يقارب من 14 مليون لتراً من المياه العذبة، كما استفاد 6,000 شخص من مولدات الآبار، وتمت صيانة الآبار ليستفيد منها 200 ألف شخص.
ولم تغفل "لايف" عن النساء والأطفال حيث تم توفير 2,000 طرد لرعاية الأطفال والذي يتضمن الحليب والحفاظات وجميع مستلزمات حديثي الولادة، و300 طرد كرامة لمستلزمات الفتيات والنساء، و71 ألف طرد لمستلزمات التعقيم والنظافة الشخصية، كما تم توزيع 400 لعبة للأطفال المصابين في المستشفيات و2,000 حقيبة مدرسية، وفي الجانب الطبي، تم إدخال 15 شاحنة أدوية بالتعاون مع شركاء ميدانيين.
وبشكل عام نحن لا نتحدث عن أرقام، بل عن رضّع يموتون جوعاً، وأمهات يشاهدن أطفالهن يذبلون أمام أعينهن، وعائلات تبحث في الركام عن لقمة، فإذا لم تصل المساعدات دون قيود إلى غزة الآن، فستتحول هذه المأساة إلى وصمة عار لا تُمحى على ضمير الإنسانية".

تقديم عون مستمر لـ 1,3 مليون نازح!
وعن حقيقة التحديات وسبل مواجهتها لتقديم وتوفير هذا الحجم من الدعم الإغاثي يقول عمر ممدوح مدير قسم المشروعات التنفيذية : " المواد الغذائية التي تُمنع ضمن قوافل المؤسسات الإغاثية عبر المعابر نقوم بشرائها من التجار وتوزيعها على الأكثر استحقاقية، حيث استخدم فريقنا في غزة الحيوانات، والمشي على الأرجل لمسافات طويلة لتوصيل المساعدات بسبب عدم توفر الوقود للسيارات وتهدم الطرق، وبشكل عام، فقد جهزنا مخازننا اللوجستية في مصر والأردن والضفة الغربية لاستخدام المعابر المغلقة فور أن تفتح لضمان سرعة تدفق المساعدات.
وقد واجهنا تحديات صعبة وتعاملنا معها بخبرتنا السابقة، فنحن لسنا حديثي عهد بالعمل الإغاثي في غزة، واجهنا الموافقات الخاصة بالأصناف، مثل مواصفات الخيام التي أخضعناها للمواصفات المطلوبة، في حين عانت بعض المؤسسات التي تُجهز خيامها وتمنع دخولها على المعابر، فالخيام أنواع ومقاسات، فمنها خيام أفراد وخيام النقاط الطبية، وخيام المستشفيات لاستقبال المرضى والخيام التعليمية، وننتظر حالياً الموافقة على البيوت المتنقلة أيضاً، لكن بند الايواء من المراتب والبطانيات وغيرها تدخل بشاحنات " لايف" من مصر بدون أي عقبات، في حين أن السلال الغذائية تدخل عبر الأردن.

فريق "لايف" في قلب غزة.. تضحية وعطاء
وعن سبل توفير المساعدات بشكل مستمر يوضح قائلاً: "المواد الغذائية التي كانت تُمنع للمؤسسات نقوم بشرائها بسعر مخفض من التجار وتوزيعها على الأكثر استحقاقية حيث لم ندخر جهد في الوصول لهم رغم المخاضر، حيث استخدمنا الحيوانات ومشي فريقنا على الأرجل لمسافات طويلة.
وتتميز "لايف" بالجاهزية المسبقة، ففور فتح المعابر بعد توقف الحرب كانت قافلات الخيام جاهزة، والآن بعد مرور أسبوع من توقف الحرب كان قد تم تسليمها للنازحين، ونعمل حالياً على توفير النقاط الطبية والأدوية، ونتيح متابعة الأنشطة على الأرض من خلال الزيارات الميدانية كما تم لـ 8 مخيمات تم بنائها حتى الآن، ونعرض كل تنفيذاتنا بشكل دوري عبر منصات التواصل الاجتماعي بخمسة لغات".

كثرة المناشدات تؤجج الشبهات!
ورغم المخاطر الميدانية وتكرار النزوح تواجد رجال العمل الخيري في قلب غزة شمالاً ووسطاً وجنوباً، يبثون الأمل والبسمة بين طيات أكياس المساعدات والعاب الأطفال التي يوزعونها في الطرقات والمستشفيات، وبين الركام وعلى الأنقاض، وفي وسط الخيام وساحات مراكز الإيواء، رغم المخاطرة العالية خلال التنقل بين مناطق القطاع لتأدية العمل الميدانيّ لتغطية احتياجات القطاع بالكامل رغم القصف المستمر خاصة في الشمال.
وهنا يضيف "محمد" أحد المتطوعين في غزة ضمن فريق لايف قائلاً: " كان العمل في هذه الظروف هو الأشد قسوة مقارنة بالحروب الماضية، فقد اقتضت ظروفنا أن نتفرق عن أسرنا في أكثر اللحظات احتياجاً إليهم، خاصة مع بدء انتشار لمجاعة
فقدنا 15 فرد من طاقم عملنا على الأرض خلال العامين الماضيين، فنحن كفريق نزحنا مع النازحين، وجعنا مع الجوعى، لكننا لم نتوقف عن دعم الإنسانية، فنحن نوصل التبرعات للمستحقين، طالما لدينا إمكانية كمؤسسة لا ندخر جهد، ولا مجهود، ولا وقت، ولا عرق للوصول لهذا النازح ومساعدته.

التوزيع العادل والأكثر معاناة هو هدفنا
وقد كان الأشد ألماً لفرق الإغاثة هذه المناشدات التي تأتي من مراكز الايواء المختلفة ومخيمات النزوح بعدما يرون مساعدات "لايف" على الأرض، لكن للأسف هناك تحديّات كثيرة تؤدي إلى عدم وصول رجالنا لكافة الفئات المتعففة، فلا يستطيعون تغطية احتياجات 2 مليون غزاوي! وعليه فقد يعتمل في صدور الناس شُبهة التوزيع غير العادل، أو المحسوبية خاصة وأن توثيق العمل الخيري ليس بالأمر السهل مع تعفف أهل غزة! فأصبحت الأولوية القصوى والاحتياج الأكبر هي مناطق عمل فرق "لايف".
وعند سؤاله عن وضعه الأسري والتوازن بينه وبين مجال عمله الإغاثي يضيف قائلاً: " أصعب التحديات كان النزوح لأكثر من 7 مرات، فتفرقت عائلتي وانقسمنا، وجاء وقت كنت أوزع فيه المساعدات الإغاثية وأهلي في الشمال سيموتون من المجاعة، أو يأتيني هاتف منهن: عندنا اخلاء تعالى قم بواجبك الاسري، فلا أستطيع ترك رسالتي الإنسانية رغم المخاطرة العالية لتأدية العمل الميدانيّ.
كما كان عمل فريق "لايف" في رمضان وعيد الأضحى بعيداً عن أطفالنا مؤلم، لكننا عملنا على مشروعات استثنائية رغم استمرار الحرب من خلال طهي وتوزيع الوجبات الساخنة في شمال القطاع خاصة".

قصص إنسانية صنعها رجال لايف غزة
وقد تواصلنا مع بعض النازحين الذين سطروا بحكاياتهم قصص إنسانية مؤثرة حيث تقول فاتن 42 عاماً: “فقدت زوجي في بداية الحرب وقد كنت حامل في توأم ولدي 7 أطفال، كنا في الشارع وقد كنت كالمجنونة لا أستوعب كيف سأعتني بهم، لكن لايف “وفرت لي خيمة أعطتني الدفء والخصوصية حتى أضع مولودي بلا خوف، ووفروا لي طعام فأرضعتهم.
أما يزن 8 سنوات فقد منحته لايف كيساً من الخضروات وقد كان بها قطعة من القرنبيط "زهرة"، فركض لأمه طالباً أن تصنعها له في الحال مقلية فقد اشتاق لطعام طازج لم يتذوقه منذ شهور".
في حين كان أبو ناصر البالغ من العمر 63 عاماً يحكي قصصاً يتذكر بها أولاده المفقودين شاكياً من آلام جسده بسبب البرد وضياع الأدوية قبل أن توفر له لايف مستلزمات الشتاء وخيمة عازلة للمطر والماء والرطوبة، وبعض المسكنات، فنام لأول مرة منذ شهور!
وفي دير البلح لم تكن هناء ذات الـ 4 سنوات تكف عن البكاء تريد والدتها التي لم يستوعب عقلها بعد أنها لن تراها مجدداً، فكانت بعض الثياب التي أهدتها لها لايف والحلوى والألعاب كفيلة بأن تمسح بعض الدموع والخوف لتنشغل بما لم تراه منذ شهور الحرب.
وفي حياء يتستر تحت نقابها تقول فاطمة ذات الـ 15 عاماً: "كنت أكره موعد دورتي الشهرية والتي كان يصاحبها الألم الشديد بسبب ضعف جسدي والجوع والبرد، لكن توفير طرود الكرامة أعطاني وأخواتي دعماً نفسياً بأن هناك من يفكر في أمورنا التي تبدو صغيرة".

ديناميكية سريعة لمواكبة حجم الكارثة
وأخيراً يضيف خليل مايك مدير قسم التطوير بالمؤسسة أن الشفافية والمصداقية والمسئولية الأخلاقية ودعم النازحين واجب وليس فضل قائلاً: "نحن حالياً نعمل بجهد كبير على المرحلة الأولى للإغاثة وهي " إنقاذ الحياة" وهي توفير الغذاء والماء والدواء والرعاية الشخصية والمأوى، وبعدها المرحلة الثانية وهي التأهيل سواء بالدعم النفسي للأفراد أو تأهيل البنية التحتية، والمرحلة الثالثة هي مرحلة التعافي وهي الربط بين استمرار الإغاثة وإعادة الاعمار. لكن حاليا سيدخل موسم الشتاء ونتخوف من توقف موت الغزاويين بسبب الحرب، لكن موتهم من البرد مع عدم توفر التدفئة والإيواء.
وتتميز "لايف" بسرعة التحرك الإغاثي ولا تعطلنا المشكلات اللوجستية بسبب استعدادنا المسبق وعملنا في غزة خلال 24 عاماً مضت، هذا إلى جانب الحاضنة الشعبية من الذين يؤمنون بالدور الإنساني ويدعمون أهل غزة، فنحن لنا طرق وأساليب وديناميكية أسرع من المؤسسات الحكومية والأممية.

 











شخصية العام

كاريكاتير

إستطلاعات الرأي