
واشنطن- تستمع المحكمة الأميركية العليا الأربعاء إلى مرافعات بشأن قانونية المجموعة الواسعة من الرسوم الجمركية التي فرضها دونالد ترامب، في قضية تاريخية قد تدعم أجندة الرئيس الاقتصادية أو تقلبها رأسا على عقب.
وعلى المحك عائدات جمركية بمليارات الدولارات وورقة ضغط رئيسية في حروب ترامب التجارية، بينما تجد المحكمة التي يهيمن عليها المحافظون نفسها مرة أخرى أمام اختبارات لمدى سلطة الرئيس.
ووصف ترامب القضية بأنها "من بين الأهم" في تاريخ الولايات المتحدة وحذّر من كارثة حال صدور قرار بإلغاء رسومه الجمركية.
وقال الثلاثاء على منصته "تروث سوشال" إن هذه القضية "هي حرفيا مسألة حياة أو موت بالنسبة لبلدنا".
سينظر قضاة المحكمة التسعة في مسألة استخدام ترامب صلاحيات طارئة لفرض رسوم جمركية على كل شركاء واشنطن التجاريين تقريبا والتي يقول إنها "متبادلة" في إطار المعاملة بالمثل، إضافة إلى رسوم تستهدف المكسيك وكندا والصين تحديدا على خلفية دورها المفترض في تدفق المخدرات إلى الولايات المتحدة.
يفيد معارضوها بأن هذه الرسوم الجمركية واسعة النطاق مخالفة لـ"قانون الصلاحيات الاقتصادية الطارئة الدولية"، وهو القانون ذاته الذي استند إليه ترامب في فرضها.
ولا يتعلّق قرار المحكمة الذي قد يستغرق صدوره عدة شهور، بالرسوم الجمركية التي فرضها ترامب على قطاعات محددة، بما في ذلك الصلب الألومنيوم والمركبات.
منذ عودته إلى البيت الأبيض، رفع ترامب المعدل الإجمالي للرسوم الجمركية الفعلي إلى أعلى مستوياته منذ ثلاثينيات القرن الماضي.
وقضت محكمة أقل درجة في أيار/مايو بأن ترامب تجاوز صلاحياته عبر فرض الرسوم الجمركية العالمية، وهو قرار تم تثبيته في مرحلة الاستئناف، ما دفع الرئيس لنقل المعركة إلى المحكمة العليا.
وأفاد ترامب الأحد على "تروث سوشال" "إذا لم يكن الرئيس قادرا على استخدام سلطة الرسوم بسرعة وسهولة، سنصبح عُزلا ما قد يؤدي حتى إلى خراب بلدنا".
- "متابعة الأحداث عن كثب" -
طرح الرئيس فكرة حضوره جلسة الاستماع يوم الأربعاء بنفسه، لكنه قرر في نهاية المطاف عدم القيام بذلك، قائلا إنه "لا يريد أن يصرف الانتباه" عن أهمية القرار.
لكن وزير الخزانة سكوت بيسنت قال لقناة "فوكس نيوز" إنه يعتزم "متابعة الأحداث عن كثب".
ولدى سؤاله عمّا إذا كان سيُنظر إلى حضوره على أنه محاولة للترهيب، قال بيسنت "يمكنهم قول ما يشاؤون. أنا هناك للتأكيد على أن هذه حالة طوارئ اقتصادية".
من جانبها، أفادت الناطقة باسم البيت الأبيض كارولاين ليفيت الصحافيين الثلاثاء بأن الإدارة الأميركية واثقة تماما في مرافعاتها القانونية، لكنها مع ذلك "تستعد دائما للخطة البديلة".
وتفيد إدارة ترامب بأنه بموجب "قانون السلطات الاقتصادية الدولية الطارئة"، يحق للرئيس "تنظيم" التجارة عبر فرض معدلات ضرائب على الواردات بأي مستوى كان.
لكن معارضي الخطوة يشيرون إلى أن "كلمتي "رسوم جمركية" أو "ضريبة" لا وجود لهما في القانون وأن الدستور الأميركي يمنح بوضوح الكونغرس صلاحية إصدار الرسوم.
وتقدّم نواب ومسؤولون أميركيون سابقون وشركات تجارية بنحو أربعين مذكرة قانونية ضد رسوم الرئيس المفروضة على مختلف بلدان العالم، بينما لم تؤيد غير بضع مذكرات تحرّكاته.
- "نقطة حرجة" -
ورغم أن رسوم ترامب الجمركية لم تتسبب بتضخم واسع النطاق، إلا أن الشركات وخصوصا الصغيرة منها تفيد بأنها تتحمّل عبء تكاليف الاستيراد الإضافية.
وتفيد الأعمال التجارية الصغيرة والولايات التي اعترضت على رسوم ترامب أمام القضاء إنه حتى وإن كان "قانون الصلاحيات الاقتصادية الطارئة الدولية" يسمح للرئيس بـ"تنظيم" الواردات في الحالات الطارئة، إلا أنه لا يمنحه سلطة "فرض ضرائب على كل جانب من جوانب الاقتصاد الخاضع للتنظيم".
كما يشير معارضون إلى أن العجز التجاري الأميركي الذي برر ترامب رسومه الجمركية "المتبادلة" فيه، لا يتوافق مع شروط "قانون الصلاحيات الاقتصادية الطارئة الدولية" بشأن "تهديد غير عادي واستثنائي".
وذكر محامو ترامب بأن حتى القضايا العالقة منذ زمن بعيد يمكن أن تصل إلى "نقطة حرجة" تتطلب إعلان طوارئ.
ويشير المحامون إلى أنه إذا خلصت المحكمة إلى أن رسوم ترامب الجمركية العالمية غير قانونية، فيمكن للحكومة الاستناد إلى قوانين أخرى لفرض رسوم تصل نسبتها إلى 15 في المئة لمدة 150 يوما، مع متابعة تحري السبل التي تتيح فرض رسوم أطول أمدا.
وبالتالي، قد تفضّل البلدان التي أبرمت اتفاقيات مرتبطة بالرسوم الجمركية مع ترامب عدم إعادة فتح المفاوضات.