تجربة الأمطار الاصطناعية الأخيرة في العاصمة الهندية لم تقنع الخبراء

أ ف ب-الامة برس
2025-11-02

سائق دراجة نارية يغطي وجهه في نيودلهي بتاريخ 21 تشرين الاول/اكتوبر 2025 وسط الضباب الدخاني في المدينة بعد يوم من ديوالي (ا ف ب)تشكل تجربة الأمطار الاصطناعية الأخيرة في العاصمة الهندية نيودلهي آخر محاولة في سلسلة من المبادرات الغريبة أحيانا للتخفيف من الضباب الدخاني السام، لكنها لم تُقنع الخبراء والناشطين البيئيين الذين اعتبروها مجرّد "عرض مكلف".

بعد تأخير لفترة طويلة، بدأت التجارب الأولى لما يُطلق عليه المتخصصون "تلقيح السحب" فوق المدينة الضخمة التي تضم 30 مليون نسمة، باستخدام طائرة صغيرة.

تتمثل هذه التقنية بتلقيح السحب بمادة كيميائية مثل يوديد الفضة لتوليد أمطار تنظف الهواء من الجسيمات السامة.

ولم تكن الاختبارات الأولية التي تؤمن بها السلطات في العاصمة وأُجريت تحت إشراف علماء من المعهد الهندي للتكنولوجيا في كانبور (شمال نيودلهي)، على مستوى التوقعات.

وأشار العلماء إلى أنّ الغطاء السحابي كان غير كافٍ، وأن مستويات الرطوبة منخفضة جدا لتحدث أمطارا غزيرة.

ولم يثنِ هذا الفشل فيريندرا ساشديفا، المسؤول عن حزب رئيس الوزراء ناريندرا مودي في نيودلهي، عن مواصلة التجربة. وقال في تصريح صحافي إنّ "النجاح لا يتحقق دائما من المحاولة الأولى".

وبحسب وسائل إعلام محلية، أنفقت البلدية أكثر من 310 آلاف يورو على هذه التجارب.

- "القضاء على مصادره" -

في السنوات الأخيرة، أظهرت الهند محاولات لا حدود لها في جهودها للحدّ من تلوث الهواء، مكثّفة إجراءات مكلفة أكثر من كونها فعّالة، بدءا من طائرات الرشّ المسيّرة وصولا إلى أبراج نشر الهواء المُصفّى.

يغطّي أكبر مدينة في الهند ضباب دخاني سام ناتج عن المصانع وحركة السيارات، ويتفاقم كل شتاء بسبب الدخان الناجم من حرق النفايات الزراعية في المناطق المحيطة.

والخميس، ارتفعت مستويات الجزيئات العالقة الملوثة "بي ام 2,5" (PM2.5) وهي جسيمات دقيقة خطرة تدخل مجرى الدم، إلى أكثر بعشرين مرة من الحد الأقصى اليومي الذي توصي منظمة الصحة العالمية بعدم تجاوزه.

أشارت دراسة نُشرت العام الفائت في مجلة "ذي لانسيت" الطبية إلى أن 3,8 ملايين هندي قضوا بسبب تلوث الهواء بين عامي 2009 و2019.

تعتبر الناشطة البيئية بهافرين كاندهاري أنّ عددا محدودا من العمليات بطائرة سيسنا لن يغيّر شيئا، وتقول "لن نتمكن من السيطرة على تلوث الهواء إلا بالقضاء على مصادره".

وحتى لو أدت عملية تلقيح الغيوم في النهاية إلى هطول أمطار غزيرة، ستكون آثارها قصيرة الأمد فقط.

ويقول موهان جورج من مركز العلوم والبيئة في نيودلهي "ترتفع مستويات التلوث فور توقف المطر تقريبا. وسبق أن لاحظنا هذه الظاهرة خلال موسم الرياح الموسمية".

- "تطبيق سيء" -

يقول عالم المناخ دانييل فيزيوني من جامعة كورنيل الأميركية إنّ "هذه التقنية لا تُسبب هطول أمطار في الأماكن التي لا توجد فيها رطوبة في الهواء، بل تُجبر الماء على التكثف في مكان دون آخر".

ويضيف "من الصعب معرفة مدى فعاليتها في حالات التلوث الشديد".

ابتكرت تقنية تلقيح الغيوم في أربعينات القرن الماضي، واستُخدمت في دول مختلفة لتحفيز هطول الأمطار، وإزالة الضباب، أو مكافحة الجفاف، وكانت نتائجها متباينة جدا.

سنة 2008، استخدمتها الصين لمنع هطول الأمطار على منشآت دورة الألعاب الأولمبية في بكين.

يرى عالمان من المعهد الهندي للتكنولوجيا في نيودلهي أنّ هذه التقنية ليست سوى "حيلة جديدة". وكتب شهزاد غاني وكريشنا أتشوتاراو في صحيفة "ذي هندو": "إنها مثال واضح على سوء تطبيق العلم وتجاهل الأخلاق".

ويعتبران أنّ أسباب التلوث في نيودلهي معروفة جيدا وكذلك حلول الحد منه: استخدام وقود أنظف، وإدارة أفضل للنفايات، وتطبيق أكثر صرامة لقوانين مكافحة التلوث.

ومع ذلك، بدلا من التركيز على هذه الأولويات، يمنح بعض الفاعلين في الأوساط العلمية من باحثين ومستشارين ومؤسسات، مصداقيتهم لعرض مكلف لن يُعالج السبب الجذري للمشكلة، وفق العالِمَين.











شخصية العام

كاريكاتير

إستطلاعات الرأي