
نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” تقريرا أعده دوف ليبر وسمر سعيد قالا فيه إن حركة حماس قيمت أنها تستطيع النجاة في غزة والحكم، حيث تتحدى الحركة مطالب تفكيكها قبل محادثات مهمة لتطبيق خطة الرئيس دونالد ترامب من أجل تحقيق السلام في غزة.
وجاء في التقرير أن حماس أعطت خلال أسبوعين مضيا على وقف إطلاق النار انطباعا واحدا: لن تذهب إلى أي مكان.
وأضافت الصحيفة أن حماس تدفع من أجل لعب دور في حكم غزة ما بعد الحرب في المفاوضات مع الوسطاء العرب. ويتعارض هذا الموقف مع خطة الرئيس ترامب للسلام المكونة من 20 نقطة، والتي تدعو الحركة إلى التخلي عن السلطة “بأي شكل من الأشكال”.
وتابعت “اختبرت حماس الدفاعات الإسرائيلية، مما دفعها إلى شن غارات جوية ردا على ذلك، وأثار مخاوف بشأن هشاشة وقف إطلاق النار”. كما شنت حملة ضد الفصائل الفلسطينية المنافسة، في استعراض للقوة يظهر أنها لا تزال القوة الوحيدة القادرة على حكم قطاع غزة.
وتقول الصحيفة إن الحركة تراهن على قدرتها على فرض وجودها دون أن يؤدي ذلك إلى العودة إلى الحرب.
ويرى أفنير غولوف، مسؤول الأمن القومي الإسرائيلي السابق ونائب رئيس منظمة “مايند إسرائيل” الاستشارية: “تريد حماس أن تظهر ألا أحد يستطيع تفكيكها، وأنها الطرف الأقوى في غزة”.
وأبلغ قادة الحركة وسطاء عربا في القاهرة خلال الأيام الأخيرة أن حماس لن تمحى، وأنها تتوقع أن يكون لها دور في إدارة القطاع مستقبلا. ويأتي هذا الطلب في الوقت الذي تتجه فيه المفاوضات نحو المرحلة الثانية من خطة ترامب، وهي صياغة بدائل لإدارة غزة وتأمينها، بعيدا عن حماس.
وتدعو خطة ترامب إلى نزع سلاح حماس، لكن الجماعة قلقة من تسليم أسلحتها أو التراجع عن النزاع بدون ضمانات تؤكد نهاية الحرب. ويقول الوسطاء إن حماس تدفع لوقف إطلاق النار مدة 10 أعوام أثناء المفاوضات حول مستقبل غزة.
وتأتي هذه التحركات الدبلوماسية في أعقاب سلسلة من الهجمات التي شنتها خلايا صغيرة تابعة لحماس خلال الأسبوع الماضي، وحملة متواصلة ضد العائلات المسلحة والميليشيات في غزة.
وفي غضون ذلك، تتهم حماس إسرائيل بانتهاك اتفاق ترامب وشن غارات جوية وتقييدها دخول معدات البناء والأفراد اللازمين للبحث عن جثث الأسرى المتبقين في غزة.
ونقلت الصحيفة عن حسن أبو هنية، الخبير المستقل في شؤون الجماعات الإسلامية في عمان، قوله إن مناوشات حماس تهدف إلى لفت انتباه إسرائيل إلى أن هناك ثمنا للتقصير في الوفاء بوعودها. وأضاف أبو هنية: “بالنسبة لحماس، وقف إطلاق النار هو اتفاق، وليس استسلاما”. ولم ترد حماس على طلب التعليق، فيما قال زعيم خليل الحية بمقابلة أجرتها معه قناة مصرية يوم الإثنين إن الحرب توقفت. وأكد على تصميم الحركة الحفاظ على الاتفاق و”سيصمد لأننا نريده أن يصمد”.
ووصلت عملية السلام التي يرعاها ترامب إلى منعطف حرج، حيث صمد وقف إطلاق النار لمدة أسبوعين وحررت حماس آخر ما لديها من أسرى إسرائيليين. وللتأكد من ثبات الاتفاق وعدم استئناف الحرب وصل عدد من مسؤولي الإدارة البارزين من مبعوثي ترامب، ستيف ويتكوف وصهره جاريد كوشنر إلى نائبه جيه دي فانس وأخيرا ماركو روبيو الذي وصل الخميس، حيث قال أثناء سفره إلى المنطقة: “من المهم، وخاصة في الأسبوعين المقبلين، أن نحافظ على وقف إطلاق النار معا”.
واتهمت إسرائيل حماس باستهداف وقتل جنديين يوم الأحد في رفح جنوب غزة. ونفى مسؤولو حماس أي علم بالهجوم، وقالوا إنهم فقدوا الاتصال بمقاتليهم في رفح. وتكشف الأحداث عن مواجهة بين الطرفين تدور في المنطقة الرمادية بدون أن تؤدي العمليات إلى انهيار خطة ترامب. ويقول غولوف: “كل واحد يحاول تشكيل الواقع على الأرض”. وقال أشخاص مطلعون على الأمر إن ويتكوف وفانس وجها رسالة قوية إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للحفاظ على وقف إطلاق النار من خلال ضمان تناسب أي ردود على الانتهاكات المزعومة من قبل حماس.
وقالت الصحيفة إن التزام إسرائيل بخطة ترامب واستعداد الحكومات العربية لتزويد قوة حفظ سلام وتمويل إعادة الإعمار مشروط بتخلي حماس عن السلطة في غزة. ويكمن خطر التأخير في أن إعادة الإعمار قد تتوقف أو تتم فقط في 53٪ من غزة التي لا تزال تسيطر عليها إسرائيل. وقد طرح كوشنر خطة من شأنها تقسيم غزة فعليا إلى نصفين حتى يتم القضاء على حماس، مع تدفق أموال إعادة الإعمار فقط إلى الجزء الذي تسيطر عليه إسرائيل بينما يعاني جانب حماس. وقبل مغادرته إسرائيل، أشار فانس إلى إمكانية إعادة إعمار رفح خلال عامين أو ثلاثة أعوام ونقل نصف مليون إليها. وهو ما تعارضه الدول العربية لخوفها من احتلال إسرائيلي دائم للمنطقة. وقال الوسطاء العرب في المحادثات إنهم قلقون من أن سلسلة الهجمات تظهر إما أن القيادة السياسية لحماس لديها نفوذ محدود فقط على المقاتلين في غزة، أو أن القادة العسكريين للجماعة في غزة لا يملكون السيطرة على جميع خلاياهم.
وتتضمن المفاوضات الحديث عن تشكيل قوة بقيادة مصر، بمشاركة من تركيا وإندونيسيا وأذربيجان، بالإضافة إلى بضعة آلاف من الفلسطينيين الذين يتدربون حاليا بشكل رئيسي في مصر والأردن. وقد اعترضت إسرائيل على أي تدخل من تركيا أو السلطة الفلسطينية. وأكد جاي أفياد، المؤرخ العسكري الإسرائيلي المتخصص في شؤون حماس أن الحركة تريد أن يدوم وقف إطلاق النار لأطول فترة ممكنة، حتى تتمكن من استعادة سيطرتها على قطاع غزة.
وأضاف أنه في الوقت نفسه، تستعد حماس للعودة إلى القتال بإرسال مقاتلين إلى ما وراء “الخط الأصفر” الذي يمثل المنطقة التي تسيطر عليها القوات الإسرائيلية لاختبار رد فعلها، على حد زعمه.