
في قلب جبال بوياكا الكولومبية الساحرة، بات متنزه "أل هايال" الإيكولوجي وجهة لافتة لعشاق المغامرة والطبيعة، بفضل جسوره المعلقة التي تجمع بين الهندسة المدهشة والمناظر الطبيعية الخلابة التي تأسر الأنظار.
يقع المتنزه في بلدة سانتا صوفيا التابعة لمحافظة بوياكا (شمال)، ويضم جسورا معلقة ضخمة تتميز بطولها وجمالها الخلاب، كما يمر عبرها الزوار وسط غطاء الغابات الكثيفة، مع فرصة مشاهدة مناظر بانورامية رائعة.
يحتضن المتنزه أيضا مواقع أثرية تعود لحضارة مويسكا، التي عُرفت بمهارة سكانها الأصليين في صياغة الذهب، ما يمنح المكان بعدا ثقافيا إلى جانب سحره الطبيعي.
ومن بين تلك الجسور، يبرز جسر التيبت الذي يبلغ طوله 162 مترا، إضافة إلى جسر الأنابيب المرتفع بطول 234 مترا، واللذين يتيحان للزائرين فرصة اجتياز الغابات وسط مشاهد طبيعية مذهلة لجبال بوياكا الوعرة.
**رائد للسياحة المستدامة
ويمر عبر المتنزه نهر غواتوقي وواد طبيعي مميز يشكلان معا مناظر طبيعية خلابة، ويعتبران نقطة انطلاق مثالية لعشاق المغامرة ومحبي الطبيعة.
متنزه "أل هايال" تحول إلى رمز للسياحة المستدامة في كولومبيا، إذ يوفر مسارات للمشي، ومناطق لمراقبة النباتات والحيوانات المحلية، إلى جانب مرافق رياضية لمحبي المغامرات.
ويؤكد خبراء أن تصميم الجسور المعلقة يراعي أعلى معايير الأمان، ما يجعل تجربة عبورها آمنة ومثيرة في الوقت ذاته، فضلا عن كونها تُمثل تحديا جسديا وذهنيا لعشاق الإثارة.
**مصدر دعم للاقتصاد المحلي
وساهمت السياحة المتزايدة في تعزيز الاقتصاد المحلي في سانتا صوفيا والمناطق المحيطة، لاسيما مع ارتفاع الطلب على خدمات الضيافة والمطاعم والحرف اليدوية، ما خلق فرص عمل جديدة للسكان.
وتضم البلدة معالم طبيعية وثقافية مميزة مثل "ممر الملاك" فوق نهر مونيكيرا، وحفرة "هويّو دي لا روميرا"، فضلا عن كهوف قديمة استخدمها السكان الأصليون كملاجئ وأماكن للعبادة.
ويوفر المتنزه أيضا مسارات ركوب للدراجات، وأرجوحات معلقة، ومسارات للانزلاق الجبلي، لتمنح الزوار تجارب مشوقة ومتنوعة وسط الطبيعة.
وفي حديث للأناضول، أشارت مديرة متنزه "أل هايال" الإيكولوجي، باولا بوستوس، إلى الأهمية التي يحظى بها المتنزه على الصعيدين البيئي والثقافي.
وأضافت أن المتنزه ينقسم إلى منطقتين رئيسيتين، إحداهما منطقة جبلية كانت موطنا لشعب مويسكا، مشيرة إلى أهمية الحفاظ على البنية البيئية والتراث الثقافي للمكان.
وتابعت: "بعد رحلة المشي الجبلية، يصل الزوار إلى شلال مقدس لشعب مويسكا، وراءه توجد صخرة تُعرف باسم (صخرة الأسد)، التي تشبه تكويناتها الصخور المستخدمة في أفلام شهيرة".
كما أشارت إلى أن الهدف من الجسور المعلقة هو إتاحة تجربة السير فوق الغابات، موضحة: "الجسر المعلق بعد جسر التيبت هو الأطول في كولومبيا، ويتميز بارتفاعه الحاد مما جعل الزوار يطلقون عليه اسم "سلم السماء". نريد أن يشعر زوارنا بحرية كنسور تحلق في السماء، والأمان هو أولويتنا القصوى".
** ارتباط وثيق بالطبيعة
من جانبها، قالت إستر فانيا رودريغيز، إحدى موظفات المتنزه، إن شعب مويسكا كان يمارس رحلات طويلة في هذه المناطق، وكان يعتبر الكهوف ملاذا روحيا ومكانا للتأمل والتواصل مع قوى الطبيعة.
وختمت بالقول إن متنزه أل هايال الإيكولوجي وجسوره المعلقة يشكّلان أكثر من مجرد وجهة سياحية، إنهما جسر بين الماضي والحاضر، يربط بين الطبيعة البكر والتراث الثقافي الغني، ويمنح الزوار تجربة فريدة تدعو إلى احترام البيئة وصون التراث.