
أكد مقال نشرته صحيفة تايمز البريطانية أن نجاح الرئيس الأميركي دونالد ترامب في التوسط لاتفاق غزة يقدم درسا مهما لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية، مفاده أن القوة الحازمة والإرادة الشخصية -لا الشعارات والاحتجاجات- هي مفتاح السلام.
ودعا الكاتب -ووزير الخارجية البريطاني الأسبق- ويليام هيغ الإدارة الأميركية إلى ممارسة ضغط عسكري على موسكو عبر إرسال صواريخ توماهوك إلى أوكرانيا، مع العمل على استعادة ثقة الأوكرانيين بحليفهم الأميركي لضمان التزامهم بأي تسوية سلام مستقبلية.
وعدّ هيغ -في مقاله- تدخل ترامب نجاحا مهما رغم أخطاء هذا الرئيس السابقة، مثل "مبالغاته وتصريحاته الاستعراضية وتأخره في التدخل في الحرب وسماحه لإسرائيل بالتمادي والتصرف كما تشاء دون كبح جماحها".
الضغط بالقوة العسكرية
ولفت الكاتب -وهو رئيس جامعة أكسفورد حاليا- إلى ضرورة القوة العسكرية في تحقيق النجاحات الدبلوماسية.
ووفق المقال، تجاوبت الدول العربية مع ترامب لأنها تحتاج للتكنولوجيا الأميركية والحماية العسكرية، وتوقفت إسرائيل عن قصف قطاع غزة لأنها تعتمد على السلاح والتمويل الأميركي.
وأشار هيغ إلى ضرورة تعلم أوروبا والمملكة المتحدة هذا الدرس، فامتلاك أدوات القوة الاقتصادية والتكنولوجية والعسكرية هو "السبيل الوحيد للتأثير في قضايا الشرق الأوسط"، أما المواقف الأخلاقية وحدها، فهي لا تُحدث فارقا فعليا في النزاعات.
ودلل على ذلك بالإشارة إلى أن مساهمات بريطانيا في اتفاق غزة جاءت عبر جهود شخصيات مثل رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير في التنسيق "الدبلوماسي والإنساني"، وفق تعبير المقال، في حين لم تُحدث الاعترافات الرمزية بفلسطين أي تأثير ملموس على أرض الواقع.
الإرادة رغم العوائق
أما على الصعيد الشخصي، فإن الكاتب يرى أن استعداد ترامب لتجاهل العقبات من الأطراف المتفاوضة كان بالغ الأهمية للحفاظ على الزخم السياسي نحو تحقيق الاتفاق.
وفي هذا الصدد، قارن بين طريقة تعامل ترامب مع ردّ حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وإسرائيل على الخطة الأميركية لوقف إطلاق النار، وبين القرار الحاسم الذي اتخذه الرئيس الأميركي جون كينيدي خلال أزمة الصواريخ الكوبية عام 1962.
ففي تلك الأزمة تلقى كينيدي رسالتين متناقضتين من الزعيم السوفياتي نيكيتا خروتشوف، واحدة تحمل نبرة صلح وأخرى تهديدية، فاختار كينيدي تجاهل الرسالة الثانية والرد على الأولى لتفادي الحرب النووية، مما جنب التصعيد وأدى لحل الأزمة.
وبالمثل -يتابع الكاتب- تلقى ترامب ردا من حماس وافقت فيه على تبادل الأسرى والانخراط في مفاوضات جديدة، دون الإشارة إلى مسألة نزع السلاح التي كانت بندا أساسيا في خطته، في وقت واصلت فيه إسرائيل قصف القطاع.
واعتبر بعض حلفاء ترامب أن رد حماس يشير إلى رفضها للاتفاق، إلا أن الرئيس الأميركي اختار تفسيره كخطوة إيجابية وأعلن وقف إطلاق النار وأمر بوقف القصف، حسب المقال.
وخلص الكاتب إلى أن القوة، لا التصريحات، هي التي تصنع الاتفاقات، مؤكدا أن على ترامب أن يطبق هذه المعادلة لوقف الحرب في أوروبا وتحقيق سلام دائم في المنطقة.