ترامب يتعمد التعتيم.. هل ألمحت إسرائيل لأمريكا بنية مهاجمة الدوحة قبل أسابيع؟

الامة برس-متابعات:
2025-09-11

الرئيس الامريكي دونالد ترامب (ا ف ب)كان الاحتفال مبكراً جداً. بعد يومين على هجوم سلاح الجو لقطر، يتعزز شك بأن العملية لم تحقق الأهداف المعلنة. حماس وحكومة قطر تعتمان نتائج الهجوم. ولكن يبدو أن عدداً من كبار قادة المنظمة الإرهابية الذين أصيبوا في قصف إسرائيل، يبدو أقل مما اعتقد في البداية. إضافة إلى ذلك، تبين أن نتنياهو، قرر القيام بالهجوم رغم معارضة معظم كبار قادة جهاز الأمن ورغم تحذير شديد أسمعوه حول تأثير سلبي للهجوم على صفقة التبادل.

كلما طالت الحرب الإقليمية وتعقدت، تأخذ إسرائيل على عاتقها أخطاراً أكبر للقيام بعمليات اغتيال. قبل أسبوعين هاجم سلاح الجو مدينة صنعاء في محاولة لاغتيال معظم كبار رجال حكومة الحوثي في اليمن. أول أمس، تم تفجير طاقم حماس المفاوض في قطر، في ذروة جلسة خصصت لبلورة استراتيجية في المفاوضات حول صفقة التبادل. ليست الهجمات هي التي أصبحت بعيدة المدى أكثر فأكثر، والأهداف أكثر طموحاً؛ حتى الآونة الأخيرة وصفت الاغتيالات المتسلسلة بأنها سلسلة نجاحات متصاعدة. ولكن الهجوم السابق في اليمن لم يحقق سوى نتائج جزئية (رئيس الحكومة وعدد من الوزراء قتلوا، لكن كبار قادة المستوى الأمني للحوثي نجوا من الهجوم)، والعملية في قطر ربما ستنتهي بالفشل.

الخطير الكبير يتعلق بحياة المخطوفين وسلامتهم. ربما من السموح عدم التأثر بتنديدات دولية جراء العملية الإسرائيلية في قطر، ولكن ألا تشعر إسرائيل بأن حماس ستستغل هذه الحادثة لزيادة التشدد في معاملة المخطوفين في الأنفاق أو ستهدد بالمس بهم؟ يفضل القول بوضوح إن الحفاظ على حياة المخطوفين لم يعد يحتل الأولوية لنتنياهو. ما يوجه اعتباراته هو الحاجة إلى البقاء في الحكم بكل الطرق، وطريقة تحقيق ذلك، حسب رأيه، هو حرب طويلة بقدر الإمكان.

حتى الآن، يسمح له ترامب بالمزيد من الوقت في غزة، لكنه يدفعه إلى عدم إطالة الحرب أكثر من اللزوم. هناك تقدير بأن ترامب سيطلب منه إنهاء القتال حتى نهاية السنة. لذلك، يصمم نتنياهو على توسيع العملية البرية في مدينة غزة، في حين أن رئيس الحكومة طلب تنفيذ العملية في قطر قبل البدء بالعملية البرية الكثيفة هناك.

مستوى دعم ترامب للعملية الإسرائيلية يرتبط باستمرار علاقته الجيدة مع نتنياهو. السؤال الذي لم يتم توضيحه بعد هو: ما الذي حدث بين “القدس” وواشنطن في الساعات، أو حتى في الأسابيع، التي سبقت الهجوم؟ رئيس الأركان إيال زامير، هدد بالمس بكبار قادة حماس الخارج في تصريح له في نهاية آب. كما يبدو ألمحت إسرائيل للولايات المتحدة عن نية العمل في قطر بالتحديد. ولكن “أخبار 12” نشرت أن الأمريكيين أدركوا أن الهجوم وشيك عندما لاحظت منظومات الدفاع الجوية بقيادة المنطقة الوسطى في الجيش الأمريكي في قطر تحليق الطائرات الإسرائيلية. في حينه، تم الادعاء، كما أوضحت إسرائيل ما تنوي فعله. هل ثمة احتمال بأن البيت الأبيض عرف مسبقاً، لكنه نسي إبلاغ القادة في الميدان؟ قائد المنطقة الوسطى في الجيش الأمريكي، زار إسرائيل والتقى مع كبار قادة الجيش الإسرائيلي قبل بضعة أيام فقط.

هنا تطرح إمكانية أن ترامب ينثر ضبابية حول الظروف بشكل متعمد حتى يحتفظ لنفسه بهامش إنكار: فصل الأمريكيين عن نتائج الهجوم، لا سيما إذا ما أضرت العملية الإسرائيلية بقطر وأخطأت هدفها الرئيسي: قتل كبار قادة حماس.

الرئيس الأمريكي لا يحب أن يكون متماهياً مع الإخفاقات، وله شبكة علاقات ومصالح معقدة مع قطر.

لكن إذا لم يكن هناك تنسيق كامل، ولم يتم إبلاغ الأمريكيين في الوقت المناسب، فثمة احتمالية لحدوث مشكلة بينه وبين نتنياهو، تكمن في ذلك. هذه بالضرورة ليست أنباء سيئة، فمنذ فترة طويلة وترامب هو الوحيد الذي ربما يمكنه تحقيق إنهاء الحرب، لكن هذا مرهون باستخدام ضغط أمريكي مباشر على نتنياهو، وهو ما لم يتجرأ ترامب على فعله. هذه الليلة نشرت “وول ستريت جورنال” بأن ترامب قال لنتنياهو بأن الهجوم كان “عملاً غير حكيم”. ما أصبح يرى بوضوح الآن هو الضرر الذي لحق بالعلاقات بين إسرائيل وقطر، مع كل تعقيداتها. رئيس حكومة قطر قال أمس في مقابلة مع “سي.إن.إن” بأن ما فعله نتنياهو هو ببساطة تصفية أي أمل للمخطوفين.

جيران قطر، بدءاً بالسعودية وحتى الإمارات، سارعوا إلى التنديد بالعملية الإسرائيلية. وكالعادة، تلاحظ هنا درجة كبيرة من النفاق. فالعلاقات بين دول الخليج معقدة، وثمة شعور بالشماتة تجاه القطريين الذين يثيرون باستمرار كل ما يحدث حولهم. ولكن هناك خوف في دول الخليج. طوال الحرب الحالية، كانت دول الخليج خارج المجال: إسرائيل لم تعمل فيها، في حين أن إيران اكتفت بهجوم رمزي واحد في قاعدة واحدة في قطر رداً على القصف الأمريكي لمنشأة فوردو النووية في حزيران الماضي. الآن حماس، بدعم من إيران، قد تبحث عن إغلاق الحساب في الخليج؛ كأن تهدد بالمس بسياح إسرائيليين في الإمارات.

عاموس هرئيل

هآرتس 11/9/2025









شخصية العام

كاريكاتير

إستطلاعات الرأي