ثنائي "الدائرة الدموية".. حين تندمج الكهانية الشعبوية مع الرغبات السياسية

2025-09-09

في انتخابات 2022 لم يتجرأ نتنياهو على التقاط صورة مع بن غفير، وفي جولة انتخابات سابقة، صرح بأن هذا الكهاني لن يكون وزيراً في حكومته (أ ف ب)هناك خط مستقيم يربط بين المأساة الدموية في هذا اليوم الفظيع، كبسولة ألم يومية مليئة ببروتين الحرب والموت، وبين مستوى عدم الشجاعة الذي أظهره نتنياهو وبن غفير في موقع العملية في القدس. هذه العلاقة ليست صدفية أو اعتباطية، بل جوهر منظومة تشغيل هذه الحكومة؛ الحكومة التي لم تتحمل ذات يوم المسؤولية عن أي شيء، بل وجدت المزيد من المتهمين بإخفاقاتها الدموية، وحرضت ضدهم بحقارة.

في انتخابات 2022 لم يتجرأ نتنياهو على التقاط صورة مع بن غفير، وفي جولة انتخابات سابقة، صرح بأن هذا الكهاني لن يكون وزيراً في حكومته. من نافل القول وصف علاقة الليكود التاريخية السلبية مع الكهانية، حتى الاندماج الفكري والإنساني بين الحركتين، الذي عمل نتنياهو على تعزيزه في السنوات الأخيرة لخدمة حاجاته السياسية. أمس، تجول كتفاً بكتف مع بن غفير في ساحة العملية، يحرضه بنفس الوقاحة المسمومة ضد المحكمة العليا التي قررت قبل يوم، بالصورة المطلوبة في دولة قانون، عدم تجويع السجناء الأمنيين في السجون الإسرائيلية.

للدقة، كان تحريضاً مركزاً ضد الجناح الليبرالي المتبقي في المحكمة، والذي يناضل على حياته أمام مؤيدي الحكومة. الأول هو رئيس الحكومة المسؤول عن الكارثة الأكبر في تاريخ دولة إسرائيل، والثاني هو وزير فاشل للأمن الداخلي، الذي هبط الأمن الشخصي لكل إسرائيلي إلى حضيض غير المسبوق في فترة ولايته. وما زالا يتجرآن على اتهام الآخرين بشيء ما.

هذه الحكومة، التي جلبت على إسرائيل الأيام الأكثر سواداً، اخترعت لمفهوم “الصهيونية” تحسينات وعروضاً جديدة. هما لا يتحملان فقط المسؤولية عما فعلته أيديهما، بل ويلوثان الآخرين باتهامات كاذبة ويدفعان قدماً بمصالحهما الإجرامية على ظهور دماء الضحايا، بواسطة حملة تحريض لإضعاف جهاز القضاء. نحن بحاجة إلى فعل شيء آخر من أجل عبارة “قتلت وورثت”. هو فعل صغير جداً بالنسبة لنتنياهو ومحيطه.

نتنياهو راقص مخضرم في ساحات العمليات؛ فهناك تراكم رأس ماله السياسي في التسعينيات، وهناك ارتكب الخطيئة الأولى، خطيئة التحريض، عندما هدر دم إسحق رابين، وهناك أيضاً ارتبط بالكهانية، بعلاقة مصالح مخفية، أصبحت مكشوفة في السنوات الأخيرة. إن رأس المال السياسي الذي راكمه نتنياهو من العمليات في فترة حكومة التغيير، التي تظهر رغم الرعب الحالي كنوع من الاضطرابات المتواضعة لروتين الحياة، أعطى القوة المسيحانية التي يشغلها الآن بدون كوابح وبيده. من المخيف، وربما أقل قليلاً من معرفة أن رئيس الحكومة هذا، التفكير بما كان سيفعله نتنياهو لو كان في المعارضة الآن أو في 7 أكتوبر.

إن تساوق نتنياهو اليوم مع بن غفير وأقوالهما المتبجحة والفظيعة، تمثل ذروة جديدة، وبالأحرى تدهوراً جديداً. هي تعبر عن اندماج كامل بين الكهانية الشعبوية وسياسة رئيس الحكومة، اندماج يؤدي إلى استمرار الحرب في غزة رغم تكلفتها الباهظة، وإلى إجراءات قد تودي بحياة الرهائن على الأرجح. اندماج يتجلى في المذابح المنتظمة التي يرتكبها “فتيان التلال” [المستوطنون] في الضفة الغربية، وفي الواقع الدموي على طول البلاد وعرضها. يحدد نتنياهو حضيضاً جديداً يبرر كراهيته ويشعل الانقسام الفظيع، وبالأساس يعلمنا إلى أي درجة لا يوجد لدى هذا الشخص أي خط أحمر أو ضمير.

 

رفيت هيخت

هآرتس 9/9/2025









شخصية العام

كاريكاتير

إستطلاعات الرأي