في معرض (انقراض) للتشكيلية كاريل حمصي… محاولة رثاء للكائنات والأماكن

الأمة برس
2025-08-22

القاهرة - محمد عبد الرحيم - في شكل كرنفالي ساخر ــ بعيداً عن السخرية السوداء ــ تستعرض الفنانة التشكيلية كاريل حمصي ــ مواليد العام 1968 ــ أماكن وكائنات في طريقها إلى التحول أو الاختفاء والفناء، عالم يوشك على الانتهاء، ذلك كما جاء معرضها الذي أطلقت عليه (انقراض)، والذي أقيم منذ فترة في (قاعة الزمالك للفن)، حيث تحاول الفنانة عبر لوحاتها خلق حالة من المفارقة بين عالم القاهرة اليوم وما كان عليه من قبل، سواء من حيث المكان نفسه، كالشوارع والميادين، إضافة إلى شخصيات تاريخية تستحضرها لتمر أو تسير في هذه الأماكن، كالأميرة (فاطمة إسماعيل) في ميدان طلعت حرب، أو أسرة أرستقراطية في حديقة الحيوان، والتي بالطبع لا تمت بصِلة إلى حال الحديقة الآن. وهكذا عالم من الممكن أن نلحظة في الصور الفوتوغرافية القديمة، أو لوحات ذاك العصر، حيث كانت القاهرة ــ خاصة الأحياء والميادين والمعالم الشهيرة ــ تكاد تقارب المدن الأوروبية. ذلك بالطبع دون التطرق لأحياء القاهرة الشعبية وناسها، والتي بدورها يتم الآن مسخها والقضاء عليها.

الأسلوب
اللافت في اللوحات هو اختلاف الأسلوب، ويبدو أنها لوحات تم رسمها خلال مراحل مختلفة، دون أن يكون موضوع الانقراض هذا هو الأساس، أو الفكرة الرئيسة التي تشكّلت من خلالها اللوحات ككل. فهناك لوحات تستعرض الطبيعة ذات أسلوب يختلف تمام الاختلاف عن اللوحات التي تتناول مدينة القاهرة، حيث اختلاف المنظور، خاصة في البنايات والسيارات، وهو للكاريكاتير أقرب. أما فكرة دمج عناصر حديثة مع المدينة في سابق عهدها، كما في لوحتي (بائع الخبز في ميدان التحرير) و(ميدان مصطفى كامل) فلا توضح موضوع (الانقراض) المقصود من المعرض، بل حالة من التحوّل الذي أصاب هذه الأماكن وسكانها وروادها من الأميرات والسيارات الفارهة وقتها، فها هو بائع الخبز يسير بدراجته في ميدان طلعت حرب، يحاول المرور بين السيارات، حتى لا يسقط الخبز من فوق رأسه. فهل هو انقراض زمن أو فئة أو طبقة؟ ربما!

الطبيعة وكائناتها
ومن الميادين والشوارع وناسها إلى الطبيعة وعالمها، وهنا تستحضر الفنانة العديد من الكائنات التي إما أن تستأنس بعالمها، كما في لوحات (الغزال المصري) أو (الفهد)، أو (حيوانات في حديقة الأورمان) والأخيرة لوحة خيالية عن كائنات مختلفة تعيش في تآلف وتناغم تام، سواء بينها وبين الحيوانات الأخرى .. أسد ونمر، أفراس نهر وحمار وحشي وهدهد، وزراف وفيلة، إضافة إلى كائن أسطوري في عمق اللوحة ــ قنطور ــ يمثل آدم وحواء، وهي من أكثر اللوحات تعبيراً عن العالم في لحظة من التفاهم والهدوء، بلا خوف أو خطر مُحتمل.

ذلك على العكس من لوحات أخرى تمثل وحشية الإنسان وتدميره للبيئة وفقاً لأحلامه أو أوهامه، كما في لوحة المرأة التي تضع على كتفها فراء المنك، بينما الحيوان نفسه (المنك) يرتسي حجرها وينظر إلى المتلقي في دهشة وفزع. لوحة أخرى تستعرض (الفيل) وخلفه ستائر أشبه بمسرح السيرك، حيث من المفترض أنه يؤدي لعبة من الألعاب، بأن يقف مقيّد الأقدام فوق كرة ضخمة، وكذا خرطومه معقود إمعاناً في التعذيب، وحتى يليق بفقرة جديرة بتصفيق روادها.

الشخوص
هناك عدة لوحات اقتصرت على الشخوص، أو أن الشخصية هي بطلة اللوحة، كما في لوحة (المنك)، إضافة إلى ذلك نجد لوحات مثل .. (حواء) و(فاشينيستا)، وهي لوحات ذات أسلوب مختلف تماماً، بطلتها امرأة ولا علاقة لها بمعنى (الانقراض) الذي حمل المعرض اسمه.
فهل نسخر أم نتأسى؟ ننعي زمن فائت ونتحسر على جمال يزول، أم نضحك من المفارقة والتناقض في اللوحات؟ ربما تساؤلات تعرفها الفنانة وحدها، وربما تحاول هي أيضاً أن تعرف ماذا تريد! القدس العرب

 









شخصية العام

كاريكاتير

إستطلاعات الرأي