معركة ترامب ضد الصرح التعليمي.. أمريكا لا يمكنها تحمل سقوط هارفارد

الامة برس-متابعات:
2025-06-12

هارفارد، بمقاومتها العلنية أصبحت رمزا للتحدي (أ ف ب)برلين- في زمنٍ تتعرض فيه أسس الديمقراطية الأمريكية لاختبارٍ غير مسبوق، تسلط مجلة دير شبيغل الألمانية الضوء على صراعٍ محتدم بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وجامعة هارفارد، رمز التعليم العالي العالمي. في قلب هذه المعركة، يقف البروفيسور رايان إينوس، أستاذ العلوم السياسية، ليروي قصة مقاومة هارفارد ضد هجمات البيت الأبيض التي تهدف إلى إخضاع الجامعات لإرادة الإدارة.

يكشف تقرير دير شبيغل عن تفاصيل هذا الصراع المثير، وتأثيره على الطلاب الدوليين، ومستقبل التعليم والديمقراطية في أمريكا.

رايان إينوس: صوت المقاومة من قلب هارفارد

في عام 2021، أطلق جي دي فانس، الذي أصبح الآن نائب الرئيس، تصريحًا وصف فيه الجامعات بأنها “العدو”. بدا الأمر آنذاك مجرد خطابٍ شعبوي عابر، لكن اليوم، تحولت هذه الكلمات إلى هجومٍ منهجي تقوده إدارة ترامب ضد الجامعات الأمريكية الكبرى، مع تركيزٍ خاص على هارفارد. يقول البروفيسور رايان إينوس، البالغ من العمر 47 عامًا ومدير مركز الدراسات السياسية الأمريكية في هارفارد: “ما يحدث الآن ليس مجرد خطابات. ترامب يستخدم سلطته لمهاجمة هارفارد وغيرها من الجامعات، بهدف إجبارها على الخضوع لإرادته. نعم، يعامل هارفارد كعدوٍ حقيقي”.

لماذا هارفارد؟

يوضح إينوس الأسباب التي جعلت هارفارد هدفًا رئيسيًا في هذه الحملة:

– تهديد مؤسسات المجتمع المدني: يتبع ترامب نهج القادة السلطويين الذين يسعون لتقويض الديمقراطية عبر استهداف مؤسسات التفكير الحر، مثل القضاء، الإعلام، والجامعات.

– حسابات شعبية خاطئة: اعتقد ترامب أن مهاجمة الجامعات النخبوية ستكسب تأييد قاعدته الشعبية، لكنه أخطأ التقدير، إذ تُظهر استطلاعات الرأي أن هذه الهجمات لا تحظى بشعبية، حتى بين بعض أنصاره.

– ضغينة شخصية: هارفارد، بمقاومتها العلنية، أصبحت رمزًا للتحدي. يقول إينوس بحماس: “لا توجد مؤسسة أخرى في أمريكا تقاوم ترامب بهذا الوضوح والجرأة”.

من قلعة أكاديمية إلى معقل المقاومة

بحسب المجلة الألمانية لم تكن هارفارد يومًا مركزًا للثورات، فكيف أصبحت رأس حربة في هذا الصراع؟ يروي إينوس كيف بدأت إدارة ترامب، في مارس الماضي، باستهداف الجامعات بعد هجماتها على الإعلام والقضاء. استسلمت جامعة كولومبيا في نيويورك بسرعة، لكن هارفارد اختارت طريقًا مختلفًا. يقول إينوس: “أدركنا أن خضوع هارفارد، كونها الجامعة الأبرز في أمريكا، سيشكل خطرًا كبيرًا على الديمقراطية”.

مع زميله ستيفن ليفيتسكي، دعا إينوس إدارة الجامعة ورئيسها آلان غاربر إلى التصدي لهذه الهجمات. وقّع أكثر من 800 أستاذ ومحاضر رسالة مفتوحة في صحيفة هارفارد كريمسون، وهو رقم غير مسبوق في تاريخ الجامعة. يضيف إينوس: “لم تكن الرسالة وحدها السبب. شهدنا سلسلة من الالتماسات من الطلاب والخريجين، وكانت مطالب ترامب – مثل السيطرة على القبول وتوظيف الأساتذة – غير مقبولة على الإطلاق”.

أعلنت إدارة ترامب مؤخرًا تعليق إصدار تأشيرات الطلاب الأجانب، مع خطط لمراجعتها بشكل صارم. يحذر إينوس من تداعيات هذا القرار، قائلا: “سيتراجع عدد الطلاب الدوليين، حتى لو فزنا بدعوانا القضائية ضد هذا الحظر. بعض الطلاب سيغادرون بسبب الخوف والشكوك”. ويستشهد بحالة الطالبة التركية روميسا أوزتورك من جامعة تافتس، التي أُفرج عنها بعد احتجازها لأسابيع. يضيف: “الطلاب الدوليون وثقوا بأمريكا ومؤسساتها. إذا تخلت الحكومة عنهم، سيكون ذلك وصمة عار على مجتمعنا بأكمله”.

هل لا يزال لهارفارد سحرها؟

عندما سُئل عما إذا كان سيوصي طالبًا ألمانيًا بالتقديم إلى هارفارد، أجاب إينوس بابتسامة: “نعم، لكنني أناني بعض الشيء، فطلابنا الألمان رائعون! لكن يجب أن نكون صريحين: الوضع هنا أكثر غموضًا من أي وقت مضى. لا يمكنني استبعاد أن تتخذ إدارة ترامب إجراءات تعرقل حياة الطلاب”.

تواجه هارفارد قطع تمويل فيدرالي يصل إلى 3 مليارات دولار، لكن إينوس يطمئن: “لدينا احتياطيات ووقف مالي بقيمة 53 مليار دولار. يمكننا الصمود لفترة”. ويضيف أن موجة التضامن مع الخريجين والأكاديميين كبيرة، حتى من بعض الجمهوريين. “أخبرني أحدهم أنه تبرع لنا لأنه يريد أن تربح هارفارد هذه المعركة”.

يختتم إينوس بحزم: “أمريكا لا تستطيع تحمل سقوط هارفارد. هذه المعركة ليست عن الجامعة فحسب، بل عن التعليم العالي والديمقراطية. يجب أن تقاوم الجامعات الأخرى والمجتمع بأسره”. في هذا الصراع، تقف هارفارد كحصنٍ أخير للحرية الأكاديمية، في مواجهة عاصفة سياسية تهدد بتغيير المشهد الثقافي والعلمي للأبد.









شخصية العام

كاريكاتير

إستطلاعات الرأي