
القدس المحتلة- أعلن الدفاع المدني في قطاع غزة الأحد 1 يونيو2025، مقتل 22 شخصا على الأقل وإصابة أكثر من 120 آخرين بجروح بنيران إسرائيلية قرب مركز أميركي لتوزيع المساعدات الغذائية احتشد في محيطه العشرات وسط أزمة جوع كارثية في القطاع المحاصر.
وتواجه إسرائيل ضغوطا دولية متزايدة بسبب الأزمة الإنسانية المتفاقمة في قطاع غزة الذي تحوّل إلى ركام، وحيث تقول الأمم المتحدة إن المساعدات التي سُمح بدخولها منذ أيام ليست سوى "قطرة في محيط" بعد حصار خانق لأكثر من شهرين.
ووصف الناطق باسم الدفاع المدني محمود بصل إطلاق النار في رفح في جنوب القطاع، ب"المجزرة"، مشيرا الى سقوط "22 شهيدا على الأقل وأكثر من 120 مصابا بينهم أطفال".
وذكر أن "آليات إسرائيلية أطلقت النار في اتجاه آلاف المواطنين الذين توجهوا فجر الأحد إلى موقع المساعدات الأميركية غرب رفح".
وروى سامح حمودة (33 عاما) لوكالة فرانس برس أنه كان في المكان، مضيفا "جئت أمس من غزة (شمال) إلى رفح. مشيت أكثر من 20 كيلومترا... قرابة الساعة الخامسة فجرا، ذهبت مع عدد من أقاربي إلى المركز الأميركي للمساعدات".
وأضاف "كان آلاف الناس ينتظرون فتح المركز، الى أن بدأ توزيع المساعدات. فجأة، أطلقت طائرات مسيّرة النار على الناس، كذلك أطلقت دبابات نارا كثيفة وقتل أشخاص أمامي".
وقال الجيش الإسرائيلي في بيان مقتضب "حتى هذه الساعة، لا توجد معلومات عن وقوع إصابات بسبب إطلاق نار من جيش الدفاع في موقع توزيع المساعدات"، مشيرا الى أن "الموضوع لا يزال قيد الفحص".
وقال بصل إن "طواقم الدفاع المدني ومواطنين استخدموا عربات تجرّها حمير نقلوا" القتلى والمصابين إلى مستشفى ناصر في خان يونس (جنوب).
وأشار بصل إلى وجود عدد من المفقودين.
وفي حادثة منفصلة، أكد بصل "نقل شهيد وعشرات المصابين بينهم عدد من الأطفال والنساء" جراء إطلاق الجيش الإسرائيلي النار تجاه أشخاص كانوا متجمعين قرب مركز مساعدات أميركي آخر قرب مفترق نتساريم على طريق صلاح الدين جنوب مدينة غزة (وسط).
ووصف الإعلام الحكومي في غزة التابع لحماس في بيان ما حدث اليوم ب"جريمة متكررة تثبت زيف الإدعاءات الإنسانية، ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق المدنيين الجوعى الذين احتشدوا في مواقع توزيع ما يُسمى المساعدات الإنسانية".
وأَضاف "ما يجري هو استخدام ممنهج وخبيث للمساعدات كأداة حرب، تُوظف لابتزاز المدنيين الجوعى وتجميعهم قسرا في نقاط قتل مكشوفة".
- "لماذا يدعون الناس للذهاب؟" -
ومنذ بداية الأسبوع الفائت، سمحت إسرائيل مجددا بعبور محدود لشاحنات الأمم المتحدة عبر معبر كرم ابو سالم، لكن بوتيرة بطيئة.
ودعا برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة إسرائيل إلى "إدخال كميات أكبر بكثير من المساعدات الغذائية إلى غزة بشكل أسرع"، مشيرا إلى أن اليأس "يساهم في تصاعد انعدام الأمن".
وبدأت مؤسسة غزة الإنسانية التي تديرها شركة أمن خاص أميركية متعاقدة مع الولايات، توزيع الطعام في قطاع غزة في 26 أيار/مايو.
ورفضت الأمم المتحدة التعاون مع المؤسسة، قائلة إنها تنتهك المبادئ الإنسانية الأساسية.
وقالت المؤسسة إنها وزّعت 2,1 مليون وجبة حتى الجمعة.
وقال عبد الله بربخ الذي يقيم مع أبنائه واحفاده في خيمة في منطقة المواصي، إنه شاهد أيضا إطلاق النار قرب مركز المساعدات في رفح حيث احتشد الناس "بأعداد كبيرة محدثين فوضى وزحاما وصراخا".
وسأل "لماذا يدعون الناس للتوجه الى مراكز المساعدات ويطلقون النار عليهم؟ هذه مجزرة مقصودة".
لكنه أضاف "أنا لا أستطيع تحمّل الجوع، فما بالك الأطفال الذين يتضوّرون جوعا ويموتون؟".
- مفاوضات متعثرة -
ولم تحقّق المفاوضات لإنهاء الحرب المستمرة منذ نحو 20 شهرا أي تقدّم يُذكر، منذ استأنفت إسرائيل عملياتها العسكرية منتصف آذار/مارس تقريبا بعد هدنة من ستة أسابيع.
وأعلنت حركة حماس السبت إنها سلمت الوسطاء ردّا "إيجابيا" على الاقتراح الأميركي لهدنة من ستين يوما، لكن الموفد الأميركي ستيف ويتكوف اعتبر الردّ "غير مقبول على الإطلاق".
وقال عضو المكتب السياسي لحركة حماس باسم نعيم لفرانس برس "تعاملنا بإيجابية ومسؤولية عالية وكان ردّنا بما يحقّق تطلعات شعبنا، لضمان الالتزام بوقف إطلاق النار لمدة ستين يوما، ودخول ما يكفي من المساعدات الى غزة، وضمان أن المفاوضات ستقود الى وقف دائم لإطلاق النار".
وكانت إسرائيل حذّرت حماس الجمعة بأن عليها قبول الاقتراح الأخير وإطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة أو "مواجهة الإبادة".
وكتب ويتكوف على منصة إكس "على حماس أن تقبل بالاقتراح الذي قدمناه كأساس لإجراء مفاوضات يمكن أن نبدأها اعتبارا من الأسبوع المقبل".
وينص اقتراحه أيضا على الإفراج عن عشرة رهائن أحياء و18 متوفين محتجزين في غزة، على دفعتين، مقابل أطلاق سراح عدد من المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.
ومن بين 251 شخصا خُطفوا خلال الهجوم الذين نفذته حركة حماس على الدولة العبرية في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، لا يزال 57 في غزة، أكد الجيش وفاة 34 منهم على الأقل.
وأدى هجوم حماس إلى مقتل 1218 شخصا في الجانب الإسرائيلي، معظمهم من المدنيين، وفق حصيلة أعدتها وكالة فرانس برس استنادا إلى مصادر رسمية.
وقُتل أكثر من 54381 شخصا، غالبيتهم من المدنيين، في العملية العسكرية التي تشنّها الدولة العبرية في قطاع غزة منذ ذلك الحين، وفقا لبيانات وزارة الصحة التابعة لحكومة حماس، والتي تعتبرها الأمم المتحدة موثوقة.