
يكشف ضوء الفجر فوق ملاوي عن حقل ذرة مسطح تنتشر فيه سيقان مكسورة بين آثار أقدام كبيرة تابعة للفيلة، فهذه الحيوانات قتلت 12 شخصا منذ عملية إعادة دمجها في البرية.
يعاين رودويل تشاليليما الأضرار التي لحقت بمحاصيله. ويقول لوكالة فرانس برس "أحصينا نحو 200 فيل. لم يكن بوسعنا فعل أي شيء سوى مراقبتها من منازلنا. من المستحيل إيقافها. نحن في حالة عجز".
يُعدّ هذا المشهد شائعا في تشيسينغا منذ نقل 263 فيلا قبل ثلاث سنوات إلى متنزه كاسونغو الوطني المتاخم للقرية الواقعة في منطقة حدودية مع زامبيا.
واتّضح أنّ هذه العملية التي أكّد ناشطون بيئيون بأنها ناجحة، كانت مكلفة (ملايين الدولارات)، بقدر ما كانت مذهلة. أنهت الفيلة التي نُقلت تحت تأثير مهدئات من متنزه آخر يضم أعدادا كبيرة من الحيوانات، رحلتها وأقدامها في الهواء، بعد أن تم إسقاطها بواسطة رافعة.
الصورة التي يرسمها السكان المحليون مختلفة تماما. وقد رفعت مجموعة منهم دعوى قضائية ضد الصندوق الدولي لرعاية الحيوان (IFAW).
يسعى المدّعون للحصول على ملايين الدولارات كتعويضات من المنظمة غير الحكومية التي تتخذ من المملكة المتحدة مقرا وساعدت الحكومة في عملية نقل الحيوانات.
وقد أودت الكارثة بحياة 12 شخصا على الأقل، بحسب شركة المحاماة البريطانية "لي داي"، التي تمثل 10 مدّعين في زامبيا وملاوي في قضية يجري إعدادها حاليا في المحاكم البريطانية.
يشتكي السكان المحليون من عدم وجود سياج مناسب حول الحديقة، وهو ما يسمح للفيلة بالقدوم إلى المناطق السكنية حيث تدمّر المحاصيل وتدخل المباني بحثا عن الطعام.
وفي قرية تشيفوامبا القريبة، ينعى كانوك فيري (35 عاما) وفاة زوجته التي دهسها قطيع من الفيلة عام 2023 عندما كانت تقطف الخضر. وقد نجا أصغر أولادهما الخمسة بصعوبة.
وقال الأب إن "مسؤولي المتنزه أحضروا نعشا وطعاما للجنازة وما عدنا نسمع منهم أي خبر. لم نتلق أي دعم ولا تعويضات أخرى".
- "وهم" التعايش -
وقال مايك لابوشاغن الذي يعمل في مؤسسة تدعم الأسر المتضررة، إن عملية إعادة الدمج "تستند إلى فكرة أن الأفيال والبشر يمكن أن يتعايشوا في وئام".
ويضيف الموظف السابق في الصندوق الدولي لرعاية الحيوان "هذا ليس صحيحا. إنه وهم وُضِع للمانحين الأميركيين والبريطانيين والأوروبيين الذين لا يعرفون عن الأفيال إلا ما يُعرَف من الأفلام أو السيرك أو حدائق الحيوان".
وأشار إلى أنّ المدّعين سيسعون في دعواهم القضائية للحصول على ملايين الدولارات كتعويضات لآلاف الأشخاص المتضررين أو القتلى أو المصابين.
وأشارت شركة "لي داي" إلى أنّ زبائنها يريدون أيضا إجبار الصندوق الدولي لرعاية الحيوان على اتخاذ تدابير مثل تركيب سياج مناسب.
وقالت المحامية ريتشل بونر لوكالة فرانس برس إنّ القضية يمكن حلّها ودّيا، لأن موكليها "يريدون تجنب الإجراءات القانونية المطوّلة" في مواجهة هذا الوضع "العاجل".
- "ليس على حساب حياتنا" -
أقرّ صندوق رعاية الحيوان الدولي قبل نحو عام، عندما جرى تناول القضية للمرة الاولى في وسائل الإعلام، بأنّ التعايش بين الفيلة والبشر تسبب منذ بدء العملية بـ"عدد كبير من الوفيات وصدمات نفسية".
ومع ذلك، أكدت المنظمة غير الحكومية أنّها "لا تدير أي متنزه وطني ولا تقرر التدابير التي ينبغي اتخاذها".
أما الحكومة فأنهت 84% من السياج المخصص لاحتواء الفيلة والبالغ طوله 135 كيلومترا، على ما قال جوزيف نكوسي الناطق باسم وزارة الحيوانات والنباتات لوكالة فرانس برس.
تم تقديم المساعدة لكل حالة على حدة، لكنه أكد أن الحكومة ليست على علم بأي إجراء قانوني جار.
وقال كاستون نييريندا، المسؤول في مبولوندي، إحدى القرى الواقعة على خط المواجهة مع الفيلة، إن القرية "خسرت أرواحا ومنازل وطعاما".
وتابع الرجل البالغ 66 سنة "قُتلت عمّتي. وكاد أطفالي أن يموتوا عندما تسبّب فيل في انهيار منزلنا في منتصف إحدى الليالي"، مضيفا "ندعم حفظ البيئة، ولكن ليس على حساب حياتنا".