
تحيي فيتنام الأربعاء 30ابريل2025، عبر احتفالات ضخمة الذكرى الخمسين لسقوط سايغون الذي مهد لإعادة توحيد البلاد بإشراف الحزب الشيوعي، يشارك فيها للمرة الأولى جنود صينيون.
وانطلق العرض العسكري صباحا في مدينة هوشي منه، مع تحليق طائرات مقاتلة ومروحيات تحمل أعلاما في سماء المدينة، فيما تقدّمت المواكب المشاركة في العرض العسكري دبّابة عليها صورة الزعيم الثوري هوشي منه الذي باتت سايغون تحمل اسمه.
وشارك أكثر من 13 ألف شخص في العرض العسكري في هذه المدينة التي استسلم فيها الجنوب المؤيد للولايات المتحدة في 30 نيسان/ابريل 1975، في نهاية إحدى أهم حلقات الحرب الباردة.
وقالت تران هوانغ ين، وهي شابة من سكان المدينة تبلغ 22 عاما، وقد ارتدت الزي التقليدي أمام قصر الاستقلال الذي كان مقر إقامة رئيس فيتنام الجنوبية، لوكالة فرانس برس "سنمضي وقتا ممتعا". وأضافت "هذا أمر يحدث مرة واحدة فقط في العمر".
ومنذ أيام يسود جو احتفالي في المدينة الكبرى حيث ترفرف مجموعة كبيرة من الأعلام، بما في ذلك علم جيش الفيت كونغ الأحمر والأزرق الذي تتوسطه نجمة ذهبية.
ويحتفل الحزب الشيوعي في 30 نيسان/أبريل من كل عام بـ"يوم إعادة التوحيد".
وقال الأمين العام للحزب الشيوعي الفيتنامي تو لام في كلمة ألقاها قبل العرض "نحن مدينون بنجاحنا (...) للدعم الهائل من الاتحاد السوفياتي والصين (...) والتضامن مع لاوس وكمبوديا".
وأشاد تو لام، الزعيم الأقوى في فيتنام، "بالتقدميين في جميع أنحاء العالم، وبينهم أميركيون".
وفي مقال نُشر الأحد على الموقع الإخباري الحكومي، قال تو لام إنه يأمل أن تتخلص البلاد من "الكراهية وروح الانفصال أو الانقسام" لتجنيب الأجيال الشابة الحرب.
- قرارات عفو -
وستفرج الحكومة عن 8 آلاف سجين اعتبارا من الخميس في هذه المناسبة، لكن لن يُطلق سراح أي ناشطين سياسيين، وسط تصاعد القمع ضد أي صوت ينتقد الحكومة بحسب جماعات حقوق الإنسان.
وقال تران فان ترونغ، وهو محارب قديم يبلغ 75 عاما من هانوي "لم أعد أشعر بالكراهية تجاه من كانوا على الجانب الآخر. علينا أن نتكاتف للاحتفال بنهاية الحرب".
وقد أدى الصراع إلى مقتل ملايين الأشخاص على الجانب الفيتنامي، بينهم مدنيون كثر قضوا في القصف. كذلك، أصيب مئات الآلاف، وكثر منهم تسمموا بمادة العامل البرتقالي، وهو مبيد أعشاب يحتوي على مادة الديوكسين رشه الأميركيون على مساحات واسعة من البلاد.
وعلى الجانب الأميركي، قُتل نحو 58 ألف جندي. وتظل حرب فيتنام بالنسبة لواشنطن بمثابة الهزيمة الكبرى الأولى لقوة عظمى ظنت نفسها لا تُقهر.
ولفترة طويلة، شكل هذا الانتصار أساسا لإضفاء الشرعية على سيطرة الحزب الشيوعي على البلاد، قبل أن تصبح سلطته مرتبطة بالنمو الاقتصادي وتحسين مستويات المعيشة.
وللمرة الأولى، شارك في العرض العسكري 300 جندي من الدول الثلاث التي تشترك في حدود برية مع فيتنام، أي الصين ولاوس وكمبوديا.
وقد دعمت بكين فيتنام الشمالية أثناء الحرب، لكنّ الدولتين تواجهتا في العام 1979 في صراع حدودي قصير. ومذاك، بقيت نزاعات حول جزر صغيرة في بحر الصين الجنوبي تعكّر صفو علاقتهما.
- رسالة "تقدير" -
ويقول الأستاذ في كلية الحرب الوطنية ("ناشونال وور كولدج") في واشنطن زاك أبوزا "أظن أن هانوي ترسل إشارة إلى الصين تقديرا لمساهمتها التاريخية".
ويضيف "إنها أيضا طريقة أخرى ليقولوا +لا تعتقدوا أن سياستنا الخارجية تميل نحو الأميركيين. نحن مستقلون ومحايدون+".
وبحسب وسائل الإعلام الرسمية الفيتنامية، شارك أكثر من 300 ألف جندي صيني في حرب فيتنام، وقدموا دعما حاسما في الدفاع الجوي والخدمات اللوجستية وإعادة الإمداد.
ويأتي العرض أيضا بعد أسبوعين من زيارة الرئيس الصيني شي جينبينغ إلى هانوي، وسط تعاظم السياسات الحمائية الأميركية.
وتحرص فيتنام على الحفاظ على علاقات جيدة مع الصين والولايات المتحدة بهدف حماية مصالحها التجارية، بما يتماشى مع "دبلوماسية الخيزران".
في بلد وُلد أغلب سكانه بعد الحرب، عمت حماسة معينة في شبكات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام التي تسيطر عليها السلطات بشكل كامل.
وقال أستاذ التاريخ والدراسات الفيتنامية في جامعة فولبرايت في مدينة هوشي منه فو مينه هوانغ "أعتقد أن الكثير من الشباب متحمسون للغاية للخروج ورؤية جنود شباب وسيمين ونساء جميلات للغاية يخدمون في الجيش".