محللون: رسوم ترامب الجمركية بحجة مكافحة الفنتانيل تنطوي على أهداف سياسية  

واشنطن - يبرر الرئيس الأميركي دونالد ترامب الرسوم الجمركية التي سيفرضها اعتبارا من الثلاثاء 4مارس2025، على كل من كندا والمكسيك والصين بعدم تحقيق البلدان الثلاثة تقدّما في ما يتعلق بمكافحة الفنتانيل، لكن المحللين يشيرون إلى أهداف سياسية أخرى وراء الخطوة.

وقال جوشوا ملتزر من "معهد بروكينغز" إن ترامب "يحتاج إلى مبرر قانوني" لرسومه الجمركية.

وبينما تتطلب الأدوات التجارية الأخرى عادة فترة تحقيق، يسمح له إعلان الطوارئ بسبب المخدرات بفرص الرسوم على وجه السرعة.

وأكد ملتزر لفرانس برس أن الفنتانيل يحمل "أصداء سياسية" بالنسبة لترامب.

وأضاف "تراود الناس، خصوصا في المناطق الريفية والأفقر مشاعر متضاربة حيال مسألة التجارة، إن لم يكونوا مناهضين لها".

وأكد أن "تبرير القيود التجارية بأمر يرون فيه مصدر تهديد فعلي، وهو الفنتانيل، يعد أمرا منطقيا تماما بالنسبة للكثير من ناخبيه".

ومطلع شباط/فبراير، كشف ترامب عن رسوم جمركية واسعة النطاق على كندا والمكسيك تم تعليقها موقتا. وتنقضي مهلة تعليقها الثلاثاء، بينما ستفرض رسوم جديدة على الصين أيضا.

وأفاد ترامب بأن الرسوم ستُطبّق مع تدفق المخدرات بـ"مستويات غير مسبوقة".

لكن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو شدد مرارا على أن أقل من واحد في المئة من الفنتانيل والمهاجرين غير الموثّقين الذين يدخلون الولايات المتحدة تأتي عبر الحدود من بلاده.

وقلل ترامب من أهمية هذه الأرقام الخميس، مشيرا إلى أن كندا "لا تقبض إلا على واحد في المئة" وعليها العثور على أكثر بكثير من ذلك.

سجّلت الولايات المتحدة عشرات آلاف الوفيات المرتبطة بمخدرات مثل الفنتانيل سنويا، رغم أن الأرقام الأخيرة للعام 2023 تظهر تراجعا عن العام السابق.

- "غير مقيّد" -

وبينما قسّمت الولايات المتحدة تقليديا علاقاتها، إلا أن ترامب "ينظر إلى العلاقات في مجملها"، بحسب ما أفادت الدبلوماسية الأميركية الرفيعة في ولاية ترامب الأولى كيمبرلي بريير.

على سبيل المثال، تم التفاوض على رفع الرسوم على الصلب والألومنيوم التي فرضها ترامب عام 2018 في المحادثات بشأن اتفاقية الولايات المتحدة والمكسيك والكندا التجارية USMCA.

وأوضحت بريير أن أي رسوم جديدة تفرض هذه المرة ستصبح جزءا من المحادثات في مراجعة مقبلة لـUSMCA.

وأضافت أن ترامب هدد أيضا بفرض رسوم مرتبطة بالهجرة في ولايته الأولى، لكنه "بات غير مقيّد بدرجة أكبر الآن".

تشير الدبلوماسية الأميركية السابقة آني بفورزهايمر إلى أن رؤساء الولايات المتحدة مؤخرا كان لديهم "ارتباط قوي بالتجارة الحرة".

وتجنّب المسؤولون الخلط بين هذه المسألة وقضايا أخرى نظرا إلى أن إقامة العلاقات التجارية يستغرق وقتا أطول بينما يعد الإطار الزمني للأمور السياسية أقصر.

لكن بفورزهايمر أوضحت أن "هذه الإدارة حمائية كثيرا في طبيعتها، وهي مستعدة على الأرجح للتضحية بعلاقات التجارة الحرة".

- "مجرّد بداية" -

بغض النظر عن دوافع ترامب، يعبر الناشطون المناهضون للمخدرات عن دعمهم القوي لتحرّكه في هذا الصدد.

وبالنسبة لأندريا توماس (57 عاما) التي خسرت ابنتها بسبب نصف حبة احتوت على الفنتانيل، "هذا ما كنا نطالب به منذ مدة طويلة كعائلات متضررة".

وأضافت توماس التي تشغل منصب المديرة التنفيذية لشبكة "مواجهة الفنتانيل" Facing Fentanyl للعائلات التي تضررت جراء المخدر "لطالما طالبنا بتحرك على كافة مستويات الحكومة".

ويعد دخول الاقتصاد على خط نشاطها ضد المخدر أمرا جديدا.

وكانت في مقدّم الموقعين على عريضة العام الماضي تدعو إلى استخدام وسائل مثل الرسوم الجمركية ضد الصين على خلفية دورها المفترض في تجارة الفنتانيل.

وبالنسبة اليها، يعد وقف تدفق المواد الأولية وسيلة أساسية لإنقاذ الأرواح.

وترى أن الرسوم الجمركية البالغة نسبتها 10 في المئة على السلع الصينية والتي دخلت حيز التطبيق في شباط/فبراير هي "مجرّد بداية". ولطالما اتهمت واشنطن بكين بالتغاضي عن تجارة الفنتانيل، وهي مسألة تنفيها الصين.

- "الأثر المنشود" -

ينصح بعض الخبراء بتجنّب استخدام الرسوم الجمركية كسلاح ضد الفنتانيل.

وفي مقال نشر مؤخرا في مجلة "ذي لانسيت الصحة الإقليمية-- الأميركيتان" The Lancet Regional Health -- Americas، أفاد علماء أوبئة بأن الضوابط الحدودية المبنية على الرسوم غير فعالة ضد التهريب نظرا إلى مرونة شبكات المخدرات العابرة للحدود.

وحذّروا من أن فرض رسوم على البلدان المجاورة قد "يقوّض التعاون الدبلوماسي الضروري".

لكن بريير لفتت إلى أن تهديد ترامب للمكسيك بفرض الرسوم "كان له الأثر المنشود في تغيير السلوك" إذ باتت البلاد تأخذ المسألة على محمل الجد بشكل أكبر.

وسلّمت المكسيك أكثر من 29 تاجر مخدرات مفترضا بينهم مشتبه به قيل إنه أمر بقتل عنصر أميركي.

وأضافت بريير أن هذه "لحظة مفصلية يمكن أن تؤذن بعهد جديد من التعاون الثنائي".