أيهما الأهم لرائد الأعمال: التفكير النقدي أم الإبداعي؟

الأمة برس
2025-02-19

أيهما الأهم لرائد الأعمال: التفكير النقدي أم الإبداعي؟ (بيكسابي)هل تُحلِّل كل البيانات المُقدّمة إليك قبل اتخاذ أي قرارٍ يتعلّق بشركتك أو مؤسستك؟ أم أنّك تميل إلى تطوير أفكار جديدة لحلّ المشكلات بأسلوب مختلف بعيدًا عن الطرق التقليدية؟ أم أنّك تجمع بين الاثنين معًا؟، بحسب الرجل.

بين التفكير النقدي والإبداعي، يجد رواد الأعمال أنفسهم في حيرة، أي من النهجين يتبعون لازدهار فرق العمل، فبينما قد يكون التفكير النقدي مناسبًا في ظروف معينة، قد يكون الإبداعي أنسب في ظروفٍ مختلفة، فما الفرق بين التفكيرين؟ وكيف تحقق التوازن بينهما في إدارة عملك؟
ما هو التفكير النقدي؟

يتضمّن التفكير النقدي في جوهره تحليل المعلومات والأفكار، عبر تقسيمها إلى مكوّنات أصغر، لتقييم دقّتها وصحتها، فهو تفكير يعتمد على استخدام المنطق لاتخاذ قرارات سليمة.

كما يتضمّن التفكير النقدي أيضًا تحديد التحيّزات والقوالب النمطية والمغالَطات، ومنعها من التأثير على حكمنا، لتشكيل رأي مستنيرٍ بناءً على الحقائق المتاحة، فلا يكون القرار متأثرًا بعوامل غير منطقية، ولا يكتفي العقل النقدي بقبول أول معلومة تُقدّم، بل يهتم بفحص المعلومات بعناية للتأكّد من صحتها قبل اتخاذ أي قرار.

مِمّ يتألَّف التفكير النقدي؟

يتتألّف التفكير النقدي من عِدّة عناصر لها دور حاسم في عملية التفكير، إذ تشمل المكوّنات الرئيسة للتفكير النقدي:

  1. التفسير: لفهم معنى وأهمية المعلومات، بتحليل البيانات وتفسيرها، والبحث عن القواسم المشتركة بين البيانات المختلفة، والوصول إلى استنتاجات مبنية على الأدلّة.
  2. التحليل: تقسيم المعلومات المعقدة إلى أجزاءٍ أصغر لفحص علاقاتها وفروقها، مع تقييم الأدلة المُقدّمة، وتحديد أي تحيّزات (مثل الافتراضات أو المعتقدات التي بُنيت عليها المعلومة دون التحقق من صحتها) أو مغالَطات منطقية، للتأكّد من صحة البيانات.
  3. التقييم: تقييم قوة وصحة الأدلة المقدّمة والحجج، مثل تقييم مصداقية المصادر، وتحديد أي ثغرات محتملة.
  4. الاستدلال: الوصول إلى استنتاجات منطقية بناءً على المعلومات والأدلة المتوافرة، والتفكير في التداعيات المستقبلية أو النتائج التي قد تنجم عن القرار بناءً على الأدلة الحالية.
  5. الشرح: أي الشرح بوضوح وإيجاز كيف تم الوصول إلى الاستنتاجات الحالية، مع التركيز على النقاط الأساسية وتجنُّب المعلومات الزائدة، وعرض الأفكار بطريقة مرتّبة ومترابطة.
  6. الانضباط الذاتي: رصد عملية التفكير المرء للتغلّب على التحيّزات والأخطاء، بإدراك التحيّزات الشخصية ونقاط ضعفك المعرفية، والسعي لتصحيحها، كي لا تؤثر على اتخاذ قرار سليم.

مثال على التفكير النقدي

يُستخدَم التفكير النقدي على نطاق واسع في مختلف مجالات الحياة، فمثلًا يعتمد المدير التنفيذي على التفكير النقدي في تحليل اتجاهات السوق وتفضيلات العملاء، لاتخاذ قرارات مستنيرة، بناءً على الأدلة والمعلومات المتوافرة.

فمثلًا إذا كانت هناك شركة ترغب في توسيع نشاطها إلى منطقةٍ جديدة، يتم دراسة حجم الطلب في المنطقة المُستهدَفة، وتحليل المنافسين ومعرفة نقاط القوة والضعف لديهم، ثُمّ فهم احتياجات السكان وما يُفضِّلونه، ثُمّ اتخاذ القرار بناءً على المعلومات المتوافرة دون تحيّز.

أنماط القيادة المناسبة للتفكير النقدي

قد تكون بعض أنماط القيادة أقرب للاعتماد على التفكير النقدي في قيادة فريق العمل، مثل:

1. القيادة الأوتوقراطية:

تُعرَف أيضًا بـ"القيادة الاستبدادية"، وهو شخص يُركِّز بشكلٍ أساسي على النتائج وكفاءة الفريق، وغالبًا ما يتخذ القادة الأوتوقراطيون القرارات بمفردهم أو مع مجموعات صغيرة وموثوقة من الموظفين، كما يقدِّر هؤلاء قاعدة التنظيم العالي في بيئة العمل، ويتوقّعون من الفريق أن يفعلوا ما يُطلَب منهم بالضبط.

2. القيادة البيروقراطية:

يتوقّع القادة البيروقراطيون من أعضاء فريق العمل الالتزام بالقواعد والإجراءات كما هو مطلوب؛ إذ يكون لكل موظف قائمة محددة من المسؤوليات، وهناك حاجة ضئيلة إلى التعاون والإبداع.

3. القيادة بالقدوة:

هذا الأسلوب يتبعه قائد يضع معايير عالية لنفسه، على أمل أن يحذو الآخرون حذوه، خاصةً لو كان أعضاء فريقه يمتلكون دوافع ذاتية ويقدّمون أداءً عاليًا، ويقدِّرون التحسين المستمر تحت إشراف القائد، وقد يكون أسلوب القيادة ذلك أقرب لطريقة التفكير النقدي، خاصةً أنّه يركِّز على الأداء وتحقيق نتائج سريعة.

التفكير الإبداعي

ما هو التفكير الإبداعي؟

التفكير الإبداعي هو عملية توليد أفكار أو حلول جديدة ومفيدة، بالابتعاد عن أنماط التفكير التقليدية، واستكشاف وجهات نظر بديلة، من خلال ربط أفكار مختلفة عن بعضها، تحلّ المشكلات أو تلبّي الاحتياجات.

فعندما ننخرط في التفكير الإبداعي، فإنّنا نستغلّ خيالنا، ونكون على استعداد لتحمّل المخاطر، وتحدّي الافتراضات التي نتعامل معها عادةً على أنّها حقائق لا يمكن المساس بها، فلا يقتصر التفكير الإبداعي على ابتكار أفكارٍ غريبة وعشوائية، بل يتعلّق أيضًا بتوليد أفكار مُجدية وقيّمة على حدٍ سواء.

مِمّ يتألّف التفكير الإبداعي

يتألّف التفكير الإبداعي من عِدّة عناصر مترابطة، منها:

  1. القدرة على توليد عدد كبير من الأفكار بسهولة: فكلّما زاد عدد الأفكار، زاد احتمال وصولك إلى فكرة مبتكرة.
  2. المرونة: بالنظر في وجهات نظر مختلفة، وأن تكون منفتحًا ومستعدًا لاستكشاف خيارات متنوعة لتوليد أفكار إبداعية.
  3. الأصالة: بإنتاج أفكار غير تقليدية وفريدة من نوعها، والابتعاد عن التفكير التقليدي واستكشاف أفكار جديدة لم تفكّر فيها من قبل.
  4. بلورة الأفكار: أي صقل وتطوير الأفكار بالتفاصيل والعُمق المطلوب، لتصبح قابلة للتنفيذ، فأنت بحاجةٍ إلى تخطيطٍ عميقٍ لأفكارك، لإضافة تفاصيل إليها، مع التفكير في كيفية تطبيقها عمليًا وتحويلها إلى مشاريع حقيقية.
  5. التصوّر: القدرة على استخدام الخيال لخلق صور ذهنية ملهمة تثير إبداعك، فقد تساعد بعض المشاهد الخيالية على تحفيز التفكير الإبداعي وإنتاج أفكارٍ جديدة مبتكرة.
  6. ربط الأفكار: يتضمّن ربط الأفكار التي تبدو غير مرتبطة ببعضها، لتشكيل مفاهيم جديدة، فهذا ما يؤدي إلى توليد أفكار مبتكرة حقًا.

مثال على التفكير الإبداعي

التفكير الإبداعي جزء من عديد من المجالات، ويمكن ضرب مثال له بشركة تقنية تحاول توسيع نشاطها في ظلّ منافسة شرسة، وبدلًا من الالتزام باستراتيجيات التسويق التقليدية، قد تستخدم الشركة التفكير الإبداعي لتقديم تجربة عملاءٍ فريدة.

وذلك كتطوير منتَج جديد يقدِّم خدمة فريدة لا يوفّرها المنافسون، بعد الاجتماع مع فريق العمل لتوليد أكبر عدد ممكن من الأفكار، واستخلاص الأفكار المبتكرة وربطها معًا لتوليد منتَج فريد، بدلًا من التقيّد حصرًا باستراتيجيات التسويق التقليدية (وإن كان لا غنى عن البيانات الصحيحة بالطبع).

أنماط القيادة المناسبة للتفكير الإبداعي

قد تكون بعض أنماط القيادة أقرب للتفكير الإبداعي منها للتفكير النقدي، مثل:

1. نمط التساهل أو عدم التدخل:

نقيض القيادة الأوتوقراطية، إذ القائد يركّز هنا في الغالب على تفويض عديد من المهام لأعضاء الفريق، مع القليل من الإشراف أو ربّما انعدامه، لتوفير وقتٍ أكبر للمشاريع الأخرى، مما يتيح له التفكير بحريةٍ أكبر عادةً.

2. القيادة ذات الرؤية:

يمتلك القادة أصحاب الرؤية قدرة هائلة على دفع عجلة التقدّم وإلهام الموظفين، والثقة بالأفكار الجديدة، كما أنه يميل إلى أن يكون جريئًا ومنفتحًا على المخاطرة، ما قد يجعله أكثر ميلًا للتفكير الإبداعي.

3. القيادة الديمقراطية:

يجمع الأسلوب الديمقراطي للقيادة بين النوع الأوتوقراطي وكذلك نمط عدم التدخّل، إذ يطلب القائد من أعضاء فريقه المدخلات، ويهتم بتعليقات أعضاء الفريق قبل اتخاذ القرار، فهو لا يعتمد على البيانات التحليلية فقط في اتخاذ القرار، بل يقدّر مناقشات أعضاء الفريق.

4. القيادة الموقفية:

قد تشعر أنّك تميل بشكلٍ طبيعي إلى تبنّي أسلوب قيادة مُحدّد مما ذُكِر سلفًا، لكن بعض أنماط القيادة قد تكون أكثر فاعلية في مواجهة تحدّيات مُعيّنة، لذا تكون الحاجة إلى "القيادة الموقفية"، وهي مجموعة من السلوكيات يختارها القائد بوعي لتناسب الموقف بشكلٍ أفضل، وعندما يتغيّر الوضع، يتغيّر أسلوب القيادة أيضًا، فالقائد مرن في دوره، وليس محبوسًا في نمطٍ مُعيّن.

كيف توازِن بين التفكير النقدي والإبداعي في إدارة عملك؟

ليس هناك طريقة تفكيرٍ أفضل من الأخرى، وإنّما لكل طريقة أهميتها وموطن توظيفها المناسب، وثمّة بعض الاستراتيجيات التي قد تساعدك على الموازنة بين التفكير النقدي والإبداعي:

  • تمتّع بعقلية منفتحة: لتحقيق التوازن، يجب أن تتبنّى عقلية منفتحة، تُرحِّب بمختلف وجهات النظر والأفكار، وتشجيع أعضاء فريقك على تحدّي الأفكار التقليدية واستكشاف حلول بديلة، بالإضافة إلى خلق مساحة آمنة، حيث يتم تشجيع التفكير المبتكَر وتقدير الآراء المخالفة.
  • تحديد أهدافٍ واضحة: ينبغي تحديد أهدافٍ واضحة عند اتخاذ قرارات مهمة أو التعامل مع مشكلات معقدة، فالتفكير النقدي هنا ضروري لتقييم الخيارات والمخاطر والنتائج المحتملة، لذا تأكّد من جمع البيانات ذات الصلة وتحليل المعلومات المتاحة بموضوعية لاتخاذ قرارٍ سليم.
  • شجِّع التفكير التباعدي: يزدهر التفكير الإبداعي عندما يشجّع القادة غيرهم على التفكير التباعدي، من خلال إنشاء جلسات العصف الذهني أو ورش عمل تتيح لأعضاء الفريق مشاركة أفكارهم بحرية، فهذا يفتح الباب أمام حلول مبتكرة، قد تدفع مؤسستك إلى الأمام.
  • الحصول على مدخَلات من مصادر مختلفة: لتحقيق التوازن بين التفكير النقدي والإبداعي، وذلك بأن تتعامل مع أشخاص من خلفيات وتخصصات ووجهات نظر مختلفة، فهذا يعرّضك لأفكار جديدة ويحسّن فهمك للمشكلة، وبدمج مجموعة واسعة من المدخلات، يمكنك إثراء عملية التفكير النقدي لديك، وإلهام رؤى إبداعية ربّما لم تكُن قد فكّرت فيها من قبل.








شخصية العام

كاريكاتير

إستطلاعات الرأي