
أنقرة - أوقفت السلطات التركية 282 شخصا تشتبه بأنهم على صلة بـ"الإرهاب"، بحسب ما أفاد وزير الداخلية علي يرلي كايا الثلاثاء، رغم مسعى حكومي مواز لوضع حد للنزاع الدامي المتواصل منذ أربعة عقود مع الأكراد.
وتسعى أنقرة إلى إعادة إحياء محادثات السلام مع حزب العمال الكردستاني المصنّف من تركيا وحلفائها الغربيين على أنه جماعة "إرهابية"، والتي بقيت مجمدة على مدى عقد.
بدأت العملية عندما مدّ حزب قومي متشدد يده للسلام للزعيم الكردي المسجون عبدالله أوجلان في تشرين الأول/أكتوبر، في خطوة غير متوقعة.
ونُفّذت عمليات الدهم المتواصلة على مدى الأيام الخمسة الأخيرة في 51 مدينة بينها اسطنبول وأنقرة ومدينة دياربكر ذات الغالبية الكردية في جنوب شرق البلاد، بحسب ما أفاد يرلي كايا على منصة "إكس".
وأصدرت السلطات التركية الثلاثاء مذكرات توقيف في حق 60 شخصا بينهم أعضاء في "حزب الشعوب للعدالة والديموقراطية" (ديم) المؤيد للأكراد وعدد من الشخصيات اليسارية وصحافيين، اعتُقلوا جميعا بشبهات الارتباط بـ"الإرهاب"، بحسب بيان لمكتب المدعي العام في اسطنبول. وتم توقيف 52 منهم حتى الآن.
وأكدت نقابة الصحافيين الأتراك أن من بينهم ثلاثة صحافيين. وقالت "إنه أمر غير مقبول أن يتم اعتقالهم في عمليات دهم لمنازلهم بدلا من استدعائهم إلى مركز الشرطة" لمساءلتهم.
- ضغط -
وأفاد "ديم" على منصة "إكس" بأن "تركيا استيقظت اليوم على عملية أخرى" ضد أعضاء الحزب.
وأضاف "من الواضح أن احتمالات التوصل إلى حل وتحقيق السلام بدأت تؤرق بعض الأشخاص".
ورأى المحلل لدى "كارنيغي أوروبا" في أنقرة سنان أولغن أن هدف الحكومة بدء المفاوضات بالتوازي مع الضغط على "ديم".
وقال لفرانس برس إن الحكومة "تبعث رسالة مفادها بأنه ما لم تنجح هذه المفاوضات، فهناك دائما سيناريو فرض مزيد الضغط على أعضاء ديم".
ومنذ أواخر كانون الأول/ديسمبر زار وفد من "ديم" أوجلان مرتين وأجرى محادثات مع كتل الرئيسية في البرلمان التركي.
وتوجّه الوفد الأحد إلى العراق للقاء ممثلين للأكراد.
وينشط عناصر من حزب العمال الكردستاني الذي شن تمردا استمر عقودا ضد الدولية التركية، من إقليم كردستان العراق حيث تقيم تركيا أيضا قواعد عسكرية.
وسيعقد الوفد المزيد من المحادثات مع مسؤولين أكراد في مدينة السليمانية الثلاثاء بينهم نائب رئيس وزراء الإقليم قوباد طالباني.
وفي تشرين الأول/أكتوبر، حض زعيم "حزب الحركة القومية التركية" دولت بهجلي أوجلان على نبذ العنف مقابل احتمال إطلاق سراحه من السجن في جزيرة إيمرالي حيث يمضي عقوبة بالسجن مدى الحياة في زنزانة انفرادية منذ العام 1999.
وجددت الدعوة التي أيدها الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الآمال بإمكان وضع حد للنزاع الذي أودى بحياة عشرات آلاف الأشخاص.
ويتوقع على نطاق واسع أن يدعو أوجلان أنصاره لإلقاء السلاح في الأسابيع المقبلة، في موعد يعبر سياسيون أكراد عن ثقتهم بأنه سيأتي قبل حلول عيد النوروز في آذار/مارس.
- "انعدام للثقة" -
لكنّ كثرا في جنوب شرق البلاد لا يثقون كثيرا بإمكان نجاح المبادرة الحالية، مستذكرين ردود الفعل العنيفة عندما انهارت آخر مبادرة للسلام في 2015.
وقال زكي شيليك الذي يدير ورشة للفضة لفرانس برس في دياربكر "أُقيل رؤساء بلديات منتخبون وتجري عمليات دهم للشرطة ويتم توقيف صحافيين".
وتابع "كان هناك انعدام للثقة، لذا لا نرى أن الأمر ذو مصداقية".
ومنذ انتخابات العام الماضي المحلية، أقيل تسعة رؤساء بلديات من "ديم" وحل مكانهم إداريون عينتهم الحكومة.
وقالت مديرة برنامج الدراسات التركية لدى معهد الشرق الأوسط في واشنطن غونول تول إن إردوغان يتبنى مقاربة في اتجاهين.
وأفادت فرانس برس بأنه "من جهة، يواصل هذه المحادثات مع حزب العمال الكردستاني، لكن المسار الثاني هو أنه في الحقيقة، لم يدعمها حقا بصدق".
وتابعت "بدلا من ذلك، واصل القول إن هذه مبادرة قادها دولت بهجلي" مؤكّدة أن "هذا المسار الثاني تضمن أيضا +إبقاء الأمور على حالها+ مع الأكراد، ما يعني استهدافهم وسجنهم وتعيين بدلاء لهم كرؤساء بلديات، ما يعني بالتالي السيطرة على بلديات كردية جرت فيها انتخابات ديموقراطية".