
برلين - يعتزم زعيم المعارضة المحافظة في ألمانيا مجددا طلب دعم اليمين المتطرف في البرلمان في ما يتعلق بمسألة الهجرة المثيرة للجدل بعد أن أثارت مساعيه الأولى إدانات واسعة النطاق واحتجاجات عارمة.
ويأتي تحركه بعد أن عكّرت هجمات أوقعت قتلى الأجواء في ألمانيا عقب وصول ملايين اللاجئين الفارين من الحرب وغيرهم من طالبي اللجوء في السنوات القليلة الماضية، قبيل انتخابات 23 شباط/فبراير.
وكان فريدريش ميرتس، المتصدر في استطلاعات الرأي ورئيس حزب الاتحاد المسيحي الديموقراطي المحافظ، قد تعهد انتزاع المبادرة من حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف للدعوة إلى إجراءات صارمة ضد الهجرة.
لكنه أثار غضبا واحتجاجات عارمة وتوبيخا من المخضرمة في حزبه أنغيلا ميركل عندما دفع حزبه باقتراح أول في البرلمان الأربعاء بدعم من حزب البديل من أجل ألمانيا.
وشارك آلاف المتظاهرين في العديد من الاحتجاجات الخميس ملوحين بلافتات كتب عليها "عار عليكم" و"فريدريش ميرتس خطر أمني على ديموقراطيتنا" و"نحن جدار الحماية".
وبينما كان مشروع قرار الأربعاء دعوة غير ملزمة لفرض ضوابط على الهجرة، فإن المقترح المطروح على جدول أعمال الجمعة يحظى بقوة القانون، ما يمثل محطة مهمة أخرى في السياسة الألمانية.
- سلسلة هجمات -
اقترح حزب الاتحاد المسيحي الديموقراطي وحليفه البافاري الاتحاد المسيحي الاشتراكي ما يسمى قانون الحد من التدفق والذي من شأنه أن يفرض قيودا على لم شمل الأسر لطالبي اللجوء المرفوضين مع إجراءات ترحيل.
كما من شأنه أن يعزز صلاحيات الشرطة الفدرالية بما يسمح باحتجاز المهاجرين غير المسجلين الذين يريد ميرتس احتجازهم وإعادتهم في أقرب وقت.
وحث ائتلاف الاتحاد المسيحي الديموقراطي والاتحاد المسيحي الاشتراكي، الحزب الاشتراكي الديموقراطي بزعامة المستشار أولاف شولتس وحليفه الخضر على دعم مشروع القانون، وإن كان على استعداد لتمريره إذا لزم الأمر مع حزب البديل من أجل ألمانيا والحزبين الأصغر الحزب الديموقراطي الحر وتحالف سارة فاغنكنيشت.
وعلى نقيض مقترح الأربعاء فإن مشروع القرار قد يصبح قانونا بنهاية الأمر في حال أقرته الغرفة العليا (المجلس الاتحادي)، علما بأن ذلك يعتبر غير مرجح إلى حد كبير قبل الانتخابات.
وعادت قضية الهجرة والأمن العام إلى الواجهة من جديد بعد سلسلة من الهجمات أوقعت قتلى وكان المشتبهون بتنفيذها من طالبي اللجوء.
الأسبوع الماضي هاجم رجل بسكين مطبخ أطفالا من دار حضانة في متنزه في مدينة أشافنبورغ (جنوب)، ما أسفر عن مقتل طفل في عامه الثاني ورجل حاول إنقاذ الأطفال.
واعتقلت الشرطة أفغانيا يبلغ 28 عاما كان قد صدر بحقه أمر ترحيل إلى بلغاريا التي دخل منها إلى الاتحاد الأوروبي لكنه لم يغادر. ويُحتجز حاليا في مركز للأمراض النفسية.
كما اعتقلت الشرطة في كانون الأول/ديسمبر سعوديا بتهمة تنفيذ هجوم دهسا بسيارة رباعية الدفع في سوق ميلادية مزدحمة، ما أسفر عن مقتل خمسة أشخاص وإصابة المئات في مدينة ماغديبورغ (شرق).
- الإضرار بحقوق اللاجئين -
يحظى حزب البديل من أجل ألمانيا، المعادي للهجرة والإسلام والتعددية الثقافية والمقرّب من قوى شعبوية يمينية في الخارج، بنحو 20 بالمئة من نوايا التصويت وفق استطلاعات الرأي.
وقد أكد ميرتس أنه لا يسعى إلى تعاون نشط مع "البديل من أجل ألمانيا" ولن يدخل في ائتلاف معه.
وقال في فعالية انتخابية الخميس "إذا فكرت في الأمر سيكون ذلك بمثابة بيع روح حزب الاتحاد المسيحي الديموقراطي".
وأضاف "لن يكون ذلك بديلا لألمانيا بل الانحدار النهائي لألمانيا".
ومع ذلك دافع عن الاستخدام التكتيكي غير المسبوق لدعم حزب البديل من أجل ألمانيا في المجلس التشريعي الوطني قائلا إن "القرار الصحيح لا يصبح خاطئا لمجرد أن الأشخاص الخطأ يوافقون عليه".
وبصرف النظر عن الجدل حول جدار الحماية، انتقدت جماعات حقوق الإنسان مقترحات ميرتس بشأن الهجرة على نطاق واسع، بحجة أنها تتعارض مع قانون الاتحاد الأوروبي والقانون الدولي.
وقالت منظمة العفو الدولية إن "الهجوم في أشافنبورغ ما كان بالإمكان منعه" من خلال مشروع قانون الحزب المسيحي الديموقراطي الذي "لن يؤدي إلا للإضرار بحقوق اللاجئين".
وقالت جوليا دوشرو الأمينة العامة لفرع المنظمة في ألمانيا "لا يمكن تصحيح الخطأ بخطأ"، معبرة عن مخاوفها من زيادة عمليات التفتيش العشوائية التي تقوم بها الشرطة و"التنميط العنصري".