خطوة أولى : مشروع قانون رائد في إسبانيا يصون "كرامة" القردة ويحفظ سلامتها

أ ف ب - الأمة برس
2024-10-29

شمبانزي في مركز "بريدادوموس" الذي أسسته جمعية هولندية في فيّينا بالقرب من أليكانتي الإسبانية (أ ف ب)فيّينا (إسبانيا) - يتيح مشروع قانون أعدّته الحكومة الإسبانية اليسارية توفير حماية لكل القرود الكبيرة في بلدها، وخصوصا تلك الموجودة في الاسر، إذ يهدف إلى "القضاء على الممارسات التي تهدد سلامة" هذه الحيوانات القريبة من الإنسان وتسيء إلى "كرامتها".
لفترة طويلة، عاش القرد "أخيل" في قفص، بأسنان مكسورة، من دون أي رفاق، في ظروف "غير لائقة" بحسب أولغا بيلون، عالمة الرئيسيات من المؤسسة الإسبانية التي استقبلته. وتقول "القرود حيوانات اجتماعية شبيهة بنا، لذا فالقيام بذلك أمر غير إنساني".

مثل جميع الرئيسيات الكبيرة في إسبانيا، يمكن قريبا حماية هذا الشمبانزي البالغ 50 عاما قانونيا ضد هذا النوع من المعاملة بفضل مشروع القانون الذي أطلقته الحكومة اليسارية الإسبانية، والذي من شأنه أن "يغير نظرتنا" إلى هذه الثدييات، "القريبة جدا منا وراثيا"، وفق بيلون.

ويراد من هذه المبادرة تحسين التعامل مع "احتياجات" هذه الحيوانات، بحسب هذه العالمة المسؤول عن الرئيسيات في ملجأ "بريمادوموس".

ويستضيف هذا الموقع في فيّينا، على بعد 60 كيلومترا من أليكانتي (جنوب شرق إسبانيا)، حاليا حوالي ستين قردا، بما في ذلك أربعة قردة شمبانزي، تم إنقاذها من السيرك أو من أيدي الأفراد. وتعاني الحيوانات، مثل "أخيل"، أحيانا من اضطرابات سلوكية.

هذه القردة العليا "معرضة للتوتر والاكتئاب" ويمكن أن "تشوه نفسها"، وفق رئيسة هذا المركز الذي أسسته في عام 2009 الجمعية الهولندية للدفاع عن الحيوانات وحمايتها "ايه ايه بي". وتقول "نريدها أن تجد هنا شكلاً من أشكال الرفاهية".

في القفص، خلفها، تتحرك قردة الشمبانزي الأربعة بين الأشجار والنباتات بحثا عن حبات حمّص نثرها أحد الحراس على الأرض. وتشدد عالمة الرئيسيات على أن استعادة هذه الحيوانات لغريزتها "تتطلب بعض الصبر"، "لكن هذا مهم".

- "سلف مشترك" -
في عام 2023، اتخذت الحكومة الإسبانية خطوة أولى إلى الأمام من خلال اعتماد قانون بشأن الرفق بالحيوان، أدى بشكل ملحوظ إلى زيادة أحكام السجن في حالات سوء المعاملة. والهدف الآن بات يكمن في المضي أبعد من ذلك، من خلال سلسلة تدابير خاصة بالقردة العليا.

وقد أظهر العلم أن هذه الحيوانات "أقرب إلينا مما كنا نعتقد"، كما يوضح خوسيه رامون بيسيرا، مدير حقوق الحيوان في وزارة الحقوق الاجتماعية التي تشرف على هذه المبادرة. ويضيف هذا الموظف الرفيع المستوى أن هذا يبرر "المعاملة الخاصة" الممنوحة لهذه الحيوانات.

من الغوريلا إلى إنسان الغاب مرورا بالبونوبو والشمبانزي... وفقا للجمعيات، يمكن لنحو 150 من الرئيسيات التي تعيش في الأسر في إسبانيا الاستفادة من مشروع القانون هذا. ومن المرجح أن يعطي النص زخما للنقاش بشأن وضعها القانوني "حتى خارج إسبانيا"، وفق بيسيرا.

في السنوات الأخيرة، اتُّخذت مبادرات عرضية حول هذا الموضوع، لا سيما في الأرجنتين، حيث اعترفت المحاكم بأنثى إنسان الغاب، ثم الشمبانزي، باعتبارها "أشخاصا غير بشريين"، وأمرت بنقلها خارج الحظائر التي كانت منعزلة فيها.

لكن "في هذه المرحلة، لم تمنح أي دولة في العالم هذه المكانة لجميع الرئيسيات الكبيرة"، بحسب بيدرو بوثاث، المنسق في إسبانيا لـ"مشروع القردة العليا" - وهي حركة دولية تدافع عن منح الحقوق الأساسية لهذه الفئة من الحيوانات.

ويقول هذا الناشط "بالطبع، سيظل الشمبانزي دائما شمبانزي، وسيظل الإنسان دائما إنسانا (...) ولكن من الناحية البيولوجية، فإن الرئيسيات الكبرى هي من أشباه البشر، مثلنا... نحن نتقاسم سلفا مشتركا"، مبديا أمله في أن يحظى هذا الاعتبار بـ"اعتراف".

- "خطوة أولى" -
وفي عام 2008، أصدر البرلمان الإسباني قرارا يدعو إلى معالجة هذه القضية. لكن الوضع لم يتبدل كثيرا في بلد كان آنذاك في خضم أزمة مالية: حتى أن نوابا تصدوا بقوة لأي محاولة لإجراء تقارب بين البشر والرئيسيات.

هل ستذهب إسبانيا إلى هذا الطريق هذه المرة؟ "الحساسية الاجتماعية لم تعد كما كانت"، لأن "المجتمع أصبح أكثر نضجا"، وفق بيسيرا الذي أجرى مشاورات مع الخبراء والجمعيات في تموز/يوليو، الخطوة الأولى قبل صياغة نص القانون.

وفي مؤشر إلى أن التوقعات عالية: تلقت الوزارة 300 مساهمة تقترح ضمان ظروف معيشية أفضل في الحظائر، وحظر استخدام القرود في الأفلام والبرامج أو حتى منع الفصل بين الأمهات وصغارها.

ويذهب البعض إلى أبعد من ذلك، مثل معهد جين غودال و"مشروع القردة العليا" اللذين يرغبان في منع تكاثر هذه الحيوانات في الأسر، مع سعي إلى "وضع حد" في نهاية المطاف لوجود الرئيسيات الكبيرة في حدائق الحيوان، وفق بوثاث.

وبعيدا عن هذه المقترحات، فإن "الشيء المهم هو أن يمضي النقاش قدما"، بحسب المسؤولة عن السياسات العامة في "ايه ايه بي" مارت ميرشان التي ترى في هذا النهج "خطوة أولى" نحو "زيادة الوعي"، ما سيفيد "القردة بأكملها" و"الحيوانات".








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي