
بيروت - بعد عقود قضاها نائبا للأمين العام لحزب الله، تولّى نعيم قاسم المنصب الأعلى في حزب الله الذي كان في عداد مؤسسيه، بعد اغتيال حسن نصرالله، علما أنه لم يكن من الأسماء المتوقعة لهذا المنصب.
وترتبط مسيرة الرجل ذي اللحية البيضاء والذي يضع عمامة رجال الدين الشيعة البيضاء، ارتباطا وثيقا بمسيرة نصرالله، الأمين العام السابق للحزب الذي اغتيل بغارة إسرائيلية ضخمة على ضاحية بيروت الجنوبية في 27 أيلول/سبتمبر.
انضوى قاسم (71 عاما) في حركة أمل التي يتزعمها حاليا رئيس البرلمان نبيه بري، لدى انطلاقتها في السبعينات. ثم كان في العام 1982 أحد مؤسسي حزب الله الذي انطلق بدعم إيراني إثر الاجتياح الإسرائيلي للبنان.
في العام 1991، عيّنه الأمين العام السابق للحزب عباس الموسوي، نائبا له وبقي في منصبة طيلة ولاية نصرالله التي امتدت لأكثر من ثلاثة عقود.
بعد اغتيال الموسوي في ضربة إسرائيلية في جنوب لبنان في العام 1992، خلَفه حسن نصرالله أمينا عاما للحزب، وبقي قاسم في منصبه.
وأعلن حزب الله الثلاثاء انتخاب قاسم. ويأتي ذلك بعد اغتيال رئيس المجلس التنفيذي لحزب الله هاشم صفي الدين الذي كان يعتبر المرشح الأبرز لخلافة نصرالله ونعاه الحزب في 23 تشرين الأول/أكتوبر، مؤكدا أنه قضى مع عدد من "إخوانه المجاهدين"، في غارة إسرائيلية استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت في آوائل الشهر ذاته.
وكما كان صفي الدين، قاسم عضو في مجلس الشورى التابع لحزب الله، الأمر الذي يخوّله تبوّء منصب الأمين العام.
واغتيل العديد من كبار قادة الحزب في الأسابيع الأخيرة في غارات إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل حزب الله.
ويتحدّث قاسم المولود في بيروت والذي تتحدّر عائلته من بلدة كفرفيلا في جنوب لبنان، اللغتين الإنكليزية والفرنسية. وكان يُجري بانتظام مقابلات مع وسائل إعلام محلية ودولية.
وبينما توقّف حسن نصر الله عن الظهور العلني منذ سنوات طويلة، فقد كان نعيم قاسم يظهر في العلن في مناسبات عدّة.
كان يجري مقابلات تلفزيونية مع وسائل إعلام عربية وغربية، ويشارك في تخريج طلاب مدارس المصطفى التابعة له وفي تكريم المتفوقين، يعطي دروسا دينية، ويشارك في احتفالات حزب الله متقدما الصفوف الأمامية خصوصا في المناسبات التي يتحدث فيها نصرالله عبر الشاشة.
خلال قرابة عام من التصعيد بين حزب الله وإسرائيل، شارك في تشييع مقاتلين وقادة من الحزب، كان آخرهم قائد قوة الرضوان، قوات النخبة في حزب الله، ابراهيم عقيل الذي قتل بغارة إسرائيلية في أيلول/سبتمبر قبل أيام من مقتل نصرالله.
- "لا موقع شاغرا" -
وبحسب مصدر مقرب من حزب الله، تولّى قاسم مهام إدارة الملف الحكومي في لبنان من خلال متابعة عمل الوزراء والنواب، إضافة الى ملف البلديات والنقابات اللذين يشكلان عصب حزب الله في المؤسسات الرسمية.
بموازاة دراسته الأكاديمية في الجامعة اللبنانية حيث نال دراسات عليا في الكيمياء، تابع قاسم دراسات دينية وتتلمذ على يد كبار علماء الشيعة في لبنان.
وعمل مدرسا لمادة الكيمياء لسنوات. ويروي أحد طلابه، وهو ممثل كوميدي معروف، أنه كان مدرّس الكيمياء باللغة الفرنسية في ثانوية حمانا شرق بيروت، مشيرا إلى أنّه كان هادئ الطباع إجمالا.
منذ مقتل نصرالله في 27 تشرين الأول/أكتوبر، ألقى قاسم ثلاث خطابات عبر الشاشة، بدا في الأولى مربكا ويتصبّب عرقا بينما كانت الإضاءة في ظهوره الثاني خافتة وخلفه ستارة داكنة اللون.
وحرص على التأكيد على أن قدرات حزبه "بخير" وأن ما من "موقع شاغر" في هيكلية الحزب، بل تمّ استبدال كل القادة والمسؤولين الذين قتلوا.
ولقاسم، وهو متزوج وأب لستة أولاد، مؤلفات عدة دينية وسياسية بينها كتاب عن حزب الله بعنوان "المنهج، التجرية، والمستقبل".