أوزبكستان تسعى إلى تجديد صناعة الحرير وتعزيز مكانتها كثالث أكبر منتج في العالم  

أ ف ب-الامة برس
2024-07-14

 

 

زبيدة بارداييفا تحصد شرانق دودة القز في نورافشون في أوزبكستان بتاريخ الثاني من حزيران/يونيو 2024 (أ ف ب)   طشقند- في بداية كل صيف في أوزبكستان، تحصد زبيدة بارداييفا شرانق دودة القز التي تُحوَّل إلى نسيج ثمين في عملية طويلة وغير فعّالة بشكل كبير، تعهّدت تحديثها الدولة الواقعة في آسيا الوسطى وثالث أكبر منتج للحرير في العالم.

وفي حديث إلى وكالة فرانس برس، تقول بارداييفا من نورافشون في جنوب العاصمة طشقند: "كل المراحل تتم يدوياً، وأكثر خطوة تتّسم بتعقيد هي رعاية دودة القز، ثم حصاد شرانقها مع الحفاظ على جودتها".

في ظل شجرة لوز، وبأصابعها التي أكسبتها خبرة 40 عاماً، تزيل بارداييفا شرانق بيضاء من أغصان مجففة، تحتوي كل منها على خيط حريري يبلغ طوله كيلومتراً واحداً في المتوسط، تفرزه يرقات الفراشة التي تم تدجينها قبل قرون وتحمل اسم دودة القز.

وخلال موسم تربية هذا النوع من الفراشات الممتد بين نيسان/أبريل وحزيران/يونيو، "يشارك الجميع في مراحل العملية".

يقطّع الرجال أغصان التوت لإطعام الفراشات بينما تهتم النساء باليرقات التي تتطلب عناية مستمرة، على ما توضح المرأة الستينية.

ويتطلب التحوّل إلى نسيج ثمين بضع خطوات أخرى بسبب قوته ونعومته، إذ يتم تعريض دودة القز لدرجات حرارة عالية حتى تُقتَل في شرانقها.

ثم يتم تجفيفها وإسقاطها في ماء مغلي حيث تظهر الخيوط ثم يتم نسجها.

وفي مزرعة مجاورة، تمزّق ديدان صفراء ذات رؤوس سوداء أوراق التوت بشراهة.

وتقول بارداييفا محاطةً بنساء أخريات "بعد الحصاد، نسلّم الشرانق إلى الدولة".

- "إجبار" -

مع أنّ تربية دودة القز لإنتاج الحرير، وهو تقليد متوارث في أوزبكستان، حُرّرت في ظل رئاسة تشافكات ميرزيوييف، تبقى خاضعة لسيطرة الدولة وتُعدّ نشاطاً لا يدرّ مبالغ كبيرة.

وكل ما سبق هو نتيجة عقود من الاقتصاد الشيوعي المخطط له حتى العام 1991، ثم ربع قرن من العزلة في عهد الزعيم السابق إسلام كريموف.

ويقول الخبير الاقتصادي الأوزبكي يولي يوسوبوف لوكالة فرانس برس إن "صناعة الحرير تُدار باستخدام أساليب موروثة من الماضي السوفياتي، حين كان المزارعون يُجبرون على إنتاج الشرانق، وخصوصاً مَن كان لديهم مزارع توت".

بين هؤلاء جانوبيل تاتشيبيكوف، وهو مزارع في نورافشون، تلقى هذا العام "ثلاثة صناديق من بيض دودة القز" من الحكومة الأوزبكية.

ويقول "إذا كنتُ محظوظاً، فسأحصد 150 كيلوغراماً من الشرانق، ما سيحقق لي ستة ملايين سوم"، أي نحو 487 دولاراً، وهو مبلغ يعادل ضعف راتبه الشهري.

وحتى لو ألغى الرئيس ميرزيوييف العمالة القسرية في حقول القطن، تبقى شرانق دودة القز الأوزبكية ممنوعة من الاستيراد في الولايات المتحدة بسبب "استخدام العمالة القسرية في إنتاجها"، على الرغم من نفي طشقند لجوءها إلى هذا الأسلوب.

ويقول يوسوبوف  "إنّ عوامل الإجبار المُمارسَة على المزارعين، بالإضافة إلى أسعار تحددها الدولة، تتسببان بمشاكل في الإنتاجية والجودة".

- تحرير القطاع -

لكنّ الخبير الاقتصادي يؤمن بوجود "أسباب للأمل في حدوث تغييرات في قطاع إنتاج الحرير في أوزبكستان"، والذي يشهد نمواً عالمياً.

ويقول "لقد أمر الرئيس بإصلاح القطاع اعتباراً من العام 2025 لاعتماد آليات قائمة على السوق، ونأمل أن نرى تحوّلاً ثورياً".

وبحلول عام 2027، يريد ميرزيوييف أن يجعل قطاع الحرير أحد أكبر القطاعات لناحية اليد العاملة في البلاد، إذ يساهم اثنان من الأوزبكيين البالغ عددهم نحو 35 مليوناً في الحصاد الموسمي، بينهم العاطلون عن العمل.

وترغب أوزبكستان التي أنتجت 26 ألف طن من الحرير عام 2023، في تعزيز مكانتها كثالث أهم دولة في هذا القطاع بالعالم، خلف الصين والهند اللتين تمثلان نحو 95% من الإنتاج العالمي، بحسب اللجنة الدولية لتربية دودة القز.

وأمر ميرزيوييف أيضاً بزيادة أسعار شراء الشرانق وزراعة التوت والإعفاء الضريبي للمربيين ومجموعات المزارع لجعل الإنتاج مربحاً.

والهدف من ذلك هو دعم الصادرات، وتحديداً إلى السوق الأوروبية ودور أزيائها الفاخرة، على شكل مواد أوّلية ولكن كمنتج نهائي أيضاً.

هذا ما حاولت أن تفعله مريم نيازوفا، مؤسسة "توموش تولا" (الألياف الفضية باللغة الأوزبكية) التي تشكّل إحدى الشركات الأوزبكية القليلة التي توفّر دورة كاملة لإنتاج الحرير، بدءا بتربية الديدان وصولاً إلى إنتاج الملابس والفراش، في كاتاكورغان في منطقة سمرقند على بعد حوالى 400 كيلومتر من طشقند.

وتقول "اشتريت سنة 2020 معدات من الصين وكوريا الجنوبية وتمكنت من إنتاج الأقمشة، وكان الأمر صعباً بسبب نقص المتخصصين"، مستذكرة "سنوات من الركود" في عهد كريموف.

وتظهر في المرحلة الراهنة تفاؤلاً، وتقول "نصدّر أصلاً إلى إيران والصين وأذربيجان، ونأمل أن نصدر قريبا إلى أوروبا".

 

 








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي