محللون: "إعادة صياغة" العلاقات مع إيران جنبت السعودية تداعيات حرب  

أ ف ب-الامة برس
2024-03-06

 

 

ولي العهد السعودي المير محمد بن سلمان (يسار) مع الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي في تشرين الثاني/نوفمبر خلال اجتماع لمنظمة التعاون الإسلامي حول الحرب في غزة (أ ف ب)   طهران-الرياض- أتى الاتفاق  المفاجئ الذي تم التوصل إليه قبل عام مع إيران بثماره بالنسبة للمملكة العربية السعودية، إذ جنبتها إلى حد كبير تداعيات الحرب بين إسرائيل وحماس والاضطرابات المرتبطة بها، بحسب ما أفاد محللون.

وفيما تظل العلاقات بين أكبر قوتين إقليميتين في الشرق الأوسط معقدة وشائكة، يعد التقارب  بمثابة إنجاز دبلوماسي لولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي للسعودية.

وبعد صعوده سلم السلطة الذي ترافق مع قيامه بشن حرب في اليمن وفرض حملة مقاطعة لقطر، اعتمد بن سلمان (38 عاماً) نهجاً تصالحياً تجاه المنطقة بلغ ذروته في الاتفاق مع إيران الذي أعلن عنه في 10 آذار/مارس 2023.

كان الهدف يتمثل بالتركيز على حملة إصلاح اقتصادي واجتماعي محلية طموحة تهدف إلى وضع السعودية، أكبر دولة مصدرة للنفط الخام في العالم، على طريق تحقيق الرخاء في مرحلة ما بعد النفط، وهو حلم قد ينهار إذا اجتاحت الحرب المستعرة في غزة المنطقة.

وحتى الآن، تمكنت الرياض من البقاء بعيدة عن النزاع مع الإعراب عن دعمها للقضية الفلسطينية، وهو ما يرجع إلى حد كبير إلى تطبيع علاقتها مع طهران الداعمة لحماس.

وقال المحلل السعودي عزيز الغشيان لوكالة فرانس برس "من الواضح الآن مدى أهمية خيار تطبيع العلاقات بين المملكة العربية السعودية وإيران".

وأضاف "لقد أظهروا بشكل أساسي أنهم ليسوا أعداء لبعضهم البعض، حتى لو كانت الشكوك موجودة دائمًا ... لقد تمت إعادة صياغة العلاقات".

- مكاسب وفجوات -

وكثيراً ما وجدت السعودية ذات الغالبية السنية وإيران ذات الغالبية الشيعية نفسيهما على طرفي نقيض في الصراعات الإقليمية، من سوريا إلى لبنان والعراق.

وقبل اتفاق العام الماضي التاريخي، كانت علاقاتهما الثنائية مقطوعة منذ أكثر من سبع سنوات، منذ الهجمات على البعثات الدبلوماسية السعودية في إيران خلال الاحتجاجات على إعدام الرياض لرجل الدين الشيعي نمر النمر.

ونصت بنود الاتفاق على إعادة فتح البعثات الدبلوماسية بسرعة وتنفيذ اتفاقيات التعاون الأمني والاقتصادي الموقعة قبل أكثر من عقدين من الزمن.

لكنّ سرعان ما تكشفت فوائد أخرى بعد أكثر من شهر على الاتفاق.

إذ ساعدت البحرية السعودية على إجلاء 65 إيرانياً من السودان الذي ضربته حرب أهلية عنيفة إلى مدينة جدة الساحلية السعودية، حيث كان في استقبالهم أربعة دبلوماسيين إيرانيين وصلوا حديثاً لمباشرة مهام عملهم في المملكة.

كذلك، سهّل الاتفاق عودة الرئيس السوري بشار الأسد، حليف إيران الوثيق، إلى الحاضنة العربية، وهو تطور دبلوماسي وسياسي كان بعيد المنال تٌوّج بحضوره قمة جامعة الدول العربية للمرة الأولى منذ أكثر من عقد من الزمان.

ورغم ذلك، لم تنفذ كل الوعود الواردة في الاتفاق، مع عدم تسجيل تقدم واضح بشأن بعض الخلافات العالقة، بما في ذلك ما يتعلق بحقل غاز متنازع عليه تريد السعودية تطويره بالاشتراك مع الكويت.

وأكّدت هدى رؤوف، رئيسة وحدة الدراسات الإيرانية بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية بالقاهرة، أنّ "الاتفاق أطلق موجة من مساعي السلام في المنطقة".

وقالت إنّ "الإجراءات التي تمت بين البلدين جيدة لكن لا يزال الاتفاق يحتاج إلى كثير من تدابير بناء الثقة".

- "ستكون هناك توترات" -

ويبقى المثال الأبرز للتطبيق المتفاوت للاتفاق، الحرب في اليمن حيث شكّلت السعودية عام 2015 تحالفًا عسكريًا لإطاحة المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران الذين استولوا على العاصمة صنعاء في 2014.

ولقي مئات الآلاف حتفهم في المعارك أو لأسباب غير مباشرة، مثل نقص الغذاء، في ما وصفته الأمم المتحدة بواحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم.

وبعد الإعلان عن اتفاق التقارب السعودي الإيراني، تعاظمت التوقعات بوقف دائم لإطلاق النار، مع تبادل الزيارات بين وفود السعودية والحوثيين.

لكن في حين أن الهدنة التي تم التوصل إليها للمرة الأولى في نيسان/أبريل 2022 صمدت إلى حد كبير على الرغم من انتهاء صلاحيتها رسميًا بعد ستة أشهر، يبدو أن الزخم في عملية السلام قد توقف.

وفي تشرين الثاني/نوفمبر، بدأ الحوثيون سلسلة من الهجمات على السفن في البحر الأحمر، وهي خطوة قالوا إنها تهدف إلى إظهار التضامن مع الفلسطينيين.

وتهدد الاضطرابات في منطقة البحر الأحمر أهداف الرياض الاقتصادية والسياحية، رغم أن الحوثيين تجنبوا تكرار هجماتهم على الأراضي السعودية، بالمقابل لم تنضم السعودية إلى تحالف شكلته الولايات المتحدة لحماية الملاحة في البحر الأحمر.

ويؤكد المحللون أنه من خلال اتصالاتهم المكثفة لاحتواء الحرب بين إسرائيل وحماس، عززت المملكة العربية السعودية وإيران روابطهما.

وقد أدى ذلك إلى أول مكالمة هاتفية بين بن سلمان والرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، بعد خمسة أيام فقط من اندلاع الحرب، وزيارة رئيسي إلى الرياض لحضور اجتماع منظمة التعاون الإسلامي.

وقال الغشيان "نعم ستكون هناك توترات وأعتقد أن أحداً لم يعتقد أنه لن تكون هناك أي توترات، لكن حقيقة أنهم يتحدثون عن ذلك أمر يجلب الكثير من الفوائد الاستراتيجية".

وقالت رابحة سيف علام الخبيرة بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية في القاهرة إن احتواء الحرب كان "أهم مكسب للسعودية".

وأضافت "في غياب الاتفاق كان من الممكن أنّ يؤدي الاستقطاب بين معسكر موال للسعودية ومعسكر موال لإيران لزيادة احتمالية اندلاع حرب إقليمية أوسع"، مشدّدة على أن الأزمة على مستوى المنطقة ستؤدي إلى "تكاليف باهظة للغاية" بالنسبة للرياض.

 







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي