اسرائيل تقول إن جيشها بلغ "قلب مدينة غزة" بعد شهر على اندلاع الحرب

ا ف ب - الأمة برس
2023-11-08

صورة ملتقطة من سديروت عند الحدود بين إسرائيل وقطاع غزة في السابع من تشرين الثاني/نوفمبر 2023 تظهر دخانا يتصاعد فوق غزة بعد ضربات إٍسرائيلية (ا ف ب)

القدس المحتلة - أعلنت إسرائيل مساء الثلاثاء 7-11-2023 أن جيشها بات "في قلب مدينة غزة" مع دخول الحرب مع حماس شهرها الثاني، مجددة رفضها وقف إطلاق النار رغم الدعوات المتكررة لهدنة إنسانية في غزة وتجاوز حصيلة القتلى عشرة آلاف بحسب الحركة الفلسطينية.

وواصلت الدولة العبرية القصف الجوي المكثف على القطاع الذي تسيطر عليه حركة المقاومة الاسلامية (حماس)، والتقدم برا بعدما طوقت مدينة غزة وقسمت القطاع الى شطرين بحسب الجيش.

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت إن الجيش بات "في قلب مدينة غزة". وأضاف في مؤتمر صحافي "سندمر حماس (...) قواتنا جاهزة على جميع الجبهات".

ووقع هجوم مباغت شنته حماس على جنوب إسرائيل في السابع من تشرين الأول/أكتوبر، 1400 قتيل غالبيتهم من المدنيين وسقطوا عموما في اليوم الأول للهجوم، وتم احتجاز أكثر من 240 رهينة، بحسب السلطات الإسرائيلية.

وبلغت حصيلة القصف الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة منذ ذلك الحين 10328 شخصا معظمهم مدنيون وبينهم آلاف الأطفال، بحسب ما أعلنت وزارة الصحة التابعة لحركة حماس الثلاثاء.

وفي إسرائيل، لزمت مدن عدة ومؤسسات بينها الكنيست (البرلمان) دقيقة صمت في ذكرى القتلى الذين سقطوا في السابع من تشرين الأول/اكتوبر.

الى ذلك، جدد رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو رفضه وقف النار ما لم يتم الإفراج عن الرهائن لدى حماس.

وقال في كلمة متلفزة إنه "لن يسمح بدخول الوقود (...) ولا وقف لاطلاق النار من دون الافراج عن رهائننا".

وكان نتانياهو أدلى بموقف مشابه قبل ساعات أيضا في حديث الى قناة أميركية، ذكر خلاله أن إسرائيل ستتولى إدارة القطاع بعد انتهاء الحرب.

وقال لقناة "ايه بي سي نيوز" الأميركية ليل الإثنين "إسرائيل ستتولّى، لفترة غير محدّدة، المسؤولية الأمنية الشاملة" في غزة (...) فعندما لا نتولّى هذه المسؤولية الأمنية، فإنّ ما نواجهه هو اندلاع إرهاب حماس على نطاق لا يمكننا تخيّله".

إلا أن الولايات المتحدة، أوثق حلفاء إسرائيل وأبرز داعميها عسكريا، أعربت عن معارضتها "إعادة احتلال" القطاع.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية فيدانت باتيل للصحافيين الثلاثاء "في شكل عام، لا نؤيد إعادة احتلال غزة ولا اسرائيل تؤيد ذلك".

وأضاف "وجهة نظرنا هي أن على الفلسطينيين أن يكونوا في مقدم هذه القرارات، وغزة هي أرض فلسطينية وستبقى أرضا فلسطينية".

وكانت إسرائيل سحبت قواتها وفككت المستوطنات التي كانت مقامة في غزة في العام 2005. ومنذ 2007، بات القطاع تحت سيطرة حركة حماس، وهو يخضع لحصار إسرائيلي منذ ذلك الحين، تمّ تشديده بعد اندلاع الحرب الراهنة.

لكنّ باتيل شدد على أن الأمور "لن تعود الى الوضع الذي كان قائماً في السادس من تشرين الأول/أكتوبر".

وأضاف "يجب أن تكون إسرائيل والمنطقة آمنتين، وغزة لا ينبغي ولا يمكن أن تكون قاعدة تنطلق منها هجمات إرهابية ضد سكان إسرائيل أو غيرهم".

من جهته، قال غازي حمد، عضو المكتب السياسي لحركة حماس في اتصال هاتفي مع قناة الجزيرة القطرية إنّ "الأميركان يدعمون دولة الاحتلال في وهم كبير أنّهم يستطيعون إعادة ترتيب الأوضاع في غزة".

وأضاف أنّ "ترتيب الأوضاع في غزة شأن فلسطيني محض، وحماس ستكون جزءاً منه غصباً عنهم، باعتبار أنّها جزء من النسيج الوطني الفلسطيني".

وردّاً على ما نُقل عن استعداد السلطة الوطنية الفلسطينية برئاسة الرئيس محمود عباس لإدارة قطاع غزة بعد انتهاء الحرب، قال حمد "أقول للسلطة الفلسطينية بشكل واضح، يجب عليكم أن لا تتعاونوا مع الأميركان وأن لا تأتوا على ظهر الدبابة الأميركية ويجب أن لا تتعاونوا مع المخطط الأميركي".

وتابع "أتوجه للرئيس أبو مازن، هذا موقف يحسب لك في التاريخ، أن ترفض هذا الموقف الإجرامي المشبوه الذي تقوم به الولايات المتحدة".

وفي واشنطن، قال المتحدّث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي الثلاثاء "نحن نجري مناقشات حثيثة مع نظرائنا الإسرائيليين حول الشكل الذي يجب أن تكون عليه غزة بعد النزاع".

وأضاف خلال مؤتمر صحافي أنّ الرئيس بايدن "يتمسّك بموقفه القائل إنّ إعادة احتلال القوات الإسرائيلية (القطاع الفلسطيني) ليس الأمر الصائب الذي ينبغي القيام به". 

ولفت كيربي إلى أنّ هناك مناقشات تجري أيضاً "حول الشكل الذي يجب أن يكون عليه الحُكم في غزة".

وأضاف "الشيء الوحيد الذي لا يمكن تخيّله على الإطلاق هو أن تكون حماس جزءاً من هذه المعادلة. لا يمكننا العودة إلى السادس من تشرين الأول/أكتوبر".

وتعقيباً على تصريح كيربي، قال الناطق باسم حماس عبد اللطيف القانوع في منشور على تطبيق تلغرام إنّ "حديث كيربي عن وضع غزة ما بعد حماس ضرب من الخيال وشعبنا يلتحم مع المقاومة وهو من يقرر مصيره بنفسه".

بذور الشقاء لأجيال مقبلة

وتدعو الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية وقادة العالم العربي ودول أخرى في العالم الى وقف إطلاق النار، وهي فكرة لا تدعمها واشنطن التي تدفع في اتجاه "توقف إنساني" لاطلاق النار وتشدد على حق اسرائيل في الدفاع عن نفسها.

وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش جدد الإثنين مطالبته بـ"وقف إطلاق نار إنساني يزداد إلحاحا ساعة بعد ساعة" في القطاع الذي أضحى "مقبرة للأطفال"، مضيفا "الكابوس في غزة هو أكثر من مجرد أزمة إنسانية. بل أن البشرية في أزمة".

وطالبت اللجنة الدولية للصليب الأحمر الثلاثاء بوضع حد لما يقاسيه مدنيون من معاناة رهيبة، خصوصا الأطفال.

وقالت في بيان "بعد مرور شهر، يُجبَر مدنيون في غزة وإسرائيل على تحمّل معاناة وخسائر هائلة. هذا الأمر يجب أن يتوقّف"، محذّرة من أن "القصف المكثّف يدمّر البنية التحتية المدنية في جميع أنحاء غزة، ويزرع بذور الشقاء لأجيال مقبلة".

ونقل البيان عن رئيسة اللجنة ميريانا سبولياريتش إيغر قولها إن "أطفالا انتُزعوا من أسرهم واحتجزوا رهائن. جراحو اللجنة الدولية للصليب الأحمر يعالجون في غزة أطفالا تفحّم جلدهم من جراء حروق واسعة النطاق".

الى ذلك، أعلنت اللجنة أن قافلة إنسانية محمّلة إمدادات طبية تعرّضت لإطلاق نار في مدينة غزة الثلاثاء.

وأوضحت في بيان أن القافلة التي تضم خمس شاحنات وسيارتين للصليب الأحمر كانت تقل إمدادات لمنشآت صحية عندما تعرّضت لإطلاق نار، مشيرة إلى تضرّر شاحنتين وإصابة سائق بجروح طفيفة.

وكانت إسرائيل التي توعّدت بـ"القضاء على حماس"، أعلنت الأحد تشديد القصف على القطاع حيث تشن قواتها منذ 27 تشرين الأول/أكتوبر عمليات برية.

وتجري أشرس المواجهات في شمال القطاع حيث مدينة غزة. وأكد الجيش سيطرته على "معقل عسكري لحماس" في شمال القطاع ومصادرة "صواريخ وقاذفات ومضادات للدبابات واسلحة ومعدات استخبارات مختلفة".

جثث، أشلاء، شهداء

ويخضع قطاع غزة البالغ عدد سكانه 2,4 مليون نسمة، أصلا لحصار بري وجوي وبحري من إسرائيل منذ إمساك حركة حماس بالسلطة فيه عام 2007. وأعلنت إسرائيل تشديده بعد اندلاع الحرب.

وأدت عمليات القصف العنيف إلى نزوح 1,5 مليون نسمة داخليا، خصوصا بعدما أنذر الجيش الاسرائيلي سكان شمال القطاع بالتوجه الى جنوبه.

والثلاثاء، سار عدد كبير من أهالي قطاع غزة بين الجثث والأشلاء وسط الدبابات الإسرائيلية وهم يرفعون ما تيسر من رايات بيض في نزوحهم القسري نحو الجنوب هربًا من نيران القصف. 

وتحدثت النازحة علا الغول عن "الخوف". وقالت الشابة التي غطت رأسها بحجاب ذهبي اللون "لم نر جنودًا، رأينا الدبابات على جانبي الطريق".

وأضافت "مشينا أسرابا رافعين أيدينا، حاملين رايات بيضا". 

وروت أميرة السكني أن خلال سيرهم من وسط القطاع باتجاه الجنوب "رأينا جثثا، أشلاء، شهداء، الناس تترك دوابها وتكمل طريقها مشيا". 

وأضافت "نحن لا نريد الحرب، نريد هدنة، نريد السلام". 

تحذير لحزب الله

دعا الجيش الاسرائيلي عدة مرات المدنيين الفلسطينيين في منشورات او رسائل نصية الى مغادرة شمال قطاع غزة الى الجنوب. لكن القصف لا يزال يطال أيضا جنوب القطاع.

في خان يونس (جنوب)، كان رجال الاسعاف يبحثون تحت الانقاض عن ناجين بعد ضربة اسرائيلية ليلية دمرت مساكن.

الى جانب القصف والمعارك، يشتكي الفلسطينيون الفارون من عدم توفر الماء ولا أي مواد غذائية.

ويبقى معبر رفح مع مصر، الوحيد غير الخاضع لسيطرة إسرائيل، مغلقا جزئيا. وقد مرت عبره شحنات محدودة من المساعدات، وسمح بخروج جرحى فلسطينيين ومئات من الأجانب.

وشدّد غوتيريش على أنّ المساعدات الإنسانية التي تعبر رفح نحو القطاع المحاصر غير كافية. ورأى مع دخول 569 شاحنة منذ 21 تشرين الأول/أكتوبر أن "وصول المساعدات بالقطارة لا يقارن بمحيط الاحتياجات".

وأعلنت وزارة الخارجية الفرنسية الثلاثاء أن أكثر من مئة فرنسي تمكّنوا من الخروج عبر معبر رفح.

من جهتها، أكدت الولايات المتحدة الثلاثاء أنها ساعدت في مغادرة 400 من مواطنيها والمقيمين لديها وأقاربهم.

ويجري مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك جولة في الشرق الأوسط بدأها بمصر، وسط تزايد المخاوف بشأن التصعيد الإسرائيلي في غزة.

وليل الثلاثاء، أعلنت منظمة "أطباء بلا حدود" أنّ أحد موظّفيها قُتل مع عدد من أقاربه في قصف إسرائيلي استهدف الإثنين مخيّم الشاطئ للاجئين الفلسطينيين في قطاع غزة.

وفيما يخشى المجتمع الدولي اتسّاع نطاق النزاع، أعلنت وزارة الدفاع الأميركية نشر غواصة في الشرق الأوسط، تضاف الى حاملتي طائرات أكدت أن الهدف من نشرهما "ردع" أطراف أخرى عن الدخول في الحرب، خصوصا إيران وحليفها حزب الله اللبناني.

وتزداد المخاوف من احتمال توسع النزاع ليشمل لبنان مع تبادل يومي للقصف وإطلاق النار عند الحدود بين القوات الاسرائيلية وحزب الله.

وكرّر نتانياهو الثلاثاء تحذير الحزب من ارتكاب "خطأ عمره" في حال توسع القتال عند الجبهة الشمالية.

وأعلن الحزب الثلاثاء "استهداف مرابض مدفعية العدو في فلسطين المحتلة" ردا على قصف إسرائيلي طال مواقعه ليلا.

من جهته، أكد الجيش الاسرائيلي رصد إطلاق 20 مقذوفا من لبنان باتجاه أراضيه الثلاثاء، مشيرا الى أنه يقوم بالرد باستخدام سلاح المدفعية.

ويبقى منسوب التوتر مرتفعا في الضفة الغربية المحتلة حيث قتل أكثر من 150 فلسطينيا بنيران جنود أو مستوطنين إسرائيليين منذ 7 تشرين الاول/اكتوبر بحسب السلطة الفلسطينية.








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي