«مكتبة الفل» قصائد تناجي فلسطين للشاعرة دعاء وصفي البياتنه

2023-11-03

«مكتبة الفل» ديوان جديد للشاعرة الفلسطينية دعاء وصفي البياتـنه، صدر عن دار الجنان للنشر التوزيع في عمان، وجاء في 140 صفحة، متضمنا ثمان وأربعين قصيدة من الشعر الموزون، بالإضافة إلى ثمانية نصوص نثرية بلغة شعرية محلقة. وهو الديوان الثاني للبياتنه، بعد «أيقونة الصوت الأخير» والبياتنه تحمل درجة الدكتوراه في الأدب والنقد الحديث من الجامعة الأردنية، وتعمل حاليا في جامعة قطر.

في تقديمه للديوان يقول خالد الجبر: «لا أظن مقاربة تُتيح للقارئ عُبور «مكتبة الفُل» هذه، دون معرفة مفتاح شعرية دعاء وصفي البياتنه، وهو مفتاحٌ انصهرت فيه الخنساءُ برابعة العدوية في رثاءةٍ صُوفية؛ لا تجدُ معنى للموتِ إلا بالحياة، ولا تتقبل الموتَ إلا حياة. وهكذا لا تجدُها تبحثُ في معناه عن سر انكشفَ حجابُه لها أصلا، ولا تتغيا عنهُ تعويضا بالشعر ولا بغيرِه؛ إنما تكتن عميقا في ذاتها التماعةُ الميتِ الحَي الذي لا يُفارق».

تتنوع الموضوعات التي تتناولها قصائد الديوان، فبالإضافة إلى الوطن والجرح الفلسطيني النازف والتراث والمعاناة الإنسانية، والصديقة والأنثى والأم، وغيرها، تخص الأب بعدة قصائد وتهديه ديوانها، تمزج في قصائدها بين الهموم الذاتية والوطنية والإنسانية، بلغة شعرية شفيفة، تشي بثقافة الشاعرة العميقة المتنوعة، وتوظيفها بسلاسة وعفوية، خاصة أغنية «زريف الطول» الشعبية التي تضمنتها عدة قصائد.

في قصيدة «مكتبة الفل» تفتخر بذاتها المثقفة:

هي امرأة

مراودُ كحلها شعرٌ وتاريخٌ

ولفةُ شالها «صولٌ» يطيرُ الآن موسيقى

«أيا عيني أيا لَيْلي»

لها رأيٌ بأفلاطونَ

والأعشى يغازلُها!

لها صبحٌ يشع غزارةَ الإنشا

وقُرْطُ الحرفِ ميزانٌ

فلا يغزو ولا يُغزى

إذا مرت على طللٍ يناديها:

تعالي الآن كي أحيا

وتصف تقلب الأنثى وطهارتها في قصيدة «بيان أنثوي»:

دعني كما شاءَ الإلهُ قصيدة

طقسا خريفيا

يرتلُ ثم يضحكُ ثم يبدأُ بالبُكا

لا تقتربْ من مسجدي الروحي

صمتٌ مريمي داخلي

والجوقة الكبرى أرددُها رؤى

وفي قصيدة «حرة» صوفية الهوى، تناجي ربها فتقول:

إني عرفتك في ارتباكي في اكتئابي في انتصاري

لا يحيدُ الوجهُ عنكَ ولا يمل القلبُ منكَ

وجهي بوجهك يا إلهي

إني بصوتي حين أربطه بأمرك حرةٌ

إني برأسي حين أرفعه بحقكَ حرةٌ

وترثي أباها في عدة قصائد، منها قصيدة «وصفي الكنعاني» الطويلة، تعبر فيها عن حزنها وفقدها وخسارتها التي لا تعوض:

أيا ربي بقلبي طائرٌ

والصبرُ مسمارٌ يدق القلبَ

يربطُه لكن الحنينَ يقومُ يُفلته

رجاء يا تراب القبر

كن ريشا وكن عشبا وكن مطرا

أحب الموتَ في مطرٍ

ليزهر مرة أخرى

وفي قصيدة أخرى «أبي وصفي » تفخر بأبيها وترثيه، تقول:

لا لستُ أعرفُ ما أقولُ بوصفه

دمعُ اليتامى والأرامل يشرحُ

يا هيبة يا نسمة نمشي بها

يا ضوء أكبر من شموسٍ تُصبحُ

يمشي فتنهمرُ العطورُ بظلهِ

تنمو الورود على خطاه تفرحُ

ولأمها نصيب؛ تخاطبها في قصيدة «الأجمل» وتتغزل بها:

وكيف القلبُ لا يهوى

وأنت الكل يا كُلي

وكيف النبضُ لا يهدأْ

وأنتِ الروحُ يا أمي

لأجلك تنحني الدنيا

يصيرُ الوردُ شلالا

ولأن الشهيد حالة فلسطينية بامتياز، وطقس شبه يومي لا يتخلف، تقول على لسانه في قصيدة «الشهيد»:

وأنا أنا

وأنا السقوطُ الحُر من أعلى سمائي فادفنوني في سمائي

وأنا التمركز في استقامة جثتي

وأنا صلاتي

وأنا أنا

مع كل خطٍ في اتجاه الموت أحيا

فوق إسفلتِ الشوارع

فوق هندسة الرصاص

أصيرُ فنانا نبيا طائرا

ما كان قصدي أن أكون كصورتي

ما كان قصدي أن أكون نبيا

لكن فلسفة الإله حقيقةٌ

جعلت سقوطي عبقريا…

وفي قصيدة «ليسوا القمح والموال والرمان» تخاطب العدو المغتصب ودولته المسخ:

فيا أبناءَ بلفورٍ

وبا أبناءَ ما كانوا وما كانوا

على الأحجار كنعان…

على الأصواتِ كنعان…

على الغيمات والشطآن والتطريز كنعان

وعمر القمح والطابون كنعان

فمن أنتم؟!

وأقصرُ غصن زيتونٍ

وأصغرُ بئر حاكورة

يضاهي عمر دولتكم

فمن أنتم؟!








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي