إيكونوميست: حرب المدن في غزة ستكون دموية أكثر من الموصل والرقة ضد تنظيم "الدولة"

متابعات الأمة برس
2023-10-31

 

عُشر المساكن في غزة أصبحت مدمرة، مما يترك أكثر من 280 ألف شخص بدون بيوت لا يمكنهم العودة إليها (أ ف ب)نشرت مجلة “إيكونوميست” تقريرا قالت فيه إن حرب المدن في غزة ستكون أكثر دموية من تلك التي شُنت في العراق. وقالت إن المعركة ضد تنظيم الدولة في مدينة الموصل تقدم دروسا لإسرائيل وتحذيرات.

وتحدثت عن أن الحرب في غزة تترك حصيلة وحشية على المدنيين في غزة، وقالت وزارة الصحة في القطاع، إن أكثر من 8000 شخص قتلوا، بينهم أكثر من 3000 طفل، وهذا أكبر من كل الحروب التي شهدتها غزة.

وبحسب صور الأقمار الاصطناعية التي فحصتها المجلة، فإن عُشر المساكن في غزة أصبحت مدمرة، مما يترك أكثر من 280 ألف شخص بدون بيوت لا يمكنهم العودة إليها.

وعلى أي حال، فهذا يتطابق مع حروب المدن التي تكون عادة مدمرة، بحسب المجلة. لكن حرب إسرائيل في غزة متميزة أيضا، فالحرب في المدن ووسط المباني عادة ما تكون دموية، وكانت تجربة الأمريكيين أولا في الفلوجة عام 2004، حيث قُتل حوالي 600 مدني، أو نسبة 0.2% من سكان المدينة، مقارنة مع 0.3% في غزة.

وفي الهجوم الثاني على الفلوجة، قُتل حوالي 800 مدني، وتضررت معظم مباني المدينة. وفي معركة على مدينة الصدر بضواحي بغداد، قُتل حوالي 1000 شخص على الأرجح، في آذار/ مارس 2008، ومن بين مليوني نسمة يعيشون في مدينة الصدر، إلا أنها لا تشبه الحرب الحالية في غزة.

وكانت آخر معركة مدن في السنوات الأخيرة هي الهجوم على الموصل التي سيطر عليها تنظيم الدولة، حيث خاضها ضد تحالف بقيادة أمريكا وشارك فيه الجيش العراقي والقوات الكردية. وقتل في المعركة على الأقل 9000 مدني خلال المعركة التي استمرت ما بين 2016- 2017، وذلك حسب المنظمة غير الربحية “إيروورز”، وهي نسبة 0.6% من سكان المدينة، وتضررت نسبة 80% من مباني المدينة.

وهو ما يشير إلى أن الحرب في غزة ليست مختلفة تاريخيا، لكن هناك عدد من الاختلافات بين الموصل وغزة. ففي الأولى، منع تنظيم الدولة السكان من الفرار، مع أن معظمهم ترك المدينة في فترة الحرب. وحتى روسيا، وافقت أثناء ضربها لمدينة ماريبول في أيار/ مايو 2022، على هدنة إنسانية، سُمح فيها للمدنيين بالخروج. لكن إسرائيل رفضت الدعوات الأوروبية وغيرها لوقف إطلاق نار مؤقت.

إلى جانب ذلك، فجغرافية غزة هي أقل تسامحا من بقية الحالات، وطلبت إسرائيل من 1.1 مليون مدني مغادرة شمال غزة، لكن ثلثهم بقي فيها. ومعظم السكان هم لاجئون، ويخشون إن خرجوا هذه المرة، أن لا يتم السماح لهم بالعودة مرة أخرى. ومَن يريدون الهرب، لا يمكنهم اجتياز الحدود مع مصر التي رفضت فتح الحدود، لأنها لا تريد  تحمل المسؤولية عنهم.

ويقول عاموس فوكس: “لا يمكن للسكان المحليين الهرب، أو يمكن القتال في أماكن مفتوحة بعيدة عن المراكز الحضرية”. ويقول إن “الحرب الحضرية في غزة هي متميزة، ولا يمكن أن تحدث بدون ثمن لم نره في السنوات القليلة الماضية”.

وحتى الذين فروا للجنوب يعانون من أزمة إنسانية، وقدرة النظام الصحي في غزة لا تستوعب سوى 3500 سرير، بحسب منظمة أطباء بلا حدود.

وفي الموصل، كانت منظمة الصحة العالمية قادرة على بناء مراكز للعلاج من الصدمة النفسية وتقديم الأدوية الضرورية والعناية الطبية في فترة تتراوح ما بين 10-15 دقيقة من خطوط القتال، مع مستشفى ميداني أكبر يبعد ساعة. ورفض المسؤولون الإسرائيليون إرسال المساعدات إلا إذا أطلقت حماس سراح الأسرى لديها.

وهناك خلاف آخر يتعلق بمستوى التداخل ما بين البنى العسكرية والمدنية في غزة، ففي الموصل التي سيطر عليها تنظيم الدولة لمدة عامين، أقام بنى عسكرية متعددة ومثيرة للإعجاب، واستفاد من عقيدة الحرب الغربية حسب الجنرال البريطاني المتقاعد روبرت جونز.

وحماس بالمقارنة متجذرة بالنظام الاجتماعي في غزة، حيث ترتبط جذورها بالمجمع الإسلامي الذي أنشأه الشيخ أحمد ياسين في عام 1973، وعلى مدى نصف قرن، اندمجت الحركة في النسيج الاجتماعي بقطاع غزة، وهي تديره منذ 16 عاما، وحقيقة سيطرتها السهلة على القطاع نابعة من أن مقاتليها جنّدتهم من الشوارع.

ورغم زعم إسرائيل أنها تتجنب الأهداف المدنية، إلا أنها أسقطت 6000 قنبلة على قطاع غزة في الأيام الستة الأولى من بداية الحرب.

وبالمقارنة، ألقت أمريكا 7000 قنبلة على الموصل خلال شهرين. وفي 30 تشرين الأول/أكتوبر، قال نائب قائد الجيش الإسرائيلي، فرقة غزة لصحيفة “فايننشال تايمز”: “عندما يتحرك جنودنا، يترافق ذلك مع قصف مدفعي مكثف، إضافة إلى 50 طائرة في الجو، وندمر أي شيء يتحرك”.

ويقول أنطوني كينغ، من جامعة إكستر، إن أساليب الحرب الإسرائيلية نابعة من الطريقة التي تنظر فيها للحرب بأنها “حرب وجودية” بنفس الطريقة التي نظر فيها للموصل وماراوي في الفلبين عام 2017. ويصف المسؤولون الإسرائيليون حماس بالعدو الذي لا يمكن التنازل أو التسوية معه.

أما الفرق الأخير في طبيعة الحرب، فهي الاستخبارات. فمنذ البداية، يملك الجيش الإسرائيلي معلومات عن بُنى حماس والتي جمعها على مدى السنين الماضية، لكن معظم هذه الأهداف ربما ضربت في الأسبوع الأول من الحرب، وبعد ذلك، يتم التحرك نحو الاستهداف “الدينامي” أي البحث عن الأهداف وضربها، وهنا يسقط القتلى المدنيين.

ففي الموصل، قدم السكان الذي كرهوا تنظيم الدولة معلومات للمخابرات العراقية ساعدت على استهداف مواقع التنظيم. في المقابل، حُرمت القوات التي كانت تضرب الرقة في 2017 من المعلومات، ولهذا اعتمدت على القصف الجوي.

وفي الحالة الإسرائيلية، عانى الجيش الإسرائيلي من ضربة وفشل استخباراتي في 7 أكتوبر، لكن سيكون لدى الجيش معلومات إلكترونية عن القطاع بمساعدة طائرات المراقبة الأمريكية التي ترصد الحركة في غزة، إلا أن حماس قد يكون لها التميز الاستخباراتي على الأرض كما يقول فوكس، حيث سيقدم السكان معلومات مهمة عن تقدم القوات الإسرائيلية.








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي