أطفال من غزة في القدس للعلاج من السرطان مع ذويهم: بين ألم المرض والخوف على الأحباء

ا ف ب - الأمة برس
2023-10-18

الفلطسينية مي زين الدين من قطاع غزة تجلس بجوار ابنها علي المصاب بالسرطان في مستشفى اوغستا فيكتوريا في الدقس الشرقية في 17 تشرين ألول/أكتوبر 2023 مع استمرار الحرب بين اسرائيل وحركة حماس (ا ف ب)

قرب سرير طفلها الممدّد في مستشفى في القدس الشرقية لتلقي العلاج من مرض السرطان، يعتصر القلق مي زين الدين على زوج وثلاثة أطفال آخرين تركتهم في قطاع غزة الذي يتعرض لقصف متواصل منذ أكثر من عشرة أيام.

وتقول زين الدين التي ترافق علي في رحلة علاجه "قلبي منفطر على ابني المريض، ومشتاقة لطفلي الصغير الذي لم يبلغ بعد السنتين وهو ينام ويصحو بجانبي".

وشنّت حركة حماس في السابع من تشرين الأول/أكتوبر الحالي، هجوما مباغتا وغير مسبوق على الدولة العبرية قتل فيه أكثر من 1400 معظمهم مدنيون، وفق مسؤولين إسرائيليين. وترد إسرائيل منذ ذلك التاريخ بقصف عنيف ومكثف على قطاع غزة أوقع أكثر من ثلاثة آلاف قتيل، وفق وزارة الصحة التابعة لحماس.

وعلي واحد من أربعة أطفال من قطاع غزة يتلقون العلاج من مرض السرطان في مستشفى أوغستا فكتوريا على سفح جبل الزيتون في القدس الشرقية المحتلة. وإجمالا، لا يسمح إلا لشخص واحد من العائلة بالتواجد مع المصاب للعلاج غير الموجود في قطاع غزة.

 وتقول زين الدين وهي تحاول حبس دموعها "علي ينادي طوال الوقت بابا بابا... كان يفترض أن نعود الثلاثاء إلى قطاع غزة لكن كارثة، مصيبة حلت بنا". 

من على سريره، يعبّر علي البالغ ثماني سنوات والذي يعاني من سرطان الدم عن اشتياقه لإخوته ووالده و"ساندويش الشاورما على بحر غزة". 

ويقول إنه حزين لعدم تمكنه من إجراء محادثة معهم عبر الفيديو. كانت تلك المحادثة تسلّيه وتشجعه، لكن في ظل انقطاع الكهرباء والإنترنت في القطاع المحاصر الذي يقطنه 2,4 مليون شخص، صار الاتصال مع الأهل شبه مستحيل. 

وشددت إسرائيل الحصار على قطاع غزة عبر قطع إمدادات الكهرباء والماء والوقود والمواد الغذائية.

وتعاني مستشفيات القطاع من وضع صعب جدا. وقالت منظمة الصحة العالمية في الأراضي الفلسطينية المحتلة إن المستشفيات في قطاع غزة "على وشك الانهيار" خصوصا بعدما لجأ إليها آلاف الأشخاص بحثا عن مأوى من القصف.

وقتل الثلاثاء مئات الأشخاص في قصف طال المستشفى الأهلي العربي في مدينة غزة، وتتبادل حركة حماس وإسرائيل الاتهامات بالتسبب به.

أموت معهم أو أعيش معهم 

وتشير الأم الى أن منزل العائلة في حي الرمال في مدينة غزة تعرض لأضرار كبيرة، وصار بلا نوافذ، لكن عائلتها لا تزال فيه، رغم إنذار إسرائيلي بضرورة إخلاء مدينة غزة والتوجه جنوبا.

وتقول زين الدين "زوجي يرفض الرحيل. يقول لي هذه أرضي وبيتي ومستحيل أن أخرج". 

أما هي فكل ما تريده العودة إلى غزة بعد 33 يوما قضتها برفقة ابنها في القدس، وهو أمر مستحيل في الوقت الحالي. 

وتقول بصوت مخنوق "أموت معهم أو أعيش معهم". 

في غرفة أخرى في قسم الأطفال التخصصي في المستشفى، تحتضن قمر أبو زور ابنها حمزة البالغ أربع سنوات والعاجز عن الحركة، والذي يتلقى علاجا بالأشعة لورم سرطاني في جذع الدماغ. 

وتقول الأم التي وصلت مع حمزة قبل أكثر من أسبوعين، إن منزلهما في سوق السيارات في مدينة غزة تعرض لدمار جزئي جراء القصف ولم يعد صالحًا للسكن، فغادره زوجها مع طفليها الآخرين.

وتضيف "الوضع سيء... قريبي ممرض، استشهد أثناء أداء وظيفته، حتى سيارات الإسعاف والطواقم الطبية مستهدفة".

وتضيف "الخوف في كل مكان. لا يوجد أمل. نعيش في خوف وقلق وتوتر".

قلبي غير مرتاح

وترافق حنان أبو كلوب القادمة من مخيم الشاطىء في غزة، حفيدتها سما البالغة سنة ونصف السنة والتي تعالج من سرطان الدم.

وتقول بحسرة "أبكي كل يوم. أنا خائفة ومتوترة ... قلبي غير مرتاح".

ويقول مسؤول التمريض في قسم الأطفال محمد قباجة إن في المستشفى جهاز العلاج الإشعاعي الوحيد للمرضى في الضفة الغربية وقطاع غزة. 

ويوضح أن المستشفى كان يفترض أن يستقبل خلال الفترة الحالية سبعة مرضى آخرين من قطاع غزة لاستكمال علاجهم. "استطعنا التواصل مع عدد منهم بينما انقطع التواصل مع البقية"، مشيرا الى أن تأخرهم في الحصول على العلاج يشكّل "خطرًا على حياتهم لأن علاج الخلية السرطانية يجب أن يكون منتظمًا".

مبادرات

ويوجد في المستشفى مرضى آخرون من قطاع غزة يعانون القلق وبعضهم في حاجة الى أمور أساسية تنقصهم.

ويعمل أفراد ومؤسسات في القدس الشرقية على تأمين احتياجات مرضى قطاع غزة والضفة الغربية وذويهم، كلٌ وفق إمكاناته. 

قبل أسبوع، أرسل شفيق الشويكي (40 عاما) من القدس الشرقية رسالة عبر تطبيق "واتساب" أعلن فيها وصديقه عن مبادرة فردية لجمع التبرعات العينية لمرضى قطاع غزة والضفة الغربية ومرافقيهم المتواجدين في مستشفيات المدينة. 

ويقول الشويكي "نذهب إلى المتبرعين بسياراتنا الشخصية ونستلم منهم تلك التبرعات من مواد غذائية واحتياجات خاصة مثل صابون الاستحمام والمناشف والملابس الداخلية وغيرها".  

ويؤكد أنه لم يتوقع حجم الإقبال الذي حصل من الناس الذين قصد بعضهم المستشفيات ليسلّموا التبرعات.

ويجهز الشويكي الذي يرفض التبرعات المالية، يوميا قائمة بالاحتياجات، مشيرا الى أنه سينظم أيضا مبادرة أخرى لجلب حلاقين إلى المستشفيات ليقدموا خدماتهم للمرضى وذويهم.

وتعاني أميرة (11 عاما) من ورم في جذع الدماغ. تتحدث بصعوبة ويبدو عليها الخوف والقلق، وهو ما تؤكده والدتها إيمان.

وتقول الطفلة التي علمت أن منزل عائلتها في حي الرمال تضرّر جراء القصف، "أنا خائفة على أختي ميرنا. منذ يومين لم أتحدث معها، لست سعيدة لوجودي في القدس، أريد العودة إلى غزة".








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي