بلينكن يحضّ إسرائيل على تجنب إلحاق الأذى بالمدنيين في غزة

ا ف ب - الأمة برس
2023-10-13

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ورئيس الوزراء القطري وزير الخارجية محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مؤتمر صحافي مشترك في الدوحة في 13 تشرين الأول/أكتوبر 2023 (ا ف ب)

الدوحة - حضّ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أمس الجمعة إسرائيل على تجنب إلحاق الأذى بالمدنيين الفلسطينيين في حين يواصل محادثاته لإنشاء "مناطق آمنة" داخل قطاع غزة، في مسعى لتهدئة الأوضاع في الشرق الأوسط.

ويقوم بلينكن بجولة تشمل ستّ دول عربية، بدأها بزيارة تضامن إلى إسرائيل دافع خلالها عن حقّها في الردّ على الهجوم الذي شنّته حركة حماس السبت الماضي. إلا أنه رفع حدّة لهجته بشأن حماية الفلسطينيين العزل.

وفي الدوحة حيث التقى أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، قال بلينكن في مؤتمر صحافي "لقد قمنا بحضّ الإسرائيليين على اللجوء إلى كل الاحتياطات الممكنة لتجنب إلحاق الأذى بالمدنيين".

وأضاف "ندرك أن العديد من الأسر الفلسطينية في غزة تعاني بدون ارتكاب أي ذنب وأن مدنيين فلسطينيين فقدوا حياتهم".

لكنّه شدّد على أن ما تفعله إسرائيل هو ضمن حقوقها بعد الهجمات "غير المعقولة" التي شنّتها حماس.

واعتبر أن "ما تفعله إسرائيل ليس انتقاما. ما تفعله إسرائيل هو دفاع عن حياة شعبها"، مردفا "أي دولة تواجه ما عانت منه إسرائيل يُرجّح أن تفعل الشيء نفسه".

من جانبه، قال رئيس الوزراء القطري وزير الخارجية محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في المؤتمر الصحافي، "أولويات تحركات دولة قطر الدبلوماسية هي السعي للوقف الفوري لإطلاق النار وحماية المدنيين وإطلاق سراح الأسرى والعمل للحدّ من اتساع رقعة العنف" في المنطقة.

أطلقت حماس في السابع من تشرين الأول/أكتوبر عملية "طوفان الأقصى" التي توغّل خلالها مقاتلوها في مناطق إسرائيلية من البحر عبر زوارق، ومن البر عبر اختراق أجزاء من السياج الحدودي، ومن الجو عبر المظلات، بالتزامن مع إطلاق آلاف الصواريخ في اتجاه إسرائيل. ودخلوا مواقع عسكرية وتجمعات سكنية وقتلوا أشخاصا وأسروا آخرين.

وقُتل ما لا يقل عن 1300 شخص في إسرائيل معظمهم مدنيون منذ بدء هجوم حماس السبت الماضي، وبينهم 258 جنديًا، وفق آخر حصيلة للجيش. أما في القطاع المحاصر، فقتل 1799 شخصا بينهم 583 طفلا جراء القصف الإسرائيلي المكثف ردا على الهجوم، وفق وزارة الصحة التابعة لحماس. وقطعت إسرائيل إمدادات الغذاء والماء والكهرباء عن القطاع.

لا يمكن أن تستمر الأمور كالمعتاد مع حماس

وأشاد بلينكن بقطر التي تقيم في آنٍ علاقات مع الولايات المتحدة وحماس المدعومة عسكريا وماليا من إيران، "لإلحاحها" في الجهود الرامية إلى إقناع حماس بإطلاق سراح نحو 150 رهينة.

غير أنّه حذّر من العلاقات الوثيقة التي تربط حليفة واشنطن بحماس التي لديها مكتب في الدوحة وهو مقرّ رئيس المكتب السياسي في الحركة اسماعيل هنية.

وقال بلينكن "لا يمكن أن تستمر الأمور كالمعتاد مع حماس – قتل الأطفال، وحرق عائلات حتى الموت، وأخذ أطفال رهائن". 

إلا أن رئيس الوزراء القطري دافع عن مكتب الحركة مشيرًا إلى أنه يُستخدم لغرض التواصل.

ومع تصاعد الغضب في الدول العربية، ناقش بلينكن أيضا سبل حماية المدنيين في قطاع غزة الذي دعت إسرائيل سكان مناطقه الشمالية للتوجه إلى جنوبه، في خطوة استنكرتها حماس وأكدت الأمم المتحدة أنها تطال 1,1 مليون شخص.

وأعلن الجيش الإسرائيلي الجمعة أن قواته البرية والمدرعة داهمت قطاع غزة "في الأربع وعشرين ساعة الماضية"، قبيل هجوم برّي مُرجح على القطاع الفلسطيني المكتظ بالسكان.

وعلى متن الطائرة التي كانت تقلّ بلينكن من عمّان إلى الدوحة، قال مسؤول أميركي كبير طالبا عدم ذكر اسمه، إن إحدى المسائل التي تمّت مناقشتها خلال اجتماعات بلينكن في تل أبيب الخميس هي "الحاجة إلى إنشاء بعض المناطق الآمنة التي يمكن للمدنيين أن ينتقلوا إليها، أن يكونوا بمأمن من العمليات الأمنية المشروعة التي تشنّها إسرائيل".

وأكد أن "الإسرائيليين ملتزمون بذلك. لقد أوضحوا في اجتماعنا (معهم) أمس (الخميس) أنهم ملتزمون بذلك".

ويبدو أن المسؤولين الأميركيين يتراجعون عن جهود سابقة بُذلت لجعل سكان غزة يفرّون إلى مصر المجاورة، قائلين إن اقتراحهم لم يلق دعمًا كبيرًا وباتوا يسعون بدلًا من ذلك إلى إنشاء مناطق آمنة داخل غزة.

على صعيد متّصل، أكد المسؤول الأميركي أن واشنطن تجري محادثات مع كلّ من مصر وإسرائيل للسماح للمواطنين الأجانب بمغادرة غزة عبر معبر رفح الحدودي.

وأغلق المعبر وهو المنفذ الوحيد لسكان القطاع الى الخارج وغير الخاضع للسيطرة الإسرائيلية، منذ الثلاثاء بعد تعرّضه للقصف ثلاث مرات خلال أربع وعشرين ساعة.

نكبة ثانية

وكان بلينكن قد التقى في عمّان صباحا العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني والرئيس الفلسطيني محمود عباس.

وأكد عباس خلال لقائه الوزير الأميركي "رفضه الكامل" لتهجير السكان من غزة، محذرا من "نكبة ثانية"، على ما أفادت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية "وفا".

ودعا الملك عبدالله الثاني، وهو أحد حلفاء واشنطن الأساسين في المنطقة، إلى "فتح ممرات إنسانية عاجلة لإدخال المساعدات" إلى غزة"، على ما أفاد بيان الديوان الملكي.

وكان الأردن، الذي يستضيف مليوني لاجئ فلسطيني مسجلين لدى الأمم المتحدة، حذّر من التهجير. وشدّد العاهل الأردني خلال لقائه بلينكن على "عدم ترحيل الأزمة إلى دول الجوار ومفاقمة قضية اللاجئين".

وبعد قطر، توجّه بلينكن إلى البحرين في زيارة مقتضبة جدًا، سيلتقى خلالها ولي العهد رئيس الوزراء الأمير سلمان بن حمد آل خليفة. وتشمل جولته أيضًا السعودية والإمارات ومصر.

أتت عملية حماس في ظل مساعٍ أميركية لإنجاز اتفاق لتطبيع العلاقات بين السعودية واسرائيل. وأكد الأطراف المعنيون في الأسابيع الماضية أنهم كانوا يقتربون أكثر فأكثر من إنجاز هذا التفاهم، بعد سلسلة تفاهمات بين إسرائيل ودول عربية في الأعوام الأخيرة.

الا أن التطورات الأخيرة قد تؤثر سلبا على زخم هذه المباحثات، اذ إن السعودية، مثلها مثل قطر، حمّلت الممارسات الإسرائيلية مسؤولية التصاعد الحاد في أعمال العنف.

والرئيس عباس (88 عاما) ليس له تأثير على حماس التي تسيطر على غزة منذ العام 2007 بعد اشتباكات انتهت بطرد حركة فتح من القطاع الذي يخضع لحصار إسرائيلي منذ 17 عاما.

وسعت الولايات المتحدة خلال ولاية الرئيس الديموقراطي جو بايدن، إلى دعم السلطة الفلسطينية نظرا لاعتبارها الخيار الأمثل لأي سلام محتمل.

إلا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، الذي عاد الى الحكم العام الماضي على رأس ائتلاف هو الأكثر يمينية في تاريخ الدولة العبرية ويرفض حل الدولتين، عمل منذ أعوام على تهميش دور السلطة وعباس، معتبرا أن الأخير لم يلتزم بما يكفي في العمل على وقف أعمال العنف.








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي