واشنطن بوست: إدارة بايدن تحاول التعامل مع تداعيات هجوم حماس المباغت.. وجهود التطبيع هي الضحية

2023-10-09

دعت حماس الأطراف الأخرى للمشاركة معها، وليس من المحتمل استجابة دول عربية لنداءاتها (أ ف ب)نشرت صحيفة “واشنطن بوست” تقريرا لكارين دي يونع بشأن موقف إدارة جو بايدن من أحداث غزة وإسرائيل قائلة إن الإدارة تواجه تداعيات غزو حماس، مشيرة إلى أن البيت الأبيض كان يعمل على اتفاقية إسرائيلية- سعودية، الولايات المتحدة فيها الطرف الثالث، إلا أن الهجوم غير المسبوق على إسرائيل قد يقلب الجهود رأسا على عقب.

وقالت إن إدارة بايدن تحركت وبسرعة نحو مزاج الأزمة يوم السبت ردا على الهجوم المفاجئ الذي قامت به حماس ضد إسرائيل وشجبت الهجوم “الإرهابي” من غزة مؤكدة على الدعم الأمريكي الثابت مثل الصخر لأمن إسرائيل، وفي بيانات عامة واتصالات مع المسؤولين الإسرائيليين.

 وقال بايدن “تقف الولايات المتحدة مع إسرائيل” بعد اتصاله مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وقال “لن نفشل أبدا بدعمهم وسنتأكد من حصولهم على الدعم الذي يحتاجه مواطنوهم بحيث يدافعون عن أنفسهم. إسرائيل لها الحق بالدفاع عن نفسها وشعبها، نقطة”. ووقف وزير الخارجية الحزين خلف بايدن وهو يدلي بتصريحاته، حيث تجمع هو والمسؤولون في البيت الأبيض لمتابعة تطور الوضع، بصور فيديو عن عمارات تدمر وأسرى إسرائيليين، حيث قرر مدير الاستخبارات الأمريكية ويليام بيرنز إلغاء مشاركته بمؤتمر بجورجيا وفضل البقاء في واشنطن و”المساعدة في تقديم الدعم للرئيس ونقاشات الأمن القومي حيث تتكشف الأزمة في إسرائيل” حسبما قال متحدث باسم سي آي إيه.

ووسط سلسلة من المكالمات التي قامت بها الإدارة، اتصل بايدن بملك الأردن، عبد الله الثاني، واتصل بلينكن بنظرائه في السعودية ومصر ورئيس السلطة الوطنية، محمود عباس، كما واتصل لويد أوستن، وزير الدفاع الأمريكي بنظيره الإسرائيلي.

وقال مسؤول بارز في البيت الأبيض “نحن في محادثات عميقة مع الإسرائيليين بشأن حاجياتهم المحددة وهم يردون على هذا”، ولم يعلق المسؤول على طبيعة المساعدات، مشيرا للوضع الصعب الناجم عن خلو مقعد رئيس مجلس النواب، مما يصعب عملية نقل المساعدات لإسرائيل. وبعيدا عن الغضب والتطمينات، فإن مسؤولي الإدارة والخبراء الإقليميين يكافحون في فهم تحضيرات حركة حماس لهجوم صاعق، وبآلاف الصواريخ التي أمطرت على المدن والبلدات الإسرائيلية وهجمات متتالية لمسلحين اجتازوا الحدود إلى البلدات والقرى في جنوب إسرائيل، وكيف غابت هذه عن الجيش وأجهزة الأمن الإسرائيلية المتبجحة. وقال المسؤول البارز إن الولايات المتحدة كانت “قلقة بسبب التوتر المتصاعد في الضفة الغربية” إلا أنه لم يكن لديها “إشارات محددة” بشأن هجوم لحماس “بهذا المستوى المتقن الذي ظهر”.

ولعل الأهم في كل هذا، وهو الأثر الصادم على جهود الولايات المتحدة لترتيب صفقة تطبيع بين إسرائيل والسعودية، وهو هدف أصبح من أهداف وأولويات السياسة الخارجية لبايدن. وقال السفير الأمريكي السابق في إسرائيل توم نايدز “من الباكر الحديث” و”أعتقد أنه في ظل الوضع الحالي للأحداث”، ووسط تقارير عن مئات القتلى والجرحى الإسرائيليين وزعم حماس بأن لديها العشرات من الرهائن الإسرائيليين والغارات الانتقامية الإسرائيلية على غزة “علينا المضي في هذا قبل أن نعيد تجميع ما انكسر”. وتوقع أن يقتضي الوضع أسابيع إن لم تكن أشهرا من الأوضاع المعقدة لإسرائيل وأمنها وحتى “نفهم عظم هذه المأساة”. ووصف نايدز الهجوم بأنه “نكسة عظيمة” و”ربما كان أسوأ هجوم إرهابي حدث في إسرائيل”. وكان من المتوقع أن يزور بلينكن في هذا الشهر كلا من إسرائيل والسعودية، كجزء من المفاوضات.

وقال آرون ديفيد ميلر، المفاوض الأمريكي السابق في الشرق الأوسط والزميل البارز في وقفية كارنيغي للسلام العالمي إن “الزيارة كانت ستركز على التفاصيل”، إلا أن الوضع تحول إلى “دبلوماسية الأزمة”. وشجب مشرعون وحكومات في الخارج هجوم حماس إلا حكومة قطر التي حملت إسرائيل مسؤولية التصعيد وانتهاكها لحقوق الفلسطينيين، فيما دعت السعودية الطرفين لضبط النفس.

ورغم التقارير عن التقدم في المحادثات لتحقيق صفقة سعودية- إسرائيلية تحد من التأثير الصيني بمنطقة الخليج إلا أن المسؤولين كانوا أكثر حذرا في أحاديثهم الخاصة وإمكانية تحقيقها. فعلى الطرفين تخفيف مطالبهما والقبول بشروط صعبة إن لم تكن مستحيلة. وتريد السعودية معاهدة دفاع مشترك ومنفذا على صفقات الأسلحة المتقدمة وبرنامجا نوويا يتم تخصيب اليورانيوم له على التراب السعودي، إلا أن إسرائيل ومشرعين معظمهم ديمقراطيون ومن ناقدي سجل حقوق الإنسان في السعودية، لا يدعمون أي تنازلات. وتريد السعودية تحسين أوضاع الفلسطينيين ووعودا من حكومة نتنياهو بعدم ضم الضفة الغربية وتفكيك مستوطنات، إلا أن الانفجار في الأحداث الأخيرة يجعل من الصعوبة موافقة الرأي العام الإسرائيلي على هذه المطالب.

وفي الوقت الذي بنت فيه الولايات المتحدة وإسرائيل جبهة لمواجهة إيران التي تدعم الجماعات المسلحة مثل حزب الله في لبنان، إلا أن العناصر المتطرفة في حكومة نتنياهو قد ترفض الموافقة على وقف الضم أو عدم توسيع المستوطنات. ولكن مسؤولين أمريكيين عبروا عن أملهم في إعادة نتنياهو تنظيم حكومته إن كان يحرص على ترك إرث له وتحقيق التطبيع مع السعودية. وكان هناك أمل في أن تمشي السعودية في مسار اتفاقيات التطبيع أو اتفاقيات إبراهيم التي وقعتها البحرين والإمارات مع إسرائيل.

وفي الشهر الماضي وقعت الولايات المتحدة اتفاقية أمنية أقل من معاهدة مع البحرين، وتأمل أن تكون نموذجا لاتفاقيات مماثلة مع دول الخليج. ولكن حجم الهجوم وأخذ حماس رهائن دمرا كل التوقعات. ولو استمرت الاضطرابات كما في الماضي فإن “السيناريو المحتمل هو هجوم إسرائيلي على غزة يؤدي للموت والتدمير”، حسبما يقول جوناثان بانيكوف، النائب السابق بالأمن القومي ومدير مبادرة سكوكروفت لأمن الشرق الأدنى بالمجلس الأطلنطي، مضيفا “كلما طالت سيصبح الشارع العربي أكثر غضبا وسيكون من الصعب على السعوديين القول نعم، وإذا انتهى هذا بسرعة عدنا إلى المسار”.

ودعت حماس الأطراف الأخرى للمشاركة معها، وليس من المحتمل استجابة دول عربية لنداءاتها، لكن هناك مخاوف من إمكانية دخول حزب الله على خط المواجهة، أو إيران التي أصدرت بيان دعمها الخاص لحماس. وكان بايدن واضحا في بيانه حيث حذر بقية الأطراف المعادية لإسرائيل من استغلال الوضع، وكان يعني إيران. وقال المسؤول البارز إن الجمهوريين أفادوا بأن 6 مليارات دولار التي أفرجت عنها كوريا الجنوبية من أجل تسهيل عملية تبادل الأسرى الشهر الماضي بين أمريكا وإيران قد مولت حماس. فالأموال محفوظة في قطر ولا منفذ لإيران عليها ولا توزع إلا من خلال طرف غير إيراني ولأغراض إنسانية.

وفي الوقت نفسه عبر الخبراء الأمنيون والإقليميون عن دهشتهم من طريقة حدوث التوغل بالمقام الأول. وقال ضابط سابق في سي آي إيه وقضى وقتا في الشرق الأوسط إنه مندهش “هذا أمر غير مفهوم، حجم اللوجيستك والتخطيط والتحضير المعقد والمتعدد المسارات، ولكن الجميع لم ينتبه إليه”.

وقال مارتن إنديك، السفير الأمريكي السابق في إسرائيل “ما حدث هو فشل كامل في النظام” و”كانت مفاجأة كاملة، ومن الصعب تصديقها في ضوء اختراق إسرائيل كل أشكال الاتصالات في غزة”. وأحصى إنديك مظاهر العجز: “فشل في التحضير، فشل في وضع القوات عند الحدود، فشل السياج الأمني الذي أنفقوا عليه مليارات الشواقل، فشل في اكتشاف متسللي حماس الذين أمسكوا بالمواطنين الإسرائيليين والجنود، فشل في اعتقالهم وهم عائدون إلى غزة”.

وحذر من تداعيات البحث في الذات داخل إسرائيل التي قد تكون مدمرة على نتنياهو، كما أن الفشل الاستخباراتي المترافق مع “حس أن هذه حكومة عاجزة أمام المتطرفين، التي ركزت على حماية المستوطنين في الضفة الغربية وليس حماية الكيبوتسات على الحدود مع غزة، يحمل إمكانيات الانفجار في إسرائيل”.

ونظرا للهجوم المباغت الذي قامت به حماس وحقيقة أن “إسرائيل كانت نائمة” يجعل من هذا الهجوم مختلفا، كما يقول بلال صعب، مدير الدفاع بمعهد الشرق الأوسط و”في النهاية فالنتيجة لن تكون مختلفة عن بقية الحوادث الأخرى، سيموت الناس الأبرياء وكذا فكرة السلام”. وقال صعب “كان التطبيع السعودي- الإسرائيلي قريبا وللحظة، لكن بعد هذا والفضل يعود لإيران وحلفائها الفلسطينيين الذين لا يفوتون فرصة للتخريب، لا يوجد سوى الغم والهم اللذين يخيمان على كل المنطقة”.








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي