ذي نيويوركر: صفقة التبادل مع إيران خطوة صغيرة جدا ولن تنهي الخلاف العالق معها

2023-09-19

أدت شروط العقد لانتقادات حتى قبل أن يتم تبادل السجناء يوم الإثنين. فمقابل الأمريكيين الخمسة وافقت واشنطن على إطلاق سراح خمسة إيرانيين (ا ف ب)نشرت مجلة “نيويوركر” مقالا للمعلقة روبن رايت قالت فيه إن حرية الأمريكيين الخمسة لن تنهي نقاط الخلاف مع إيران. وأكدت أن تبادل السجناء لن يوقف ما أسمته الأسلوب الإيراني الذي يمتد على عقود.

ففي يوم الإثنين وبعد ثماني سنوات داخل سجن إيفين، المعروف بأوضاعه القاسية، خطا سياماك نمازي خارجا من طائرة الخطوط القطرية التي نقلته للحرية وتوقف لحظة، ومن قمة سلم الطائرة نظر حوله وابتسم ثم لوح بيده، ليس لأحد على التحديد. وبعد دقائق أصدر بيانا من الدوحة قبل أن ينقل لرحلته الأخيرة لواشنطن كي يلتقي مع عائلته، وقال إن “فرحتي التي لا توصف” هي مصحوبة “بشعور عميق ومؤلم بالذنب” فـ”هناك الكثيرون لا يزالون يقبعون خلف جدران سجن إيفين العدوانية” وكل “السجناء السياسيين في إيران يستحقون الحرية”.

وبحسب مسؤول في الحكومة البلجيكية فلدى إيران اليوم 22 معتقلا أوروبيا، بمن فيهم دبلوماسي من الإتحاد الأوروبي. وبالتأكيد، تقول رايت، فإن الإفراج عن نمازي وأربعة أمريكيين آخرين، الذي جاء نتاجا لدبلوماسية متثاقلة استمرت عامين لن يضع حدا للإسلوب الإيراني الذي يمتد على أربعة عقود وسجن مئات الأمريكيين.

ويقول جون ليمبرت، الذي كان واحدا من 52 أمريكيا احتجزوا عام 1979 مدة 444 يوما في السفارة الأمريكية التي سيطر عليها الإيرانيون بعد الثورة ” عمليات اختطاف الرهائن تترك المتحمسين في السلطة وإن كان بثمن بقاء إيران منبوذة دوليا، جواز سفرها لا قيمة له وعملتها غير مهمة”.

كما ان احتجاز الرهائن الأجانب هو جزء من لعبة القوة بين الفصائل المتنافسة في إيران، كما يقول ليمبرت “طالما ظل فصيل ميغا “أو لنجعل إيران عظيمة مرة أخرى”، فهناك حاجة لإظهار أنك تمسك بزمام الأمور، وستواصل التحرك والنشاط مثل احتجاز الرهائن ونزع المصداقية عن الساسة المنافسين، مهما كان الثمن الناجم عن هذا.

وأخبر أحد خاطفي ليمبرت له عام 1979 “هذا لا علاقة له بك، ولا علاقة له بالشاه وليس عن الولايات المتحدة، بل يتعلق بنا، فلدينا أسماكنا في الداخل لكي نقليها “.

وقضى نمازي الزميل السابق في الوقفية الوطنية للديمقراطية ومركز وودرو ويلسون الدولي للباحثين أطول مدة في المعتقل من البقية. واعتقل عام 2015 عندما كان في زيارة لوالديه بطهران واتهم بالتعامل مع دولة عدو. وللضغط على واشنطن، اعتقل الإيرانيون أفرادا آخرين من عائلته بمن فيهم والد نمازي، باقر الذي كان مسؤولا سابقا في اليونسيف. ورفض الإيرانيون الحديث مع نظرائهم الأمريكيين بعد قرار إدارة دونالد ترامب الخروج من الإتفاقية النووية عام 2018. وفرض البيت الأبيض في عهد ترامب عقوبات جديدة تجاوزت الـ 1.500 عقوبة، لضرب اقتصاد البلد. وسمحت إيران في تشرين الأول/أكتوبر الماضي لباقر نمازي مغادرة البلاد للعلاج.

لكن الزخم الدبلوماسي زاد في الربيع وتم من خلال جولات دبلوماسية غير مريحة عبر طرف ثالث، وبخاصة قطر وعمان. وقام المسؤولون في الدوحة الصغيرة برحلات مكوكية بين الوفود الأمريكية والإيرانية التي أقام أفرادها في فنادق مختلفة. وتم تحديد هوية اثنين من الذين افرج عنهم يوم الإثنين وهما مراد طهباز، الخبير البيئي الذي يتابع فهودا آسيوية نادرة واتهم بالتجسس وحكم عليه في عام 2019 بالسجن مدة عشرة أعوام. أما الثاني فهو عماد شرقي، وهو رجل أعمال ومستثمر مالي واتهم بالتجسس وحكم عليه بالسجن مدة عشرة أعوام. ورفض الإثنان الباقيان المفرج عنهما الكشف عن هويتهما.

وأدت شروط العقد لانتقادات حتى قبل أن يتم تبادل السجناء يوم الإثنين. فمقابل الأمريكيين الخمسة وافقت واشنطن على إطلاق سراح خمسة إيرانيين، منهم أربعة احتجزوا بسبب خرق العقوبات ومواد تستخدم لأغراض عسكرية، أما الخامس فلأنه فشل في التسجيل كعميل للجمهورية الإسلامية الإيرانية. وعبر اثنان عن رغبة بالعودة إلى إيران، وطلب اثنان البقاء في الولايات المتحدة وذهب الخامس إلى عائلته في بلد ثالث. لكن البند الذي أثار الخلاف والنقد هو قرار إدارة بايدن منح إعفاء تقوم من خلاله كوريا الجنوبية بتحويل ستة مليار دولار من الأموال المجمدة عن مبيعات نفط. واشترط الإتفاق على تحويل الأموال إلى صندوق تشرف عليه قطر والتي ستتولى دفع الأموال مقابل البضائع الإنسانية التي تريدها إيران، الطعام والدواء والسلع التعليمية والزراعية.

وقال مسؤول أمريكي للصحافيين يوم الإثنين بأنه لن يدخل أي فلس من الأموال إلى إيران. وقال “لقد تم تصميم هذه القناة للحماية ضد غسل الأموال وإساءة استخدام العقوبات الآسيوية والأمريكية” و “لو حاولت إيران حرف الأمولال أو استخدامها في أمور غير الأغراض الإنسانية المحدودة، كما تم التصريح به، فسنتحرك لمنع الأموال”. وسيكون للخزانة الأمريكية صفة رقابية على كل المشتريات الإيرانية. وتتوقع استخدام الأموال على مدى سنوات وليس حالا. ورغم مشاركة الجمهوريين والديمقراطيين في عمليات تبادل السجناء بالماضي إلا أن الجمهوريين شجبوا صفقة بايدن الأخيرة. وقال السناتور عن تكساس تيد كروز إن الستة مليار دولار هي “فدية” دفعتها أمريكا.

واتهم آخرون قائلين إن إيران ستكون قادرة على تحرير الأموال المخصصة لأغراض انسانية واستخدامها في لأغراض عسكرية وخبيثة. وقال السناتور الجمهوري عن أركنساس توم كوتن، “سيأخذ قادة إيران المال ويهربون”. وكتب في الأسبوع الماضي “بحق السماء، ماذا كان يعتقد جو بايدن أنه سيحدث؟”. وقال يوم الإثنين: “اثنان من الإيرانيين اللذين هما جزء من هذه الصفقة الرهيبة سيظلان في الولايات المتحدة، فالترضية المحرجة التي قام بها بايدن لن تجعل إيران قوية فقط بل وتجعل أمريكا أقل أمنا”. وقال السناتور الجمهوري عن ساوث داكوتا جون ثون على صفحته بفيسبوك إنه دعم الجهود التي تجلب الأمريكين من الخارج “لكن إيران ستعد بالات من أموال الفدية، بشكل يضع قادتها في وضع أفضل لتطوير الأسلحة النووية وتمويل الإرهابيين. وسيزيد ثمن الإفراج عن الرهائن”.

والإثنين فرض البيت الأبيض عقوبات جديدة على الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد ووزارة الإستخبارات لدورهما في احتجاز الأمريكيين. وتأمل إدارة بايدن بأن تؤدي الصفقة لمحادثات دبلوماسية تتعلق بالمشروع النووي الإيراني. وبحسب كيلسي ديفينبورت، مدير جمعية الحد انتشار الأسلحة، فقد خصبت إيران الآن أكثر من 65% من اليورانيوم، ولو اتخذت قرارا سياسيا لإنتاج الأسلحة النووية فلديها كميات لإنتاج ثلاث قنابل. وطالما رغبت واشنطن بالتعامل مع إيران في قضايا تخص المنطقة، مثل الهجمات الإيرانية بالوكالة على الأمريكيين في الشرق الأوسط والحرب في اليمن، ولم يكن لدى الولايات المتحدة المساحة للمناورة في هذه القضايا بوجود الأمريكيين في السجن، والتبادل هو خطوة لكنها خطوة صغيرة جدا.

 








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي