في مقابلة مع "لوموند".. وزيرة الخارجية الفرنسية : مقولة "فرنسا- إفريقيا" ماتت منذ فترة طويلة

2023-09-04

وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا في الدوحة في 8 حزيران/يونيو 2023 (ا ف ب)في مقابلة مع صحيفة “لوموند” توقفت وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا عند العلاقات بين باريس والدول الإفريقية، والتي شهد العديد منها مؤخرا انقلابات، حيث دافعت عن مواقف باريس في مواجهة الانقلابيْن اللذين وقعا في النيجر والغابون، على حساب المصالح الفرنسية في كثير من الأحيان، وبررت الإبقاء على السفير الفرنسي في نيامي.

رداً على السؤال: “أليست فرنسا في طريق مسدود بالنيجر؟”، قالت كاترين كولونا إن سياسة فرنسا بسيطة. فمن ناحية، تدين باريس أي استيلاء على السلطة من قبل الانقلابيين، وخاصة في بلد مثل النيجر حيث كانت المؤسسات الديمقراطية تعمل. ومن ناحية أخرى، فإن فرنسا تدعم  جهود دول المنطقة لتحقيق العودة إلى النظام الدستوري. والسلطات الوحيدة التي تعترف بها باريس في النيجر هي الرئيس محمد بازوم وحكومته. وموقفها ليس فريدا من وجهة النظر هذه.

وحول مدى خطورة الإبقاء على السفير الفرنسي في نيامي بأي ثمن. قالت كولونا إن سفير فرنسا في نيامي هو ممثل باريس لدى السلطات الشرعية في النيجر، وليست مضطرة إلى الانصياع لأوامر وزير ليس له شرعية، وهذا ما يفسر الإبقاء على السفير الفرنسي.

وعن مستقبل القوات الفرنسية التي يطالب المجلس العسكري برحيلها، في مثل هذا المناخ القوي من عدم الثقة. قالت كاترين كولونا إنه من المهم التذكير بأن هذه القوات موجودة هناك بناء على طلب سلطات النيجر، لدعمها في الحرب ضد الجماعات الإرهابية المسلحة، وللقيام بأنشطة تدريبية. واليوم، لم يعد من الممكن ضمان هذه المهمة، لأنه لم يعد لدينا، بحكم الأمر الواقع، عمليات يتم تنفيذها بالاشتراك مع القوات المسلحة النيجرية.

وردا على السؤال: “بعد مالي، هل تخشى فرنسا تغلغل مرتزقة فاغنر الروس في النيجر؟”، قالت وزيرة الخارجية الفرنسية إنه يبدو في البداية أن المُدبر الرئيسي للانقلاب (الجنرال تشياني) قد تصرف لحسابه الخاص، وليس بتحريض من فاغنر أو روسيا. ولكن روسيا، هناك، كما في أماكن أخرى، رأت مكسباً محتملاً في الفرص.

وأضافت كولونا: “لست مقتنعة بأن كل شخص في البلاد ينام مع العلم الروسي الجديد تحت وسادته ويخرجه في أول فرصة. هناك إغراء شعبوي لمهاجمة فرنسا ويريدون التجمع ضدها. ومن سمات الشعبوية، العثور على كبش فداء، وإثارة هذا النوع من الملابس الأيديولوجية الجاهزة”.

رداً على سؤال “لوموند” حول انتقاد فرنسا بسبب خطابها المزدوج، الذي يدين من ناحية استيلاء الجيش على السلطة في مالي وبوركينا فاسو والنيجر، في حين يستوعب القوة العسكرية في تشاد. قالت كولونا إن فرنسا ليست هي التي تعقد الانتخابات أو تبطلها، أو تختار رؤساء الدول الأفريقية، أو حتى تقود الانقلابات.

وأوضحت: “في تشاد، أحطنا علما بالفترة الانتقالية ومن الواضح أنه سيكون من الضروري احترام العملية الحالية بالكامل. وفي النيجر، هاجم الجنود الرئيس المنتخب ديمقراطياً والذي كان من المفترض أن يحموه، وكان يعمل على تحديث بلاده، وتحقيق التقدم الاقتصادي والاجتماعي والأمني”.

وعن إدانة فرنسا للانقلاب ضد علي بونغو في الغابون والتي بدت أقل صرامة. ردّت كاترين كولونا بالقول إن العملية الانتخابية في الغابون أثارت، كما حدث في عام 2016، عدداً من الأسئلة. وفي كلتا الحالتين، فإن باريس تتصرف وفق مبدأين بسيطين: الأول هو إدانة الانقلابات وإيجاد حل ديمقراطي للأزمة، والثاني هو أنه لا يتعين على فرنسا أن تحل محل المنظمات الإقليمية، وفي هذه الحالة الاتحاد الأفريقي، والمجموعة الاقتصادية لدول وسط أفريقيا. وأوضحت رئيسة الدبلوماسية الفرنسية أن موقف بلادها  يتلخص في الاستماع إلى الأفارقة، وليس اتخاذ القرار بالنيابة عنهم، معتبرة أن “Françafrique” ( فرنسا- إفريقيا) قد ماتت منذ زمن طويل.

ورداً على سؤال حول ما نشهده من فقدان فرنسا لنفوذها  في أفريقيا، قالت وزيرة الخارجية الفرنسية إن باريس كانت تتدخل في كل مرة لدعم طلبات هذه الدول، مضيفة أن بلادها هي بالفعل شريك أمني موثوق به لشركائها. لقد أثبتت ذلك في منطقة الساحل. وعندما يقل حضورها، يزداد انعدام الأمن. ففي مالي، ضاعفت الجماعات الإرهابية المسلحة مساحة الأراضي التي تسيطر عليها. وفي النيجر، زادت الهجمات بنسبة 600% في شهر واحد. ومن الواضح أن هذه المجموعات تستفيد من الاضطراب الحاصل.

واعتبرت كاترين كولونا أن هذه الأزمات مقلقة، لأنها تعطي أحياناً انطباعاً بأنها تعود خمسين عاماً إلى الوراء. ولكن لا ينبغي لباريس النظر إلى علاقاتها مع القارة الأفريقية من هذا المنظور وحده. ويتعين على فرنسا أن تكون حذرة من تأثير العدسة المكبرة، فليس لأن هناك ما بين ثلاثة آلاف أو خمسة آلاف شخص يتظاهرون بملعب في نيامي، وجزء منهم مدفوع الأجر، هو الذي يلخص علاقات فرنسا مع 1,5 مليار من الأفارقة. أفريقيا ليست منطقة الساحل فقط. فعلاقات فرنسا تتطور مع الدول التي كنا أقل حضورا فيها، مثل كينيا وجنوب أفريقيا وإثيوبيا، توضح الوزيرة الفرنسية، وفي غضون ست سنوات، تم تطوير الشراكات، وقامت فرنسا بزيادة استثمارها التضامني بنسبة 50%، وهي على استعداد أيضا للتعامل مع البلدان التي لديها معها ماض مشترك، والعمل الضروري، والذي لم يأت بالسرعة الكافية، فيما يتعلق بالذاكرة، أو التاريخ المشترك، أو إعادة الأعمال الفنية، بدءا من رواندا والجزائر والكاميرون وبنين، توضح كاترين كولونا.








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي