
نشرت صحيفة “واشنطن بوست” تقريرا للمعلقة جينفر روبين، قالت فيه: “لا تتوقعوا صفقة سعودية- إسرائيلية قريبا.. بل ربما لا تحصل أبدا”.
وتابعت الكاتبة: “لا تصدق كل شيء تقرأه، خاصة عن الشرق الأوسط. ففي الأسبوع الماضي، نُشر تقرير موسع في صحيفة وول ستريت جورنال، أشار إلى أن الولايات المتحدة والسعودية اتفقتا على خطوط عامة لصفقة تعترف فيها المملكة بإسرائيل، مقابل تنازلات للفلسطينيين وضمانات أمنية أمريكية، ومساعدة في بناء مفاعل نووي مدني”.
وتعلق روبين بالقول: “هذا ليس قريبا أبدا”. فالمحادثات تجري بين الولايات المتحدة، والأطراف المعنية منذ وقت طويل، على أمل التوصل إلى صفقة تبني على النجاحات التي أنجزت بين إسرائيل والدول العربية أو ما عرفت باتفاقيات إبراهيم. فرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يشعر أنه أعظم دبلوماسي إسرائيلي، لا يحب شيئا أكثر من صفقة مع السعوديين، يختم بها إرثه السياسي.
وهو يحب بشدة صرف النظر عن الكارثة الاقتصادية والسياسية التي افتعلتها حكومته الائتلافية في إسرائيل، بعد محاولة تركيع القضاء. وهذا لا يعني أن هناك صفقة معروضة أو حتى مرجحة مع السعودية.
وفي إحاطة لوزارة الخارجية يوم الأربعاء، رشّ المتحدث باسمها ماثيو ميلر، الماء البارد على تقرير وول ستريت جورنال، بالقول: “كل ما أقوله، إننا عقدنا محادثات مثمرة، وهناك عدد من القضايا التي ناقشناها مع الحكومة الإسرائيلية والسعودية.. الحوارات هذه مستمرة، وأتوقع حدوث الكثير في الأسابيع المقبلة”. وأضاف: “هناك طريق طويل يجب السير به، والمستقبل غير واضح”.
وكان المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي جون كيربي، أكثر صراحة عندما قال: “لا يوجد هناك توافق على مجموعة من التفاصيل، ولا يوجد توافق على إطار لتقنين التطبيع أو أي اعتبارات أمنية لدينا نحن وأصدقاؤنا في المنطقة”. ولم يؤكد كيربي التاريخ لزيارة نتنياهو إلى الولايات المتحدة، ولهذا لا يوجد ما يشي أن هناك اتفاقا محتوما.
في داخل إسرائيل، تم تلقي تقرير “سلام في وقتنا” بالقهقهة من صحيفة “هآرتس” التي قالت إن “لدى المسؤولين الأمريكيين والسعوديين عمل كبير، وهناك الكثير من الشياطين/ التفاصيل التي يجب أن يتم تجزئتها، وأي منها قد يكون قاتلا ويفشل الدفعة الدبلوماسية”.
وهناك مشكلة أساسية في هذه الاتفاقية، فأي اتفاقية مع السعوديين تقتضي أمرا جوهريا للفلسطينيين، إلا أن الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة مصممة على ضم الضفة الغربية، لا سيما وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، واللذين يتنافسان على مَن يكون الأكثر تطرفا ضد الفلسطينيين.
وفكرة قيام هذه الحكومة بالتنازل عن شيء للفلسطينيين، لا يمكن تصديقها. كما أن السعوديين يتوقعون الحصول على شراكة مع الولايات المتحدة تشبه الناتو، وتعهدا أمريكيا بالدفاع عن السعودية في حالة تعرضها لهجوم، إلى جانب الموافقة على برنامج نووي للأغراض المدنية، وكذا أسلحة عسكرية متقدمة، وقد يجدون أنه لا توجد شهية لدى الحزبين في الكونغرس للموافقة على مطالبهم.
فالسعودية مع الصين تثيران غضب الحزبين في الكونغرس، بسبب حقوق الإنسان. كما أن موافقة الكونغرس على اتفاقية يراها البعض سخية للفلسطينيين، ويراها آخرون بخيلة، تجعل من المحادثات بشأن الملف النووي الإيراني مثل المشي في المنتزه.
وبالتأكيد، تريد الولايات المتحدة الحد من الصفقات التكنولوجية والعسكرية بين الصين والسعودية، لكن هذا ليس مبررا لأي اتفاق يريده السعوديون. وإذا لم يكن هذا كافيا لتبرير الصفقة، فمع مَن يتعامل الأمريكيون والسعوديون والإسرائيليون في الجانب الفلسطيني؟ هل مع الرئيس محمود عباس الذي لا يستطيع التحدث نيابة عن حماس؟
وستتردد السعودية بعقد اتفاقية مع حكومة إسرائيلية تمضي من مواجهة لأخرى، خصوصا مع المحكمة العليا. وهذه الحكومة قد تنهار لو تم التوقيع على اتفاق مع المملكة.
وتقول الكاتبة إنه قد تم التوصل لاتفاق متواضع يضم دعما للفلسطينيين، مشروطا بالإصلاح وإجراءات مضادة للفساد، وانفراجة دبلوماسية محدودة واتفاقيات تجارية معززة بين السعودية وإسرائيل، وتحالف دفاعي ثلاثي ضد إيران، ولكن كل هذا لن يرضي طموحات نتنياهو العظيمة.
ولعل من الواجب انتظار الجميع لرؤية إن كان نتنياهو وتحالفه والديمقراطية الإسرائيلية، ستنجو من الصدام مع المحكمة العليا هذا الخريف. ولو لم يحدث ذلك، فصفقة مع السعوديين ستكون في أدنى قائمة أولويات كل الأطراف المعنية.